رئيس التحرير
عصام كامل

الصوت العالى


البعض يدرك أن الصوت العالى هو من مظاهر قوة الإنسان، مما جعل البعض يتفاخر بعلو صوته فى أى مشكلة أو نقاش لفرض رأى، وكأن ذلك هو مدعاة لفرض القوة.


إلا أن الحقيقة ليست كذلك، فالصوت العالى تفسيره للأسف ليس كما يدركه البعض، فهو الصراخ الذى لا يستطيع الإنسان فيه توصيل ما يشعر به ويريد إيصاله للآخرين، ولذلك فهو لا يفرض على الآخرين قوة بقدر ما يفرض عليهم صراخا، ولعل الكثير منا يعلمون ذلك أن من يملك القوة فى السيطرة على نفسه ملك القدرة فى السيطرة على الآخرين، ومن فشل فى السيطرة على نفسه فشل فى السيطرة على تصرفات الآخرين.

مع أن الناس يعلمون أن ارتفاع الصوت هو انحدار القدرة أولا والسيطرة على النفس ثانيا، فدرءا للعواقب التى تتمثل فى التعامل البدنى غير المحسوب والمحفوف بالمكاره، يفضل البعض الانسحاب، والآخر المعاملة بالمثل والآخرون قد يفضلون الهجوم.

ولأن ارتفاع الصوت يعطى انطباع عدم الاحترام، فقد يعتبره البعض إهانة لا تغتفر، لأنها تنتقص من قدرة الإنسان على التفاهم وتعمل على استشعاره للقوة والتهديد.

الحياة تفاهم وتفهم وإدراك وردود أفعال وآمال وتوقعات وخبرات مهما سمعنا عن خبرات الآخرين لا تساوى نتائج تجربة شخصية واحدة عانى فيها الإنسان الألم، واستفاد منها ما لم يستفده من سماع أحداث أو مواقف.

قد يفرض علو الصوت صمتا إلا أن ذلك الصمت ليس بضعف وإنما قوة، وغالبا ما يقولون فى المفاوضات، التى تظهر مدى قدرة الفرد على السيطرة على الأمور واختبار القدرات المتفاوتة، إن صاحب الصوت العالى هو المهزوم دائما ويكون دائما صاحب العرض الأول ولكنه الخاسر فى النهاية.

علينا أن نعلم أولادنا كيفية التحكم فى النفس أولا، وفى درجة ونبرة الصوت ثانيا، وإعلامهم أن ارتفاع درجة الصوت ليس دليلا على القوة، ولكنه دليل على الضعف، ولأننا نناقض بالحجة والإقناع فهى تتطلب نفسا هادئة غير منفعلة، تسمع وتنصت بفاعلية حتى تتفهم الكلمات والمشاعر والأحاسيس لتنتقل المشاعر إرسالا واستقبالا، ولابد من التأكد أن ما تم إرساله من معلومات هو بالفعل ما أدركه الطرف الآخر، وللأسف فى كثير من الأحوال نعتبر أن الآخرين يعرفون كل ما بداخلنا وهذا سر الاصطدام.


الجريدة الرسمية