الإعلام وإلهامي عجينة وشيمون بيريز!
وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية وجدت ضالتها وقبلة حياتها في جنازة الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، وفي تصريح منسوب للنائب البرلماني إلهامي عجينة يطالب فيه بالكشف على الطالبات لمنع ظاهرة الزواج العرفي، وبصرف النظر عن اختلافي مع تصريحات النائب أو حتى تراجعه عنها واعتذاره، فأنا لا أجد أي مبرر إطلاقا لهذا الهجوم الشديد عليه من كل وسائل الإعلام المختلفة مقروءة، مرئية، مسموعة، إلكترونية..
النائب البرلماني من حقه إبداء رأيه في أي قضية بمنتهى الحرية، والدستور كفل له ذلك حتى لو وصل به الأمر إلى استخدام ألفاظ يعاقب عليها القانون (السب والقذف) طالما كان تحت القبة، ويخدم الفكرة أو القضية التي يتناولها، كما لا يجوز ولا يجب إرهاب النائب عما يقول أو ما يطرح من آراء، لأن البديل هو أن يصمت تماما مثل أبي الهول، كما هو الحال بالنسبة للغالبية الساحقة من نواب المجلس الحالي، الذين لا يظهرون لا في وسائل الإعلام ولا في البرلمان ولا حتى في دوائرهم..
الأولى بالإعلام انتقاد هؤلاء النواب الذين لا يتحدثون ولا يشاركون في المناقشات البرلمانية، الهجوم على عجينة بهذا الشكل هو إرهاب له ولغيره وسوف يجعله يفكر ألف مرة قبل إبداء رأيه، سواء في الإعلام أو تحت القبة أو حتى في اجتماعاته العامة والخاصة..
القضية الأخرى التي شغل بها الإعلام الرأي العام، هي حضور سامح شكري وزير الخارجية لجنازة شيمون بيريز الرئيس الإسرائيلي، وهو إجراء سياسي بروتوكولي طبيعي مع دولة تربطنا بها معاهدة سلام، أما بالنسبة للرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز والذي أفضى إلى ما قدم، فإن المولى تبارك وتعالى سوف يحاسبه عن جرائمه ضد شعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية، إلا أنه وبعيدا عن الحب والكراهية والانفعالات العاطفية التي سببت لنا كوارث، فإن الحكام العرب لو فعلوا لبلادهم وشعوبهم مثلما فعل بيريز لإسرائيل ما كنا وصلنا إلى هذا الحال المزري من الفقر والجهل والمرض وتكالب الدول علينا، فأصبحنا شعوبا لا قيمة لها حتى في أوطانها، ونعاني من شظف العيش وذل المعيشة، ونبحث على أرزاقنا في كل دول العالم رغم ثرواتنا الهائلة، بل إن بعض الحكام العرب ومن أجل الحفاظ على كراسيهم وبسبب فسادهم قتلوا منا أضعاف ما فعل بنا حكام إسرائيل..
كنت ومازلت أتمنى من الإعلام أن يترك مثل هذه القضايا التافهة، ويركز على قضايانا الوطنية الحقيقية، لأن دوره مهم جدا، ولو أن الوقت الذي استهلكته الفضائيات في الهجوم على عجينة وبيريز خصصته في فتح ملف المصانع المغلقة، ومافيا الاستيراد أو مشكلات القمامة وفوضى المرور أو حوادث الطرق وفساد المحليات، وغيرها من القضايا المهمة كان ذلك أكثر فائدة للوطن والمواطن، ولكن ما زال السعي وراء الإثارة وتفاهات الأمور هو المحرك الأساسي لإعلام خسائره بمئات الملايين، ومع ذلك مستمر وهذا لغز كبير يستحق مقالا آخر واللهم احفظ مصر
Egypt1967@yahoo.com