رئيس التحرير
عصام كامل

الرئيس خرج.. ولم يعد


إذا كان الرئيس مرسى يحترم القضاء حقا، كما يعلن قولا، ويحدث العكس، وإذا كان يريد لهذا الوطن سلاما واستقرارا، كما يعلن قولا، ويناقض أداءً؛ فإن أول ما يجب أن يفعله، هو أن يبادر إلى تنفيذ حكم الاستئناف ببطلان قراره بتعيين المستشار طلعت عبد الله نائبا عاما.


 فريقان منقسمان.. أحدهما بالرئاسة والحزب والجماعة، والثانى نائب رئيس محكمة النقض المستشار عبد الله فتحى.. ثم، والمفاجأة من المستشار محمود الخضيرى!، نائب رئيس النقض، الذى قطع بأن الحكم واجب النفاذ فورا، حتى لو تم الطعن عليه، شأنه شأن أحكام الجنايات، وإذا لم ينفذ الحكم تبطل جميع القرارات الصادرة عن النائب العام أو أى من وكلاء النيابة.

 رئيس محكمة آخر بالاستئناف أكد أنه لن يقبل الطعن إلا بعد تنفيذ الحكم!، أول من يجب أن يمتثل ﻷحكام القضاء هو المستشار طلعت نفسه، لن يجدى أن يبحث مستشارو الرئيس عن مخارج ومنافذ وطرق دائرية.. المستشار الخضيرى قال رأيا يريد به استرداد صورة المحارب القديم، وقد صدمنا بتصريحاته فى مجلس الشعب المنحل السابق حول قتل رموز النظام السابق باعتبار أن هناك ثورة.. رغم القسم بأنه يحترم الدستور والقانون!، الحق أنه رد إلينا صدمة إيجابية هذه المرة، قال إن المستشار عبد المجيد محمود، النائب العام السابق، تعرض لظلم فادح حين عزله رئيس الجمهورية بإعلان دستورى شق الأمة، وطلب الخضيرى من النائب العام المستشار طلعت أن يعود إلى منصة القضاء، يخلى موقعه الذى شغله بقرار شابه العوار..

 وأكثر من هذا، عاب الرجل على مستشارى الرئيس توريطه فى هذه الأزمة الطاحنة، بسبب جهلهم بالقانون، وبسبب إقناع الرئيس بالمثول للضغوط الشعبية المطالبة بإقالة المستشار عبد المجيد..

حسنا، إن الضغوط الشعبية ذاتها تطالب الآن بإقالة المستشار طلعت، فماذا يمنع الرئيس من الامتثال لهذه الإرادة العارمة، شعبيا وقضائيا؟.

 ليست هذه هى المرة الوحيدة ولا نظنها الأخيرة التى ورط فيها المستشارون رئيس الجمهورية، إن المجموعة المحيطة بالرئيس مرسى لا تقوده فقط إلى مصير مبارك، وقد قطع إليه 70 %من مسافة الطريق.. بل إن هذه المجموعة تقود البلاد والعباد إلى الهلاك.. لنتصور أن الرئيس خرج على الشعب وقبل حكم القضاء وأقال الحكومة، و"رد القرد إلى القرداتى"، واحتضن اﻹعلام وكبح جماح الجماعة والعشيرة وحاملى السيوف.. ولنتصور أيضا أن الرئيس قال: لقد أخطأت وأنبت، وسأخرج من فخ الجماعة لنمضى معا إلى بر السلام !.

 إنْ فعل فتح صفحة جديدة مع الشعب كله إلا المتاجرين بمنصبه والمزايدين على صلاحياته.. منذ الليلة سنقبع أمام شاشات التليفزيون نترقب قرار عودة الرئيس إلى حكم مصر متجردا من تجار الدين والانتهازيين السياسيين.

 نكره له أن يذهب فى مصر كمن ذهب وتاه فى صحراء المقطم.. خرج ولم يعد.
الجريدة الرسمية