مصطفى أمين يكتب: وصية أحمد حسنين
في مجلة آخر ساعة عام 1950 كتب مصطفى أمين مقالا في ذكرى وفاة أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكى في عهد الملك فاروق قال فيه:
كنت أقلب في أوراقى القديمة فوجدت ورقة مطبوعة باللغة الإنجليزية وقد كتب في ظهرها مايلى ( أعطانى حسنين باشا هذه الورقة في فبراير عام 1943 وقال لى فيها سأعطيك نصرا صحفيا، وهذه وصيتى.
قلت له إنها قصيدة للشاعر الإنجليزى كبلنج، فال حسنين: إنها عندى من سنة 1913 وقد قرأتها آلاف المرات وحاولت أن أجعل حياتى تسير على هداها، وأن تكون تصرفاتى على منوالها وإن لى وصية لمن بعدى ؟ فهذه القصيدة هي وصيتى ولو عشت لجعلت حياتى عبارة عن أبيات هذه القصيدة، ولو مت فستكون حياتى قصيدة ناقصة.
قلت له ضاحكا: ستعيش حتى تتم القصيدة، فضحك وقال خذها على كل حال.
وقد مرت سبع سنوات كان حسنين رئيس الديوان ملء السمع والبصر.. واليوم أصبح حفنة من تراب..ولنقرأ القصيدة:
إذا استطعت أن تحتفظ برأسك في الوقت الذي يفقد فيه من هم حولك رؤوسهم وينحون عليك بالأئمة، وإذا وثقت في نفسك في الوقت الذي يشك فيك الجميع ومع ذلك سامحتهم لأنهم شكوا فيك .
واذا استطعت أن تنتظر ولاتمل الانتظار، ولم تقابل أكاذيب الناس بالأكاذيب..وإذا كرهت الناس فلا تكرههم، وإذا استطعت أن تحكم دون أن تسيطر عليك أحلامك وأن تفكر ولا تجعل التفكير هو كل أهدافك .
واذا استقبلت النصر كما تستقبل الهزيمة، وإذا استطعت أن تتحمل نتيجة أقوالك، وأن تجعل من كل انتصاراتك نصرا واحدا ثم تغامر به وتفقده، ثم تعود فتبدأ من جديد بغير أن تتحسر على مافقدت.
إذا استطعت أن تتحدث إلى الشعب من غير أن تفقد فضائلك وأن تصاحب الملوك من غير أن تفقد الشعب.، وأن تمنع الأعداء والأصدقاء من أن ينالوا منك، وأن تحسب لكل إنسان حسابه، وأن تملأ فراغ كل دقيقة من حياتك بالعمل.
إذا استطعت أن تفعل هذا كله ملكت الأرض وما عليها.. وأصبحت أكثر من ذلك رجلا ياولدى.
وأضاف مصطفى أمين في مقاله قائلا: "عندما أقرأ هذه القصيدة أجد قصة حسنين كلها ومفتاح شخصية حسنين كلها..نعم كانت حياة حسنين قصيدة خالدة".