رئيس التحرير
عصام كامل

قوانين تأسيس الجمعيات حجر عثرة في مسيرتها.. «عبدالناصر» منعها من العمل السياسي.. قانون «84» رخصة للتضييق على الحقوقين.. التسجيل كمكتب محاماة وسيلة للاستمرار..و«التضامن»تت

فيتو

قوانين وتشريعات أقرتها الحكومات المتعاقبة منفردة داخل الغرف المغلقة، تخلت فيها عن قواعد الحوار المجتمعي المشترك مع المعنين بالمجال العام المصري وتحسين حالة حقوق الإنسان، وكان التجاهل سبيلها مع إقرار كل قانون يتعلق بتأسيس الجمعيات الأهلية.


نسخ مختلفة من القوانين المنظمة لعمل الجمعيات الأهلية على مدى ستين عاما، تم تمريرها بين عشية وضحاها، جميعها كانت محل رفض وانتقاد من الناشطين في مجال حقوق الإنسان، بل اعتبروها أداة من أدوات الدولة للتضييق على المجال العام.

قانون رقم 32 لسنة 1964

بدأت المعركة بين الدولة والجمعيات الأهلية مع سن قانون 32 لسنه 1964، خلال حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي منع المنظمات من العمل في القضايا الدينية والسياسية، وشكل هيئة رقابية حكومية للإشراف على أنشطة المنظمات ومراقبة تمويلها، وأعطى القانون الدولة قوة حل المنظمات في حال عدم إبلاغ الهيئة بأعضاء المنظمات الأهلية، وهيئتها التنفيذية ومقر المنظمات، وضع القانون قيودًا عدة على التمويل الأجنبي.

قانون 153 لسنة 1999
استمر قانون نظام عبد الناصر في تقييد المجتمع المدني المصري حتى عام 1999، حينما استجابت الحكومة لضغوط دولية ومحلية لإلغاء القانون، مما دفعها لإصدار قانون رقم 153 لسنة 1999 الذي استمر لسنوات عدة فقط بعد الحكم بعدم دستوريته، قالت المنظمات الحقوقية وقتها إن القانون هو إعادة إنتاج لقانون عبد الناصر، بينما رأت المنظمات الدولية أن القانون الجديد غير كافٍ لضمان استقلال المجتمع المدني في مصر، كما أكدت المحكمة الدستورية أن القانون يتعارض مع ضمانات دستورية بحفظ الحق في التنظيم وتكوين الجمعيات.

قانون رقم 84 لسنة 2002
في بداية الألفية الجديدة التي تميزت بصعود طبقة رجال الأعمال المقربة من جمال مبارك، ابن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، خاض المجتمع المدني أيضا صراعًا استهدف النيل من استقلاله عقب تمرير قانون رقم 84 لسنة 2002 اشتد الصراع حينما عملت المنظمات الحقوقية على مواجهة عنف جهاز الشرطة، والتعذيب، وإهدار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية منضمة بذلك لجموع المعارضين لمبارك ونظامه.

عقوبات صارمة
وفرض القانون عقوبات سجن صارمة على المنظمات العاملة في المجتمع المدني من دون إذن مسبق، مع إعطاء الحكومة سلطة حل الجمعيات، وحظر القانون أيضًا العمل في أي نشاط سياسي أو نقابي، اضطرت الكثير من المنظمات، وفي مقدمتها المنظمات الحقوقية، لتسجيل أنفسها كمكاتب محاماة لتفادي الوقوع تحت طائلة القانون.

توفيق الأوضاع
اتخذ الصراع بين الحكومة والحركة الحقوقية منحى مختلفًا بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، إذ منحت وزارة التضامن الاجتماعي في صيف 2014 -عبر إعلان نُشر في جريدة الأهرام- مهلة زمنية لكل مؤسسات المجتمع المدني لتوفيق أوضاعها طبقًا للقانون أو مواجهة خطر الغلق في حال عدم الانصياع للقانون.

منظمات دولية أنهت أعمالها
كان للمهلة الزمنية الجديدة تأثير كبير على الحركة الحقوقية في مصر، اضطر بعض المدافعين عن حقوق الإنسان إلى السفر خارج البلاد، بينما اضطرت بعض المنظمات الدولية إنهاء أعمالها في القاهرة، وقرر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أن ينقل وحدته الإقليمية والدولية خارج مصر، ليعود الجدل والاحتقان من جديد مع بداية شهر سبتمبر، وتمرير الوزارة التضامن الاجتماعي لقانون جديد دون عرضه للحوار المجتمعي.
الجريدة الرسمية