قضية الفرص الضائعة!
لم يكن المهندس ساويرس وحده، الذي أعرب عن شعوره بالحزن الشديد؛ بسبب عدم تنفيذ حكم قضائي، قاطع وبات.. صادر عن أعلى سلطة قضائية في مصر.. محكمة النقض، حصل عليه الدكتور عمرو الشوبكي يقضي بأحقيته في عضوية مجلس الشعب.
ملايين المصريين شاركوا ساويرس أحزانه بعد أن أحال مجلس النواب الحكم إلى اللجنة التشريعية، رغم أنه ليس من حق أعضائها مناقشة أحكام صادرة عن محكمة النقض.
إنها بحق تعتبر قضية الفرص الضائعة التي كادت أن تبدد بسبب تلكؤ الأطراف المعنية بالتنفيذ الفوري للحكم، وكان بمقدور مجلس النواب أن يستعيد ثقة المواطنين الذين انتخبوه بكامل إرادتهم الحرة.. دون تدخل أجهزة الدولة.. أو ما كان يجرى من تزوير لنتائج الانتخابات في السابق.
راهن المواطنون على جدية أعضاء المجلس الذي انتخب بعد ثورتين في الالتزام بتنفيذ أحكام القضاء، خاصة عندما يصدر عن أعلى سلطة قضائية.. محكمة النقض التي أصدرت حكمها البات القاطع بأحقية الشوبكي بعضوية مجلس النواب، بحصوله على أعلى الأصوات.
وكاد حزب المصريين الأحرار أن يفقد مصداقيته لدى الجماهير التي منحته ثقتها الكاملة، باعتباره حزبًا ليبراليًا يتمسك بالديمقراطية واحترام القضاء حتى لو صدرت لصالح أحد المنافسين لمرشح الحزب، لذلك تدخل ساويرس ليؤكد أن المبادئ لا تتجزأ وأن احترام القانون أكثر أهمية من عضوية نائب، قضت محكمة النقض باستبعاده..
وقال: «أرجو أن يكون تطبيق القانون بنفس الصدق في إصداره»، والأزمة في مصر ليست في إصدار القوانين ووضع اللوائح، إنما في تنفيذ القانون وتطبيق اللائحة، وما ذكره ساويرس في حديثه الصحفي يحدد بوضوح أن الأزمات التي تواجهنا لا تنتج عن قصور القوانين عن معالجتها، إنما بسبب عدم الالتزام بتنفيذ الأحكام حتى لو صدرت عن أعلى سلطة قضائية في مصر.. محكمة النقض، خاصة عندما يكون السبب، مجاملة أعضاء المجلس لزميل لهم، صدر ضده حكم بات وقاطع، علمًا بأن تلك المجاملات تؤدي إلى اهتزاز صورة المجلس.. وتسيء للحزب الذي ينتمي إليه العضو، ولا مجال هنا لإمساك العصا من المنتصف فإما الانحياز إلى أحكام القضاء العادل أو المجاملات غير المشروعة، وقد أكد ساويرس انحيازه للاختيار الأول، وأعلن أنه بغض النظر عن أن النائب أحمد مرتضى منصور، عضو بحزب المصريين الأحرار إلا أن هناك خطورة أن نرضي نائبًا بعدم تنفيذ القانون.
ولم يذع ساويرس سرًا بإعلانه عن خلافه مع الشوبكي، فالرأي العام يعلم أن لكل منهما انحيازاته المختلفة.. وكان بمقدور أحمد مرتضى منصور أن يحظى بتقدير الرأي العام لو أنه استمع لنصحية ساويرس بأن يعطي المثل والقدوة للآخرين بقبوله تنفيذ حكم القضاء.
وكان أمام اللجنة التشريعية بمجلس النواب، فرصة هائلة لتأكيد حيدتها لو أنها رفضت مناقشة الحكم القضائي الصادر عن أعلى سلطة قضائية في الدولة.. محكمة النقض، وإن كان أكثر من نصف أعضاء اللجنة انحازوا لتنفيذ الحكم، علمًا بأنه لا مناص عن تطبيقه إن آجلا، أو عاجلا.
والغريب تجاهل بعض برامج «التوك شو» التي تسعى وراء القضايا الساخنة لتلك القضية التي تشغل الرأي العام ولا شك أن المجاملة كانت وراء هذا التجاهل.
ويكشف ساويرس بصراحته المعهودة عما وراء تباطؤ مجلس النواب في تنفيذ الحكم.. يقول «الشوبكي شخصية مستقلة، والمجلس يفضل الناس اللي راكبة معاه الأتوبيس».
إنها بحق قضية الفرص الضائعة!