رئيس التحرير
عصام كامل

محطات تاريخية في مسيرة الحركة الحقوقية المصرية.. نبيل الهلالي الأب الروحي لها.. «سيف الإسلام» و«هشام مبارك» قادا حربا ضروس دفاعا عن الحريات.. «النديم» ولد من رحم التعذيب.

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

معركة حقوق الإنسان في مصر لم تكن أبدًا وليدة اللحظة الراهنة، فهناك شخصيات تاريخية قادت معركة شرسة في وجه الأنظمة والحكومات المعادية لإعلاء قيمة الإنسان وحريته، تلك المعركة التي قادها رواد الحركة الحقوقية منذ خمسينيات وستينيات القرن الماضي، حينما بدأ مصطلح حقوق الإنسان في الظهور بالتدريج في الوعي الجمعي.


قديس اليسار المصري
قياديو الحركة التي حرص المنتمــون لها أن تحمل مراكزهم أسماءهم امتنانًا لدورهم، يتذكرون الأيقونة الحقوقية المحامي أحمد نبيل الهلالي، الذي لُقب بـ«قديس اليسار المصري»، والمنحدر من عائلة برجوازية، والذي شغل والده أحمد نجيب الهلالي منصب «آخر رئيس وزراء للملك فاروق».

مسيرة الهلالي
أسس الهلالي الحركة الشيوعية المصرية ثم الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني تلاهما حزب الشعب الاشتراكي، كانت العدالة الاجتماعية همُّه الأول، اهتمامه بقضايا العمال والفلاحين كان سببًا في اعتقاله مرتين إبـان حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، قضى في الأولى خمس سنوات من الاعتقال بدءًا من عام 1959، ثم سُجن لمدة أربع سنوات أخرى في عام 1962.

«الدولة» المتهم الأول
في أواخر ثمانينيات القرن الماضى، دافع الهلالي عن الإسلاميين الذين تم القبض عليهم إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك بعد مقتل الرئيس الراحل أنور السادات، بالإضافة إلى دفاعه عن عمال السكة الحديد الذين نظموا إضرابًا عن العمل عام 1986، وتمت محاكمتهم أمام محكمة أمن الدولة عليا طوارئ وتمت تبرئتهم، مثّل الهلالي أيضًا أهالي ضحايا «قطار الصعيد المحترق» في 2002، وقال حينها في مرافعته التاريخية: "الدولة" هي المتهم الأول.

كانت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان من أوائل المنظمات الحقوقية في مصر التي تأسس في عام 1985، إذ عملت بشكل أساسي على توثيق الانتهاكات الحقوقية، أسهم في تأسيسها لفيف من رواد الحركــة الحقوقية، ومنهم نجيب الهلالي وعايدة سيف الدولة وهاني شكرالله ومحمد السيد سعيد وغيرهم.

سيف عبد الفتاح
كان الحقوقيان أحمد سيف الإسلام حمد وهشام مبارك خليفتي الهلالي في مشوار الحركة الحقوقية، حيث وضعا حجر الأساس لشبكة قوية من المنظمات الحقوقية التي دخلت مجال العمل المدني في مصر منذ بداية التسعينيات، أسس مبارك في 1994 المنظمة الحقوقية الأولى المهتمة بشكل حصري بمتابعة حالة حقوق الإنسان في مصر، وسماها "مكتب المساعدة القانونية لحقوق الإنسان".

مركز هشام مبارك
توفي هشام مبارك عام 1998، تاركًا سيف الإسلام ليكمل المسيرة، الذي أسس في عام 1999، مؤسسة حقوقية مهمة أخرى بهدف توفير المساعدة القانونية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، أصبح مركز هشام مبارك للقانون حجر ارتكاز للحركة الحقوقية المصرية، حيث افتتح المركز فرعين له بمحافظتى القاهرة وأسوان، وبات في الصدارة للدفاع عن حقوق المعتقلين السياسيين والمتظاهرين وضحايا التعذيب أيضًا، تعرض مقر المركز في وسط القاهرة للهجوم من قبل المخابرات المصرية، بالإضافة إلى مكاتب حقوقية أخرى خلال ثورة الخامس والعشرين من يناير.

مركز النديم
في عام 1993، أسست أستاذة الطب النفسي بجامعة عين شمس عايدة سيف الدولة، مركز "النديم" لتأهيل ضحايا التعذيب لتقديم الدعم القانوني والنفسي لضحايا التعذيب والاستغلال الجنسي، بالإضافة إلى أي أشكال أخرى لانتهاكات حقوق الإنسان، في 2001، قال المركز: إن معدلات العنف الجنسي في تزايد، مما دفع إدارة المركز لإنشاء وحدة خاصة للتعامل مع ضحايا العنف الجنسي والمنزلي.

