نعمات أحمد فؤاد تكتب: رأيت الله
في كتابها (كتبت يوما) كتبت الدكتورة نعمات أحمد فؤاد مقالا بعنوان (رأيت الله ) تقول فيه:
رأيته في عيادة الطبيب حيث يتحمل الناس الألم والقلق والانتظار.. ساعتان في لهفة وراء صحة الجسم والنفس.. هنا رأيت الله.. رأيت أفضاله وعطاياه.. بلا مقابل.. فإنك تهب يا وهاب السمع والبصر والشم والتذوق واللمس.
من نعمتك يا الله الضياء.. ضياء البصر والبصيرة، ومن نعمتك الخلود والصفاء.. صفاء النفس وبقاء الأثر.
كل فنون الإنسان منك يا واهب العقل المفكر والبصيرة النافذة.. وكل فنون الإنسان منك يا واهب الإحساس المرهف والذوق المترف والخيال المجنح والقلب الشفاف والروح العاشق الرفاف.
كل فنون الإنسان منك يا مانح الموهبة كلمة معبرة أو ريشة مصورة أو أزميلا مشكلا.. فلسفات الإنسان كلها منك يا داعيا لتدبر خلقك في السموات والأرض.
قد يعطى الإنسان للزهو أو الفخر أو اصطناعا للغير،أو اجتلابا واجتذابا للمدح والاضواء ولكنك تعطى للعطاء لا تريد جزاء ولا شكورا، على أن الشكر لك..إنما هو استزادة لعطائك.
إلهى أصلى لك، فقد وهبتنى الحياة بنفائسها كلها، ثم عدت فضاعفت عطاياك حين وهبتنى البنات والبنين، فأنا أراك بقوة لأننى أنظر إليك بعيون كثيرة، وأحسك بعمق لأنك تحل منى في نفوس عديدة، وأحبك في صدق أستمده من سلاح الروح وطمأنينة النفس وإيمان القلب، وأستمده من نقاء الطفولة حولى.. أحبائى وأحباء الله.
كل يوم تتأكد نعمتك على ولست بغافلة، وأجل عطاياك بعد الدين والعقل.. نجابة الأبناء. فقد وهبتنى البنين والبنات.. حبيبتان حياتهما نهر حنان وظل فينان، وصديق وشقيق لأختيه..لأبيه ولىّ.. واحد يفوق العدد الكثير بمواهب العقل فيه..ومواهب القلب معا.
فيوض منك ياربى تفوق كنوز الأرض من المال، وقد أغنيتنى دافق من سخائك لا أستطيع شكره، حتى صلاتى ونسكى لا تؤديان بعض حقك عندى.
الصلاة أنت غنى عنها وثوابها لى رضا وهدى، واعتزازى بفضلك عمن سواك واستشعارى قربك الدائم في علاك.