ليسوا إخوانا وليسوا سُنَّة
يبدو أن كثيرًا منا لا يزالون إلى الآن يقرءون جماعة تنكبت المسار وضلت السبيل بسبب أنها تفهم الدين فهمًا مختلفًا ليس إلا، هؤلاء في الحقيقة لم يعرفوا شيئًا عن الإخوان، ولم يفهموهم، ولم يدركوا توجهاتهم الخفية، لذلك كان يملؤني العجب قبل ثورة يناير عندما كان بعض المتعالمين الظانين بالإخوان قراءة خاطئة، فيظنون أنها جماعة وطنية تؤمن بالوطن وتعمل من أجله، غاية الأمر أنه ظن الخير يطالبون بضرورة دمج الإخوان في المسار الديمقراطي للبلاد! كنت أقول وقتها: أي مسار هذا! ألا يعلمون أن الإخوان لا يؤمنون بالديمقراطية أصلا؟!
هل انخدع هؤلاء بالخطاب المزيف للإخوان الذي استخدموه كتقية يخفون خلفه مشروعهم الذي يرمي تدمير البلاد، ولكي أكون منصفًا ينبغي أن أجري قسمة لتلك الجماعة، فأضع قسمًا منهم في المقدمة، هؤلاء هم القادة الذين يديرون مشروع الإخوان السري الذي يستهدف تدمير الدولة المصرية، أولئك نستطيع أن نعدهم بالمئات إلا قليلا، أما القسم الآخر فهم جمهور الإخوان المنظم الذي خضع لقواعد تربوية صارمة تجعل من ثقته في القيادة وطاعته لها إيمانا يوازي إيمانهم بالرسول صلى الله عليه وسلم، هذه الآلاف التي هي داخل التنظيم يتم توظيفها للقيام بأدوار محددة تصب في المصلحة العليا للجماعة، تلك المصلحة التي يخفونها عن الجميع، حتى عن المقربين منهم، والأفراد المغيبين ينفذون الأوامر وكأنهم ينفذون نصوصًا قرآنية آمرة.
ولنعد إلى الطبعة الأولى من كتاب سيد قطب "معالم في الطريق" حيث نجد صفحات قليلة يُعدها قادة الإخوان "المانفيستو" الخاص بالجماعة، وفي هذه الصفحات قال قطب: "إن مهمتنا الأولى هي تغيير هذا الواقع الجاهلي من أساسه، هذا الواقع الذي يصطدم اصطدامًا أساسيًا بالمنهج الإسلامي، وبالتصور الإسلامي، والذي يحرمنا بالقهر والضغط أن نعيش كما يريد لنا المنهج الإلهي أن نعيش، إن أولى الخطوات إلى طريقنا هي أن نستعلي على هذا المجتمع الجاهلي وقيمه وتصوراته، وألا نعدِّل في قيمنا وتصوراتنا قليلًا أو كثيرًا لنلتقي معه في منتصف الطريق. كلا ! إننا وإياه على مفرق الطريق، لذلك ليس هناك من مفر، ولسنا مخيرين إذا نحن شئنا أن نسلك طريق الجيل الأول الذي أقر الله به منهجه الإلهي، ونصره على منهج الجاهلية، ولذلك ليس أمامنا إلا هدم المجتمع الجاهلي برمته لنقيم بدلا منه مجتمعنا المسلم".
حفظ قادة الإخوان هذه المقدمة عن ظهر قلب، وآمنوا إيمانًا يقينيًا بوجوب هدم المجتمع "الجاهلي" لإقامة مجتمع إسلامي بدله، ولذلك فإن هذه الجماعة التي تحمل هذه الأفكار ليسوا إخوانًا لنا وليسوا من أهل السنة بل هم من خوارج هذا الزمان.