رئيس التحرير
عصام كامل

حميدان: التنمية العربية لا تعكس موافقتها على اتفاقية باريس للمناخ

 وائل حميدان مدير
وائل حميدان مدير الشبكة العالمية للمناخ

يعتبر اعتماد العديد من الدول العربية على الوقود الأحفوري كمصدر رئيسي للطاقة واحدًا من أكبر التحديات التي تواجه المنطقة العربية فيما يخص قضايا التغير المناخي وذلك بحسب وائل حميدان، مدير الشبكة العالمية للمناخ.


وقال حميدان على هامش مشاركته كمتحدث في قمة فرص المناخ، التي تنعقد في مدينة نانت الفرنسية من 26 إلى 29 سبتمبر الجاري، إن عدة دول عربية من بنها دول الخليج والجزائر يعتمدون بصورة رئيسية على الوقود الأحفوري وبحسب الاتفاقية التي وقعت في باريس، عليهم التخلي عن هذا المصـــدر من الدخل الوطني بحلول منتصف القرن الجاري، وهو ما يمثل تحديًا بارزًا لهذه الدول.

ويجتمع ممثلــو المؤسسات غير الحكومية في 100 دولة حول العالم في مدينة "نانت" الفرنسية من أجل مناقشة قضايا تغير المناخ بعد توقيع أول اتفاق عالمي بشأن المناخ خلال المفاوضات التي عقدت أثناء مؤتمر الأمم المتحدة 21 للتغير المناخي في باريس في 2015.

"كيف يمكن أن تحول دول الخليج اقتصادها خلال 35 سنة من اقتصاد يعتمد على الوقود الأحفوري إلى مصادر أخرى متنوعة.. اقتصاد الخليج بني على بيع النفط، ولكن نستطيع أن نبرز شجاعتهم بإعلان استعدادهم التخلي عن النفط في مؤتمر باريس. 

ويقول حميدان إنه متخوف من عدم وجود معرفة كافية لدى الحكومات الخليجية بتأثير استمرار الاعتماد الكلي فى النفط مستقبلا، ويشير إلى أن الاتفاق يتطلب أن تتحول هذه الدول إلى استخدام الطاقة المتجددة وتغيير اقتصادها في أسرع وقت ممكن.

ويجمع العلماء على أن المصدر الأساسي لثاني أكسيد الكربون في الجو ناجم عن إحراق الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة وقطاع النقل.

"نحاول القيام بخطوات ملموسة والإمارات قامت بعمل اجتماع وزاري لمناقشة مستقبل ما بعد النفط وكذلك السعودية تتخذ خطوات مهمة وبدأت في بيع شركة أرامكو تدريجيا، هذا عظيم ولكن ما زال هناك بعض التخوفات حول الخطط التنموية".

ويقول حميدان إن أبرز التحديات الأخرى فيما يتعلق بالتغير المناخي، تتمثل في النزاعات التي تحدث في المنطقة مثل الحرب الأهلية في سوريا فلا يمكن أن يكون هناك نقاش حول طاقة متجددة في سوريا الآن وسط الصراع الدائر حاليًا، مشيرًا إلى أن قضية التغير المناخي هي قضية سياسية بالدرجة الأولى ولكن المساحة السياسية حاليًا ضيقة لمناقشتها بسبب النزاعات.

وأشارت دراسة أمريكية نشرت في مارس الماضي إلى أن التغير المناخي وما نجم عنه من جفاف كان عاملا رئيسيا في إشعال فتيل الغضب الشعبي في سوريا.

وكتبت أستاذة الاقتصاد السياسي السورية وجيهة مهنا أن "الجفاف بين العامين 2006-2009 طرد مئات آلاف البشر من مناطق استقرارهم في موجات هجرة صبت في ريفي حلب ودمشق. هذه المُستَقَرّات الجديدة للنازحين كانت مناطق مُستَبعَدَة سلفًا من خطط التنمية الحكومية والدعم"، وشرحت أن الجفاف ضرب أساسًا منطقة الجزيرة التي تضم ثلاث محافظات تشكل 40% من مساحة سوريا ويقطنها أربعة ملايين شخص.

وتقول مهنا في دراستها، إن ذلك أدى إلى إثقال كاهل المدن التي نزح إليها سكان القرى والأرياف الذين وجدوا أنفسهم وقد فقدوا مصادر رزقهم بسبب موجات الجفاف المتتالية.

يؤكد حميدان أن الدول العربية بحاجة إلى اجتماع جذري لمناقشة قضية تغير المناخ ويشير إلى دراسات حول علاقة الجفاف في سوريا بالنزاع الذي تفجر عام 2011.

قمة المناخ المقبلة في المغرب سوف تساعدنا كثيرا، هناك عدة نشاطات تحدث في العالم العربي ولكن ليست على المستوى المطلوب.. هناك معامل للطاقة المتجددة في المنطقة العربية يجب أن تستغل بشكل جيد.. السير نصف المشوارع سوف يكون سيئًا"، ويشير حميدان الأموال التي تذهب للطاقة المتجددة عالميا تصل إلى نصف ترليون دولار فقط فين حين يحتاج العالم بحسب توصيات قمة باريس إلى 2 تريلون دولار للإنفاق على الطاقة المتجددة.

وتستضيف مدينة مراكش المغربية ما بين 7 و18 نوفمبر القادم القمة الـ22 للمناخ، التي سيكون من أهم رهاناتها التصديق على اتفاق باريس الموقعة من طرف 195 بلدًا لمجابهة التغيرات المناخية.

يؤكد حميدان أن هناك دولًا صدقت على اتفاقية باريس ولكن الخطط التنموية في البلدان على المستوى الوطني لم تتغير لتلائم الاتفاقية و"يجب عليها مراجعة كل الخطط مثل جميع الدول العربية، بالإضافة إلى الهند، البرازيل، أمريكا، اليابان وأستراليا".

"هناك خطط في بعض البلدان ولكن يجب أن تكون أقوى وتلائم اتفاقية باريس التي حققت تغييرًا حاسمًا في مسألة الاعتماد على الطاقة المتجددة".

العديد من الدول عملت خطط ولكن ليست ملائمة لاتفاقية باريس.. شيء آخر مهم.. العمل على تغير المناخ بدأ من التسعينيات… الطاقة المتجددة من زمان ولكن باريس حطت الهدف الرئيسي. 

ويراهن المغرب -بحسب المراقبين- على إنجاح قمة الأرض والمناخ في نوفمبر 2016 كحدث للسنة يشد انتباه العالم، وسبق أن استضاف المغرب في يونيو الماضي المنتدى العالمي الأول لمنظمات تهتم بشئون المناخ تحضيرًا للقمة المرتقبة في مراكش، بمشاركة وزراء وخبراء وممثلين للمجتمع المدني والمنظمات الدولية ورجال أعمال.

ويختتم حميدان بقوله: "أملنا كبير في المغرب، يجب أن نقدم للعالم نموذجًا لإنشاء الطاقة المتجددة وليست مجرد اتفاقيات تستطيع أي دولة أن تنحسب منها.. سعر إنتاج الطاقة المتجددة بالمغرب أرخص من أي بلد آخر".
الجريدة الرسمية