رئيس التحرير
عصام كامل

جماعة تعادى نفسها


أبرز أزمات الإخوان التى تتحكم فى مستقبل حركتها هى أنها لم تستطع قراءة الثورة بشكل صحيح، حيث اعتبرتها وسيلة للقفز على كرسى الحكم دون أن تنتبه لمفاهيم الثورة، كما لم تقم بتصدير هذه المفاهيم إلى داخل الجماعة، وبالتالى فقد أصبحت فاقدة القدرة عن التعبير عنها.


والحقيقة أن الشعور بالثورة وقراءة مفاهيمها ومن ثم ممارسة هذه المفاهيم ليس شيئا ترفيا، إذ لا بد فى الثورات أن تحدث ثورة داخلية فى المؤسسات والهيئات، ومن لم يستنشق عبير الثورة يعش أبد الدهر بين الكهوف، تسبقه الأحداث والأزمان، والثورة فرصة، والفرصة لا تتكرر، ومن لا يرى القطار فلن يستطيع ركوبه من أبوابه المشرعة إذ سيكون وقتها تحت قضبانه، وإذا كان لكل زمن فكرته ولكل واقع ما يناسبه، فإن واقع مصر الحالية يختلف عن واقعها السابق، لذلك فإن الذى يقف مكانه جامدا على ظن منه أن الوقوف والجمود ثبات على الموقف، تسبقه حتما الأحداث والأفكار، حينها سيبيت نائما فى دواليب التاريخ.

ومن ناحية أخرى لم تدرك الجماعة أنها تستمد قوتها من اختلاف الرأى، وأنها تضعف وتضمحل لو اكتفت برأى واحد ولون واحد، فالاختلاف قوة وصحة، وليس بالضرورة أن يكون الاختلاف تضادا أو المختلف عدوا، فمعظم الاختلاف تنوع، والتنوع يضمن حفظ النوع، وإذا ظنت الجماعة أنها تحفظ كيانها بالتوحد فإنها تكون مخطئة.

فالله جل شأنه حفظ أنواعنا بالتنوع، وفوق هذا فإن وعى شباب وقادة الإخوان قد تشكل على أن نقد الجماعة هو نقد للإسلام، فأصبح صدر الجماعة ضيقا متبرما متأففا، وهى تواجه المختلفين معها والناقدين لها، وقد ترتب على ذلك أن ضاعت عليها فرص ذهبية للتقدم والانطلاق والتلاقى مع كل القوى السياسية الوطنية، وقد خلق لها هذا "التوحد" فريقا واسعا من الخصوم، ومن اتخذ لنفسه عدوًا أفسد على نفسه صديقًا.
الجريدة الرسمية