رئيس التحرير
عصام كامل

صندوق النقد الدولى الحقيقة والخيال


بعد انتهاء (الحرب العالمية الثانية) والتى بدأت عام (1939) واستمرت حتى نهاية عام (1945) وكانت بين الدول الأوروبية كلا من إنجلترا وفرنسا وأمريكا من جانب وكانت تسمى دول الحلفاء ومعهم بعض الدول الأوروبية الأخرى ومن جهة أخرى كانت ألمانيا وإيطاليا واليابان وكانت تسمى (دول المحور) واستمرت هذه الحرب لمدة 6  سنوات وقد خلفت وراءها مجموعة كبيرة من الدمار الشامل والذى عم معظم دول العالم وقد كانت المعركة الفاصلة فى ذلك فى مدينة العلمين بالإسكندرية.


وقد انتهت الحرب بانتصار دول الحلفاء على دول المحور بعد ضرب اليابان بالقنبلة الذرية وهذه هى المرة الأولى فى التاريخ التى يتم فبها ضرب حرب دولة بالقنبلة الذرية وقد خلفت هذه القنبلة وراءها درجه كبيرة من الدمار أصاب مدينة هيروشيما وكذلك مدينه نجازاكى اليابانية.

وبعد ذلك بدأت أوروبا تتجه للمستقبل وتعيد البناء بمساعدة القوتين الصاعدتين بعد الحرب وهما أمريكا والاتحاد السوفيتى ولذلك تم إنشاء منظمة الأمم المتحدة وكذلك تم إنشاء البنك الدولى وصندوق النقد الدولى ومنذ ذلك التاريخ أصبحت هذه المنظمات الدولية أهم منظمات فى المجتمع الدولى ولها الكلمة الأولى والعليا على جميع دول العالم وبالنسبة لصندوق النقد الدولى فهو يعمل وفق آليات ومحددات معينة وهــــى:-
1) عدد دول الأعضاء فى صندوق النقد الدولى هى 188 دولة.
2) عدد المديرين التنفيذين فى صندوق النقد الدولى 24 مديرًا يمثلون الــ 188 دولة .
3) يتم أخذ الموافقات على القرارات بموافقة (3/2) الأعضاء على الأقل.
4) الصندق يقوم بتقديم النصائح للدول المتعثرة أو التى على وشك الإفلاس أو التى تواجة أى مأزق اقتصادى وتريد المساعدة.
5) الصندوق هو الجهة العالمية الوحيدة التى تقوم بإعطاء شهادة لاقتصاد أى دولة تفيد أن هذه الدولة اقتصادها إما
قوى أو متوسط أو ضعيف أو متعافى أو مريض أو مريض جدا.


وهذه الدرجة الأخيرة تعنى إشارة لكافة المستثمرين والدول المانحة والمنظمات الدولية والإقليمية المانحة للمعونات والمساعدات أن لا تقترب من هذه الدولة.

ومنذ بداية إنشاء الصندوق حتى عام 2005 كان "صندوق النقد الولى" يفرض شروطة ونصائحه على الدول التى تحتاج إلى معونة أو مساعدات ولذلك نشكل لدى جميع الدول الفقيرة، والدول النامية شعور بالعداء لدى هذه المنظمات الدولية.
مما دفع هذه المنظمات الدولية وخاصة صندوق النقد الدولى بألا يفرض شروطة على الدول بل أنه يطلب من الدول أن توافيه بالبرنامج الإصلاحى التى ستقوم به الدولة حتى تحصل على المعونات وعلى الشهادات الدولية بأن اقتصاد هذه الدولة متعافى.