مساعدة السجناء
بطريقة مماثلة، تم تأسيس جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء في 1998، للعمل من أجل تحسين ظروف السجناء في المؤسسات العقابية، وكانت قضية التعذيب على يد جهاز الشرطة أهم القضايا التي عملت عليها الجمعية والحركة الحقوقية جمعاء فيما بعد.

القاهرة لحقوق الإنسان
وفي عام 1993، وباهتمام إقليمي، تأسس مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، برئاسة الحقوقي بهي الدين حسن، اهتم المركز بحملات المناصرة المبنية على البحث من أجل تغيير السياسات والقوانين وتقريبها من معاهدات وقوانين حقوق الإنسان الدولية، يتمتع المركز بوضع استشاري خاص في المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة، وصفة المراقب في اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، المركز عضو في الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان، والشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية الرأي والتعبير «إيفكس»، وحاصل على جائزة الجمهورية الفرنسية لحقوق الإنسان لعام 2007.

المبادرة المصرية للحقوق
في 2002، بدأت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية العمل في مجال مكافحة الانتهاكات الحقوقية في مجال الحقوق الشخصية، بالذات في مجالي الحريات الجنسية والدينية، أسس المبادرة الحقوقي حسام بهجت، الذي كان وقتها خريجًا جديدًا في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، في هذا الوقت، اقترض بهجت من سيف الإسلام مبلغًا قيمته خمسة آلاف جنيه لتأسيس مكتب المبادرة، التي تطورت الآن وأصبحت رائدة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، بتوسيع مجال العمل على القضايا الحقوقية وتنوع وسائل الضغط التي استخدمتها الحركة.

الشبكة العربية
في 2004، تم تأسيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان على يد المحامي الحقوقي جمال عيد، للعمل على مواجهة انتهاكات في مجال حرية الفكر والتعبير في مصر والعالم العربي، أيضًا تم تأسيس مؤسسة حرية الفكر والتعبير في 2006، بهدف دعم حرية الوصول إلى المعلومات وإتاحتها، وحرية الإنترنت، والحريات الأكاديمية، بالإضافة إلى حرية الإعلام والإبداع الفني.

مركز نظرة

كان للحركة النسوية أيضًا نصيبها من نضال الحركة الحقوقية المصرية، إذ أسست الناشطة النسوية مزن حسن مركز "نظرة" للدراسات النسوية، لدعم خطاب نسوي جديد في مصر من خلال خلق المعرفة بالقضايا النسوية القائمة على البحث في قضايا حقوق المرأة، من خلال تنظيم مدارس نسوية للتوعية بالنظريات النسوية وتاريخ النضال النسوي.

مؤسسة المرأة الجديدة
قبيل إنشاء "نظرة"، تم تأسيس مؤسسة المرأة الجديدة ورابطة المرأة العربية في 1986، عن طريق ناشطات من جيل السبعينيات مثل: فاطمة خفاجة وهدى بدران وأمل عبد الهادي. في عام 1995 تم تأسيس مركز "قضايا المرأة المصرية" لتقديم المساعدة القانونية للنساء ضحايا العنف الجنسي من ضمن مهام وأدوار أخرى عدة.

جبهة الدفاع عن المتظاهرين
في 2008، وبعد اندلاع شرارة احتجاجات عمال المحلة بسبب الأجور غير العادلة والتظاهرات المصاحبة للاحتجاجات، تم تأسيس جبهة الدفاع عن متظاهري مصر، التي ضمت منظمات حقوقية ونشطاء حقوقيين مستقلين من أجل الدفاع عن حق التظاهر والتجمع السلمي.

مركز خالد على

مع استمرار سياسات الخصخصة التي طبقتها الطبقة الحاكمة النيوليبرالية إبان حكم مبارك، أسس المحامي الحقوقي خالد على المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بضم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لحزمة الحقوق التي تعمل من أجل دعمها الحركة الحقوقية المصرية.

انتصارات حقوقية
خاض المركز معركة قانونية ضارية من أجل كشف الفساد المستشري في صفقات خصخصة الشركات والمصانع المملوكة للدولة، مثل: عمر أفندي، شركة غزل القطن وشركات ومصانع أخرى، ربح المركز العديد من هذه المعارك حينما نجح في إصدار أحكام قضائية بعودة الكثير من هذه الشركات إلى القطاع العام. 

كان الحكم القضائي ببطــلان بيع أرض مدينتي لرجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، أحد أكبر انتصارات المركز في قضايا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية؛ حيث كشف المركز عن بيع أراضٍ مملوكة للدولة إلى رجل الأعمال بثمن بخس لبناء المجمع السكني الترفيهي، من خلال المركز، نجح علي أيضًا في انتزاع حكم قضائي لإلزام الحكومة بوضع حد أدنى للأجور للعاملين بالدولة.
الجريدة الرسمية