شهادة فقر لمواطن وتذكرة بزنس لوزيرته !
قد تحاكم إذا قمت بكتابة خبر أو مقال من شأنه أن يثير روح التشاؤم بين المواطنين، فتحاكم وتعاقب على شىء هلامى افتراضى، وقد تتهم بأنك تنتمى لجماعة الإخوان المحظورة والتي سبق لك ولغيرك أن هاجموها بضراوة وشدة في مرحلة حكمها القصيرة جدا، بالأمس تم اتهامك بالكفر من قبل اليمين الدينى واليوم قد تتهم بالخيانة وبث روح اليأس والتشاؤم.. ما أبأسنا.. بلاها كتابة أحسن!
إذن عليك أن تتحسس قلمك جيدا قبل أن تكتب. أو أن تقوم بهدهدة لوحة مفاتيح حاسبك الشخصى وتترجاها أن تلتزم بما تريده الدولة وفقط.. ولم كل هذا ؟!! ما جدوى الكتابة في وطن يصر كبراؤه على المكابرة وخلق عالم افتراضى مواز يشهد لهم بأن الأحوال على خير ما تكون وأن السعادة تغمر الملايين من المصريين.. إزاى يا عمنا! أهو كده بالعافية وخلاص واللى مش عاجبه ممكن يحصل تنظيم الإخوان المكون من 11 فردا ممن يقومون ببث روح التشاؤم.. طيب وربنا أنا مش إخوان ويسارى الهوى والهوية سياسيا وضد الرأسمالية واليمين سواء كان دينيا أو التحف بأى مسمى آخر.. طيب مثلا هل سيتم تسميتنا بالإخوان الشيوعيين أو الإخوان الاشتراكيين! أو ربما الإخوان الليبراليين إن كنا ندعو للحرية والعياذ بالله.. إذن فلنرقص جميعا ونسمى أنفسنا بالإخوان الراقصن الذين يدعون لنشر روح التشاؤم بالرقص !
وبالأمس فقط، وعقب بث كلمة السيد الرئيس المطولة والتي تطرق فيها لأمور شتى من ضمنها الحصول على (الفكة) لصالح مشروعات خدمية بالدولة والذي أثار الكثير والكثير على شبكات التواصل وفى الشارع المصرى، وبالطبع أجهزة النظام تعلم ما قيل تفصيلا، حيث تندر الكثيرون عن دولة تريد تجميع الفكة بينما هناك المليارات المجمدة لها في شكل ضرائب عند من درج تسمية البعض منهم برجال الأعمال قادرة على حل مشكلات مصر الاقتصادية لسنوات ولكن.. أكمل مكان النقط ما تريد... وهناك مليارات أخرى يقبضها السادة مستشارو الوزارات للتليمع الإعلامي وللمنجهة والعنطزة وللمجاملة ولعلاقات من المؤكد أنها ضد مصلحة الوطن والدولة والنظام، ولكن لم يتحدث الرئيس عنها مطلقا.. هناك مليارت أخرى تذهب كرواتب فلكية لجهات معينة يتحدث عنها الشعب جهارا في المقاهى وفى الشوارع وفى البيوت وحتى في الإعلام ولكن النظام لم يصدر لنا قرارا جريئا بتخفيضها أو بتحجميها أو حتى بفرض ضريبة كبيرة عليها... لماذا.. الله أعلم بالطبع والنظام أيضا يعلم..
وللعلم فقط وفى السعودية التي يبلغ دخلها أرقاما فلكية بالنسبة لأم الدنيا، قام العاهل السعودى بتخفيض رواتب الوزراء بمقدار 20 % ومكافآت أعضاء مجلس الشورى بــ 15 % كنوع من التقشف... حقا هذا يدعو للتفؤل مهما اختلفت مع النظام الذي يحكمك هناك لو كنت مواطنا سعوديا، فماذا حدث عندنا يدعو للتفاؤل وهناك موظفون في الدولة لا يصل راتبهم الشهرى لألف جنيه بينما هناك من ينفقون هذا المبلغ في قعدة ظريفة في أحد البارات والكافيهات لأن الدولة تمنحهم راوتب فلكية ولا تنتظر منهم فكة أو مجمدا !
وبالأمس فقط وإيثارا للسلامة الشخصية، أنقل عن موقع البديل هذه المرة هذا الخبر وتلك الواقعة التي تعنى الكثير لمن يحس ويشعر أو لديه قليل من الحياء الإنسانى المجرد عن أي انتماء أو هوى، قالت (البديل) إن العشرات من المواطنين المصريين في محافظة المنيا قد اصطفوا وازدحموا من أجل الحصول على شهادة فقر موثقة من الشئون الاجتماعية حتى يتم إعفاء أبنائهم من مصاريف الدراسة.. فين بقى الدراسة دى وكم تبلغ تلك المصروفات، في المدارس الدولية مثلا والتي تكلف ثروة بعيدة عن ملايين المصريين.. بالطبع لا في مدارس الحكومة والتي تبلغ في حدها الأدنى 60 جنيها ولا تتجاوز في حدها الأقصى 90 جنيها !
لا داعى للتشاوم إذن، فالمواطن يمكنه الحصول على شهادة بفقره وبؤسه.. تفاءل يا رجل ولا تبتئس.. تفاءل وابتستم وأنت ترى أناسا تهين أنفسها وتهدر ماء وجهها بسبب 60 أو 90 أو حتى مئات الجنيهات التي لا تمنحك وجبة في مطعم متوسط في القاهرة.. ابتسم وأنت ترى هؤلاء يفعلون ذلك بأنفسهم من أجل هذا المبلغ التافه مما يدل على أنهم دون خط الحياة وليس دون خط الفقر حسب التعبير الدارج..
على جانب آخر، ومن موقع اليوم السابع المقرب من الدولة، نشر زميل آخر أن السيدة الفاضلة غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى.. آه والله اسم الوزارة كده والست غادة وزيرتها ومسئولة عن الفقراء الوحشين دول وشوية المساكين والمعدمين الذين لا جدوى من وجودهم أساسا، حيث ألغت غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى، سفرها إلى لندن وذلك بعد أن فوجئت بأن المقعد المخصص لها على متن الطائرة في المقاعد الاقتصادية، الوزير، عاوزة تذكرة بنزنس مريحة، حقها تماما كما من حق مواطنى وزارتها الحصول على شهادة فقر من أجل 60 جنيها.. ابتسم وتفاءل وأنت تراه يهدر وقته وعمره حتى يفوز بشهادة فقره ويحمد الله بعد نجاحه في الحصول عليها حتى يوفر للوزيرة تذكرة بزنس فاخرة.. تفاءل والنبى تفاءل يا شيخ.
fotuheng@gmail.com