رئيس التحرير
عصام كامل

المقاومة


إذا كان الشعار الذى اتخذه المنتدى الاجتماعى العالمى هذا العام هو شعار "الكرامة"، فإن جوهر المنتدى فى كل أنشطته وفعالياته المتنوعة كان هو المقاومة.. مقاومة كل المحاولات التى تستهدف فرض الماضى على الشعوب العربية التى انتفضت من أجل تحقيق العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.. وذلك يتفق مع هدف تأسيس المنتدى ذات عام ٢٠٠١ فى بورتو بالبرازيل، الذى يتمثل فى مقاومة الرأسمالية العالمية المتوحشة "الفيوليبرالية" ورفض هيمنتها على العالم.


ومنذ البداية جسدت المسيرة الافتتاحية للمنتدى، التى امتدت على طول 3 كيلومترات، روح المقاومة هذه، حيث ارتفعت فيها الشعارات والهتافات بالعديد من اللغات، التى ترفض سلب الكرامة من شعوب المنطقة العربية باسم الدين وبواسطة جماعات ومنظمات نصبت نفسها دون وجه حق حامية للدين وقدم قادتها أنفسهم لشعوبهم بوصفهم وكلاء الله على الأرض وهم ليسوا بأنبياء أو رسل!

وطوال أيام المنتدى الــ5 «٢٦ إلى ٣٠ مارس» مضت مناقشات وحوارات وفعاليات وأنشطة المنتدى التى احتضنتها جامعة تونس لتنعش روح المقاومة هذه فى نحو 30 ألف مشارك فيه، خاصة أن مكان انعقاد المنتدى فرض نفسه على أنشطته.. فهو لأول مرة يعقد فى بلد عربى..

وهذا البلد العربى هوالذى شهد أول ثورة تبحث عن الكرامة والحرية ونمو أفضل خالٍ من أى هيمنة داخلية أو عالمية.. كما أن هذا البلد مثل بقية البلاد العربية الأخرى التى شهدت ثورات مماثلة مهدد بالوقوع تحت هيمنة قوى لا تؤمن بالحرية والديمقراطية ولا بالكرامة والعدالة الاجتماعية، وهى الأهداف التى سعت هذه الثورات لتحقيقها.. وهذه هيمنة أشد وطأه وأكثر قسوة من هيمنة الرأسمالية المتوحشة فى الغرب الأوربى والأمريكى لأنها تجمع بين الاستبداد والتخلف معًا باسم الدين!

كان لافتًا للانتباه أن تكون رسالة المقاومة هى ذات الرسالة التى تبناها المنتدى البرلمانى العالمى الذى احتضنته تونس أيضًا على هامش المنتدى الاجتماعى العالمى..

هكذا كان جميع أنصار الحرية والعدالة الاجتماعية فى العالم !! أجل ما سمى بدول الربيع العربى على الاستمرار فى المقاومة وعدم الاستسلام لطغيان جديد متأثير بأردية دينية زائفة، خاصة أن هذا الطغيان يخطى بمساندة أو على الأقل قبول أصحاب الرأسمالية المتوحشة فى العالم.

لذلك لم تكن مصادفة أنه فى الوقت الذى ضيقت فيه السلطات الحكومية التونسية على المنتدى البرلمانى العالمى، فإن هذه السلطات احتفت بمؤتمر الذى نمه مركز دراسة الإسلام والديمقراطية الموجود فى واشنطن والقريب من حركة النهضة وزعيمها راشد العنوشى لمناقشة الانتقال الديمقراطى فى العالم العربى.. فقد أبدى من الإنفاق الكبير على المؤتمر والوجود الحكومى الواضح فيه وقيام العنوش بافتتاحه أن ثمة محاولة لتبييض وجه تلك الحركات والجماعات التى تسعى لفرض الطغيان الجديد باسم الدين علينا نحن العرب للاحتفاظ بدعم وتأييد أمريكا وأوربا لها.

وهكذا المعركة دائرة ولا سبيل سوى المقاومة.


الجريدة الرسمية