رئيس التحرير
عصام كامل

دروس التخطيط الاستراتيجي الـ 10 للهجرة النبوية !


بعيدًا عن العواطف.. هو رسول الله عليه الصلاة والسلام المبعوث برسالة سماوية يحملها إليه وحي السماء.. وهو النبي الذي تعهد الله سبحانه بأن يعصمه من الناس.. ومع ذلك يشاء الله أن تكون الهجرة النبوية دروسًا في التخطيط وللأخذ بالأسباب وأعمال العقل، ورغم ذلك فالأغلبية من أمة محمد عليه الصلاة والسلام لم تتعلم ولم تستفد ولم تستخلص منها شيئًا..


فالكثيرون لا يعرفون حتى اليوم الفـرق بين التوكل والتواكل ورسولنا يضرب لنا المثل والقدوة نسعى لتقليده في كل شيء إلا في القضايا التي تستوجب التفكير والتدبير.. والكثيرون لم يدركوا ضرورة اختيار التوقيت المناسب للقرارات المهمة.. فقبل وقت الهجرة لم تكن الظروف ناضجة بالحد الكافي لاستقبال الحبيب في المدينة ( يثرب ) ولو تأخرت الهجرة لاشتعلت المعارك في مكة بسبب الإسلام.. ولم يكن للمسلمين وقتئذ القدرة على القتال ولم يكن الرسول مستعدًا لتحميل أهله وعائلته وبنو هاشم أعباء لا يطيقونها ويكفيهم ما مروا به في حصار شعب أبي طالب..

والكثيرون لا يدركون معنى التعامل مع الآخـر بما نؤمن به.. وليس بما يؤمنون به.. ولذلك يستبقي الحبيب ابن عمه الإمام علي كرم الله وجهه ليرد الأمانات إلى أهلها.. رغم أنهم أصبحوا ـ عندئذ ـ في عداء وخصومة معه..

والكثيرون لا يدركون معنى التخطيط الجيد وتحديد الأدوار في الخطة واختيار الشخص المناسب لكل مهمة حسب كفاءته وليس حسب دينه أو اعتقاده.. ومن أجل ذلك كانت أسماء بنت أبي بكر للطعام والشراب وكان عبدالله ابن أريقط ـ ولم يكن مؤمنًا.. للطريق بينما يدير عامر ابن فهيرة عملية التمويه فيسير خلف الركب بغنمه ليمحو أثر الرحلة فلا يتتبعها أحد من خبراء تتبع الأثر.. ومن ذلك نفهم الآتي:

-إشراك المرأة في الأعمال العامة مباح بل واجب
-اختيار غير المسلمين المهام الكبرى جائز والاعتبار للكفاءة وحدها !
-السرية المطلقة.. التي تستلزم الاحتياط والتمويه ومنع الاختراق عبر الدائرة المحيطة والقريبة !

والكثيرون لا يعرفون اختيار التوقيت الأنسب في المكان المهاجر إليه.. فلا ينبغي الهجرة إلى مكان يعاني من أزمة اقتصادية أو تتعرض لكوارث طبيعية ولا يصح الهجرة إلى مكان تهيمن عليه جهة (قبيلة) واحدة ولا ينبغي الهجرة إلى مكان لا يوجد به أنصار لهم حيثية تستطيع أن تستقبل وتحمي.. ولا يصح أيضًا الهجرة إلى مكان غير مهيأ وغير مدرك معنى الهجرة ولا لقيمة المهاجر.. ولذلك كان "مصعب ابن عمير" قد سبق إلى هناك يعلم القوم دينهم وأصوله وأحكامه..

لذلك كله نجحت الهجرة بظروفها الصعبة كأروع ما يكون وكنموذج في التخطيط يستحق التدريس، ولكن يستوجب الفهم والاستيعاب أولا !

رد الاعتبار للعلم والعقل الآن فريضة دينية وضرورة تاريخية وحتمية سياسية!
الجريدة الرسمية