وفى حالتنا مصر نجد أن صندوق النقد الدولى بعد ثورة 25 يناير 2011 كان على استعداد لتقديم المساعدات والقروض على أساس أن مصر قامت بثورة عظيمة وسلمية وملهمة لجميع دول العالم كما أشاد بذلك معظم قادة دول العلم ولكن بتباطؤ وزارة الدكتور / عصام شرف سواء الأولى من (3/3/2011- 4/7/2011) وكان وزير المالية بها هو الدكتور / سمير رضوان أو الوزارة الثانية (5/7/2011- 22/11/20111) وكان وزير المالية بها د/ حازم الببلاوى كان أداء الوزارة المتباطئ وتلاحق الأحداث والانفلات الأمنى وعدم السيطرة على مقاليد الحكم وهذه الأسباب مجتمعة أدت إلى تراجع صندوق النقد الدولى والاتحاد الاوروبى ودول الخليج وكذلك أمريكا عن اعطاء المنح والمساعدات والقروض لمصر ولذلك عندما طلبت مصر مساعدة صندوق النقد الدولى منذ وزارة الدكتور / كمال الجنزورى والتى بدأت فى (22 /11/2011) وحتى (1/8/2012) كانت المفاوضات مع الصندوق تدور حول قرض قيمته (2.6 ملياردولار) وكان يدير هذه المفاوضات كل من الدكتوره / فايزة أبوالنجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولى وممتاز السعيد وزير المالية فى ذات الوزارة ولكن كان مجلس الشعب والذى كان يستحوذ فيه (جماعة الإخوان المسلمين) على نسبة كبيرة من مقاعد المجلس وكان الهجوم كبيرا ومكثفا من جانب أعضاء الإسلام السياسى على وزارة الدكتور / كمال الجنزورى لأنها ستقوم بالاقتراض من الصندوق لأن مصر بها من الخبرات والموارد التى تستطيع أن تستغنى به عن هذه القروض... كما أن الهجوم الآخر كان على أساس أن هذه القروض تعد (ربوية) لأن بها نسبة فائدة حوالى (2%)..

ولكن بعد انتخاب الرئيس محمد مرسى وحلف اليمين يوم السبت (30/6/2012) وبعد تشكيل حكومة الدكتورهشام قنديل يوم الخميس (2/8/2012 )  بدأت عودة المفاوضات مع بعثة الصندوق مرة أخرى واستمرت قرابة السبعة أشهر (من أغسطس 2012 حتى مارس 2013) وكانت نتاج الجولات والرحلات المكوكية هى ثلاث زيارات فى عهد الدكتور / هشام قنديل وآخرها زيارة مسعود أحمد المدير الإقليمى لبعثة صندوق النقد بالشرق الأوسط يوم السبت (16/3/2013) والصندوق كان يتابع عن كثب تنفيذ البرنامج التى التزمت به الدولة وكان ملخصه هو تنفيذ الخطوات الخمس التالية:-
1) رفع الدعم عن (بنزين 95) كمرحلة أولى يتبعها رفع الدعم عن بنزين (92)
2) رفع الدعم عن الكهرباء والمياه لجميع الواحدات السكنية والتجارية والإدارية
3) رفع الدعم عن جميع الصناعات كثيفة استخدام الطاقة
4) فرض ضرائب جديدة (تجارية- ومبيعات - ) على بعض السلع
5) زيادة الاحتياطى النقدى إلى (19 مليار دولار)

وهذه هى المحددات الخمسة التى التزمت بها الدولة كبداية لبرنامج الاصلاح الاقتصادى وقد قامت مصر بتنفيذ 3 شروط من البرنامج ولكن لم تستطيع تنفيذ الشرطين (5،4) ولذلك كانت نصيحة بعثه صندوق النقد الدولى يوم (16/3/2013) لمسئولى مصر بأن لا تتقدم بطلب جديد للحصول على القرض (البالغ 4.8  مليارات دولار) لأنها لن تستطيع الحصول على موافقة الحد الأدنى من الأعضاء وهم (3/2) الأعضاء سواء من الدول (الأعضاء ) أو(المديرين )... وكذلك وافق الصندوق على إعطاء مصر معونة عاجلة بمبلغ (750 مليون دولار) ولكن نجد أن مصر قامت بالآتى:-
1) رفض المعونة العاجلة
2) الإصرار على التقدم بطلب للحصول على قرض الصندوق دون التأكد من الحصول على الحد الأدنى من الأصوات.

وبالتالى فالمتوقع هو رفض طلب مصر من الحصول على القرض وهذا يعنى عدم إعطاء مصر شهادة بأن اقتصادها متعافى.
وهذا يعنى أن جميع الدول والمؤسسات الدولية التى تريد مساعدة مصر بحزمة من المساعدات والمنح والمعونات ستتوقف عن ذلك لأن هذه الدول ربطت بين إعطاء مصر هذه المساعدات وبين موافقه الصندوق.

ولا نعرف حتى الآن هل لدى الحكومة حلول أخرى اذا كانت قد رفضت من قبل الاعتماد على الموارد الذاتية أوعلى الحلول التى تقدم بها عدد كبير من الخبراء... وكذلك رفضت القرض العاجل من الصندوق، وأصرت فقط على إعادة الطلب وهى غير متأكدة من الحصول على الحد الأدنى من الأصوات فى الصندوق ولا تعرف هل لدى الحكومة مفاجأة أخرى ستقوم بتفجيرها فى وجه الصندوق ووجه جميع الدول المانحة ووجه الناصحين لها بالاعتماد على الذات... وقانا الله شر هذه المفاجآت.



الجريدة الرسمية