«نجيب ساويرس» يشيد بـ«تهاني الجبالي» وينتقد ظاهرة «الفتي»: لا أعلم سر تفشي ظاهرة الفتي وفوضى التحليل السياسي والاقتصادي.. جميعهم يفتون ويدعون وحدهم المعرفة والفهم في أمور
تحت عنوان «الديمقراطية والجهل» كتب رجل الأعمال نجيب ساويرس مقالًا في جريدة «الأخبار» اليوم الأحد، يتحدث فيه عن تفشي ظاهرة الفتي وفوضى التحليل السياسي والاقتصادي، وأشاد بمواقف المستشارة تهاني الجبالي المشرفة.
واستهل نجيب ساويرس مقاله بمواقف المستشارة تهانى الجبالى، فقال: أكن للمستشارة الجليلة تهاني الجبالي محبة واحترامًا خاصًا.. فقد توحدت جهودنا ومشاعرنا في حربنا ضد تنظيم الإخوان الذي جثم على صدورنا خلال فترة حزينة من تاريخ بلدنا.. ولن أنسى مواقفها المحترمة والجريئة في هذه الفترة والتي دفعت ثمنها باستبعادها من المحكمة الدستورية العليا.. ورغم اختلاف منهجنا وتوجهاتنا الاقتصادية وابتعادنا في الفترة الأخيرة فإنني أتذكرها كثيرًا مؤخرًا عندما أرى شخصيات كثيرة تكتب فيما لا تفهم فيه وتفتي بآراء سياسية عفي عليها الزمن وتتميز بجهل مطلق وعدم دراسة، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت ساحة الديمقراطية الفعلية لكل مواطن صوت فيها سواء كان جاهلا أو متعلما، خبيرا أو مبتدئا..
اقتراح «الجبالي» مذهل
وأضاف «ساويرس»: وسبب ذلك هو أنها في مؤتمر للقوى المدنية أيام حكم الإخوان دعي إليه د. ممدوح حمزة لتكوين جبهة مدنية فوجئت برأي شجاع وجريء وغير مألوف منها وهو أن يكون التصويت في الانتخابات بثقل مختلف على أساس المستوى التعليمي، أي مثلا المتعلم غير الأمي وحامل الدكتوراه غير خريج الجامعة... فمثلا -ولكي أوضح أكثر- أن يكون صوت المتعلم ضعف صوت الأمي.. والحقيقة كان هذا اقتراحا مذهلا ومثيرا للجدل، ولم أستطع وقتها أن أهضمه..
ويقول: تذكرت المستشارة تهاني الجبالي عندما أعلنت نتيجة الانتخابات وإن شابها شواهد التزوير بفوز د. محمد مرسي في الانتخابات، فكان واضحًا أن هذا الفوز كان وراءه أعضاء التنظيم وجزء كبير من الفئات ضعيفة التعليم.. وقلت في سري: عندها حق.. والآن عندما أرى بعض المناقشات والمقالات على مواقع التواصل وسطحية الآراء من أي أحد، بغض النظر عن الخبرة والعلم... أتذكرها مرة أخرى.. فجأة أصبح الكل خبيرا، وفجأة أصبحنا بلد التسعين مليون خبير.. الكل يفتون ويدعون وحدهم المعرفة والفهم في أمور لا يفهمون فيها أساسا، ووسائل الإعلام ساعدت في انتشار مئات من محبي الظهور والشهرة بدعوي الخبرة والعلم ببواطن الأمور !! فمنهم من يدعون القرب من صانعي القرار ومعـرفة ما وراء الستار بحكم علاقاتهم الوطيدة بأجهزة الدولة، وقد شاهدناهم وهم يؤكـدون وقت الانتخابات الرئاسية فوز الفريق شفيق قبل ظهور نتيجة الانتخابات وعد الأصوات على أساس أن عندهم معلومات أكيدة بذلك من أعلى الجهات يعني جايب النتيجة من الكنترول!! لتجيء النتيجة كما شاهدناها العكس تمامًا..
يدعون أنهم «خبراء»
وأضاف «ساويرس»: ومنهم صحفيون يكتبون نصائح في الاقتصاد وهم لا يفقهون في الاقتصاد شيئًا.. وخبراء مزعومون يتم استضافتهم في معظم برامج الفضائيات يفتون في كل شيء بكل أريحية وثقة بصفتهــم خبراء في الاقتصاد أو الأمن أو غيــره، وإذا بحثت عن خلفيتهم ومؤهلاتهم تجد أنهم لم يحصلوا على مؤهل عالٍ.. ومنهم أيضًا كتاب متمسكون بالتجربة الناصرية والتجربة الشيوعية رغم فشلها الذريع، وتحول كل من الصين وروسيا معقل الشيوعية إلى الاقتصاد الحر، ونجاحهم إلى حد أصبحوا فيه من أغنى وأقوى الدول الاقتصادية ! إلى كتاب يستندون إلى شائعات ومعلومات مغلوطة ويقدمونها كحقائق ثابتة لا تقبل الجدل أو النقاش ويبنون على أساسها نظرية المؤامرة التي يعشقونها.. فنحن نحب هذه النظرية حتى ننفي عن أنفسنا أننا نحن المسئولون عن فشلنا المستديم، فمن عادتنا الاستناد إلى بعض الكليشيهات المستهلكة مثل إلقاء اللوم في أي أزمة تموينية على جشع التجار وأي أزمة سياسية على إسرائيل وأمريكا..
فوضي «الفتي»
ويختتم «ساويرس» مقاله بقوله: في الحقيقة لا أعلم سر تفشي ظاهرة الفتي وفوضى التحليل السياسي والاقتصادي التي نشاهدها، ولكني أعزوها إلى عادة قديمة نؤمن بها في مصر، فما أن تشكو لأحد من ألم في رأسك أو بطنك أو أسنانك مثلا، إلا ويتطوع ويملي عليك أسماء أدوية يحلف لك أن فيها الشفاء، فقد جربها من قبل، ورغم أنه ليس طبيبًا، وأنت تعرف تمامًا أنه ليس طبيبًا، ولكنك تشتري الدواء وتجربه إيمانًا بالمثل القائل: «اسأل مجرب ولا تسأل طبيب» الذي يبدو أنه قد أصبح جزءًا أصيلا من ثقافتنا.