رئيس التحرير
عصام كامل

السلفيون والبرلمان ومعركة اللحية!


أبو إسحق الحويني السلفي المعروف، وعمرو حمروش وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب وسجال أمس حول وجوب إطلاق اللحية أو قصها.. حمروش يقول إن الأزهر وحده صاحب الحق في الفتوى.. وإن في المسألة أكثر من رأي، وللمسلم الحق أن يختار أن يطلق لحيته أو لا..


أبو اسحق يقول إن إطلاقها فرض ديني.. ويقول إن الله أمر بذلك.. ثم يذكر الدليل.. وعندما يقول إن الله سبحانه أمر بها نعتقد أنه سيذكر لنا آية قرآنية إلا أنه على الفور ينتقل ليقول: "اعفوا اللحى وقصوا الشوارب وخالفوا المجوس"، "وهذا معناه كما ذهب أهل العلم وجوب إعفاء اللحية".. وبالطبع لم يفكر وكيل اللجنة الدينية أن يسـأله: وأين هم المجوس اليوم لنخالفهم! ولم يفكر أن يقول له إن هذا الحديث إن صح فهو تشريع يختص بزمن معين وله ظروفه المحددة.. كقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، إن "عليكم بالتجارة فبها تسعة أعشار الربح" ولم يكن وقتها مع التجارة غير الصيد ورعي الغنم ولم يظهر مجال العقارات ولا التأمين ولا الصرافة ولا البورصة ولا الملاحة البحرية وغيرها وغيرها.

ولم يفكر وكيل اللجنة الدينية أن يسأله: وهل كان رفضه عليه الصلاة والسلام من زواج علي بن أبي طالب من ابنة أبي جهل تشريعا أم انحيازا إنسانيا من الرسول إلى ابنته فاطمة؟ وهل يفتي أبو اسحق بتحريم الزواج الثاني وبالتالي تعدد الزوجات أم يدرك أن النهي وقتها كان لسبب محدد ومعين وليس تشريعا ينصرف إلى حياة المسلمين في كل عصر وكل وزمان ؟ علما بأنه قد كان أبو جهل قتل وقتها وأسلم بعض أهل بيته.. وهل كان تأبير النخل تشريعا أم أمرا دنيويا؟ ولم يسأله وكيل اللجنة الدينية أن النبي عليه الصلاة والسلام كان طعامه الحليب والتمر فهل يتوقف طعام أبو إسحق على التمر والحليب؟

للأسف يتوقف السلفيون عند ظاهر النصوص دون إدراك مضمون وحيثيات كل منها ولكنهم في الوقت نفسه لا يقلدون الرسول عليه الصلاة والسلام في التعامل مع أهل الكتاب ولا في الرفق واللين ولا في أعمال العقل كما كتبنا أمس عن التخطيط المحكم في الهجرة النبوية ولا في الأخذ بالأسباب كما في غزوة الخندق والعسكرة خلف بئر بدر في موقعة بدر ولا في اختيار أهل الوظائف وفقا للكفاءة المطلقة وليس وفقا للعلم بالدين أو بالأسبقية للإسلام كاختيار الرسول لخالد بن الوليد لقيادة الجيوش لأنه الأكفأ وليس الأكثر فقها بالدين.

أبو إسحق يذكر سببا آخر لوجوب اللحية وهي لأنها كالعلم تميز المسلمين! ونسأله: ولماذا تريد أن تميز المسلمين؟ هل تعرف أن خراب الدول بدأ بتمييز طوائف من شعوبها؟ وفي أي زمن تعيش يا أبو إسحق؟ بل في أي زمن يعيش كل السلفيين؟!

يا أبا اسحق.. أين أنت من قوله عليه الصلاة والسلام: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" ربما تسمع عنه لأول مرة ولا حول ولا قوة إلا بالله !!!
الجريدة الرسمية