رئيس التحرير
عصام كامل

حيثيات وقف القضاء الإداري قرار منع صرف الدواء لـ3 أطفال بالبحيرة

مجلس الدولة
مجلس الدولة

أكدت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، أنه إذا كان امتناع التأمين الصحى عن تقديم العلاج للمريض جريمة، فإن الامتناع عن تقديم العلاج للأطفال هو أبشع ألوان الجرائم التي اقتُرفت على الإطلاق، لمساسها بينبوع الحياة وبحسبان أن مرحلة الطفولة هي المرحلة التي تنمو فيها كل خلية من خلايا جسم الطفل وكل حاسة من حواسه.


قضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة بوقف تنفيذ قرار رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحى السلبى بالامتناع عن صرف الدواء المقرر لعلاج ثلاثة أطفال بالمرحلة الابتدائية بإيتاى البارود وكوم حمادة وهم ندى حصافى النشار، وإنتصار على الحوشى، ويوسف سعيد علوانى المصابون بمرض السكر المزمن بصفة منتظمة.

وقضت المحكمة بصرف أنسولين مائى وعقار اللانتوس بالجرعات المقررة لحالة كل منهم وما يلازمهم من جهاز لقياس السكر وكذلك شرايط قياس السكر بالدم بواقع 8 مرات يوميا وشرايط قياس الأسيتون في البول بواقع 3 مرات يوميا والأقلام الخاصة بكل نوع أنسولين، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام التأمين بصرف الدواء وعرض حالتهم على الطبيب المختص دوريا لتقرير مدى حالتهم الصحية في ضوء ما يسفر عنه تناول ذلك الدواء وأمرت بتنفيذ الأحكام الثلاثة بمسودة كل منها بدون إعلان وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

وأضافت المحكمة أن الهيئة العامة للتأمين الصحى ملتزمة - بحكم القانون - بتقديم الخدمات العلاجية والتأهيلية لطلاب المدارس في حالتى المرض والحوادث أيا كانت المرحلة التعليمية وحددها تحديدا في أطفال رياض الأطفال ومراحل التعليم الأساسى والتعليم الثانوى العام والفنى والمدارس الفنية نظام الخمس السنوات والمدارس الثانوية التجريبية التحضيرية للمعلمين والمدارس الخاصة من مختلف المراحل والنوعيات وطلاب المعاهد الأزهرية.

وألزمت المحكمة الدولة بأن يكون نظام التأمين على الطلاب إلزاميا في جميع المراحل التعليمية المذكورة وألزمها كذلك بتقديم الرعاية الصحية بنوعيها الخدمات الصحية الوقائية والخدمات العلاجية والتأهيلية بكافة صورها وعلى قمتها صرف الأدوية اللازمة للعلاج ويكون علاج الطالب ورعايته طبيا طول مدة انتفاعه إلى أن يشفى أو تستقر حالته.

وأشارت المحكمة إلى أن المشرع الدستورى أوجب على الدولة كفالة التأمين الصحى لجميع المواطنين وعلى قمتهم بها بما يستتبعه ذلك من توفير سبل العلاج حسبما تقتضيه حالة المريض، وقد نظم القانون كيفية أداء هذه الخدمة لطلاب المدارس، وهذا الالتزام لا مناص من تحقيقه ولا سبيل لفك يد الدولة منه، إذ أن تلبية طلب التلميذ المريض بالعلاج أمر يفرضه القانون ويبرره الواقع، والقول بغير ذلك يعرض حياة التلاميذ المرضى للخطر وهى جريمة مؤثمة مما يجب على الدولة وأجهزتها المختصة النأى عنه.

وذكرت المحكمة أن البادى من الأوراق أن الأطفال الثلاثة بالمرحلة الابتدائية بإيتاى البارود وكوم حمادة وهم: ندى حصافى النشار وإنتصار على الحوشى ويوسف سعيد علوانى ويعانون من مرض السكر المزمن وبعرضهم على التأمين المختص قرر احتياجهم إلى العلاج التالي:-

أنسولين مائى يوميا وعقار اللانتوس يوميا وجهاز لقياس السكر وكذلك شرايط قياس السكر بالدم بواقع 8 مرات يوميا وشرايط قياس الأسيتون في البول بواقع 3 مرات يوميا والأقلام الخاصة بكل نوع أنسولين، ولما كان ما تقدم وكان هؤلاء الأطفال من الخاضعين لنظام التأمين الصحي على طلاب المدارس، فإنهم يستظلون بخدماته وتلتزم الهيئة المدعي عليها – من ثم – بتوفير الأودية اللازمة وبالجرعات المقررة لعلاجهم وبما يتناسب مع تطور حالتهم الصحية بصفة دائمة ومنتظمة دون تأخير حتى تمام شفائهم.

وأضحي امتناع الهيئة المدعي عليها عن صرف الأدوية المشار إليها آنفًا قرارا سلبيًا مخالفًا للقانون ولا يجوز للهيئة العامة للتأمين الصحى الامتناع عن صرف ذلك الدواء خاصة وان آباء الأطفال الثلاثة من غير القادرين على تحمل النفقات الباهظة لهذا العلاج ومن شأنه كذلك أن يمكن هذا المرض اللعين سارق الصحة من أن يفتك بهؤلاء الأطفال الذين يتفتحون على الدنيا بظلام الظلم والمرض.

واختتمت المحكمة أحكامها الثلاثة أن التأخير في منح الأطفال الثلاثة جرعات العلاج يعرض حياتهم للخطر ويحرمهم من حقهم في العلاج المجانى ويمس حقهم في الحياة وهما حقين دستوريين ويتوجب على الدولة ممثلة في هيئة التأمين الصحى بذل العناية اللازمة لتخفيف معاناة الأطفال المرضى من آلام المرض العضال الذي ألم بهم خاصة وأن الأطفال الثلاثة بالمرحلة الابتدائية لم تتفتح فيها عيونهم إلا على الشوك بسبب المرض وهم لا يملكون إلا حق الصراخ والقدرة عليه، إلا أن الجهة الإدارية تحجرت قلبها تجاههم وأصمت أذانها عن سماع صراخاتهم بامتناعها عن علاجهم فطرقوا باب العدالة الذي لا يوصد في وجه طارقه.
الجريدة الرسمية