دول الخليج ترفع شعار: «حي على التعليم».. الإمارات نموذجًا عالميًا وشروط اختيار المعلمين صارمة.. وخطة تأهيل المعلمين في السعودية وضعتها في الصورة.. وقطر تحتل المركز الأول عربيا في التعليم الأ
لم تتخذ الحروب وعدم الاستقرار السياسي وحتى الطفرة المفاجئة لثرواتها ذريعة للتأخر والإهمال والكسل وتضييع قدرات جيلها الجديد، بل نجحت دول الخليج في تسخير كل ما تملك لتحقيق قفزة تعليمية تواكب بها العصر التكنولوجي والفاهمين للعلوم بدرجة المعرفة والتطبيق بفضل أنظمة التعليم المتطورة.
دخلت الإمارات إمبراطورية تطوير التعليم من أوسع أبوابها عام 1962 فصارت أولى الدول الخليجية والعربية في هذا الوقت، حينها كانت تلك الدولة العربية تكتشف آبارها النفطية، وعدد مدارسها لا يتجاوز 20 مدرسة يتردد عليها أقل من 4 آلاف طالب، معظمهم من الذكور، إضافة إلى عدم توفر البنية التحتية في كثير من الخدمات الاجتماعية الأساسية، مثل المستشفيات والإسكان والمطارات.
أول رئيس للإمارات العربية المتحدة زايد بن سلطان آل نهيان أدرك وقتها أن التعليم من أولويات التنمية، ولا تزال كلماته الشهيرة تتردد في أذهان أحفاده، حين قال: «إن الشباب هم ثروة الأمم الحقيقية»، وبالفعل لم يبخل على جميع المشاريع التي أخذت تنهض بالتعليم تدريجيًا.
وسرعان ما تأسست الهيئات الرسمية، التي تشرف على التعليم عام 1970، وكان يشتمل حينها على 4 مراحل تعليمية، هي: «الروضة 4-5 سنوات، والابتدائية 6-11 سنة، والمتوسطة 12-14، والثانوية 15-17 سنة».
عملت الخطة الإماراتية على توطين التعليم وسط توقعات بارتفاع عدد المواطنين العاملين في التربية والتعليم إلى 90% بحلول عام 2020، نتيجة انتشار المدارس اليوم في كل قرية، حيث ينال كل طالب وطالبة حظه من التعليم والرعاية التربوية من دون تمييز.
ولأن تكنولوجيا المعلومات هي العمود الفقري للقرن الواحد والعشرين تصدر أولويات الأهداف التعليمية في الإمارات ودبي بشكل خاص، حيث أطلق نائب رئيس الدولة حاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم مشروعه الخاص بتعليم تكنولوجيا المعلومات في مدارس دبي في مارس 2000.
بالتأكيد هدف الإمارات وتحديدًا إماراة أبو ظبي من استخدام اللغة الإنجليزية على نطاق واسع في مدارسها ليس التحصين من مكر دول الغرب ولكن لإتقان المواد العلمية والفنية التي تقوم عليها الحضارات، وتركز الخطة الإستراتيجية العشرية التي أطلقها مجلس أبوظبي للتعليم عام 2010 على تطوير المهارات العربية والإنجليزية لدى الأطفال من الروضة حتى الصف الثاني عشر، كما تسعى إلى رفع مستوى كفاءة اللغة الإنجليزية لدى المدرسين من خلال تزويدهم بالدورات التدريبية المتخصصة، فضلًا عن الاستعانة بالمعلمين الناطقين باللغة الإنجليزية.
وتعتبر «الإنجليزية» هي لغة التدريس الأساسية في جامعتي الإمارات العربية وزايد، ولكن على الطلاب التمكن من اللغتين العربية والإنجليزية معًا.
وليست مفاجأة بعد كل ذلك أن يكون نظام التعليم في إمارة دبي من الأنظمة الأفضل عالميًا بشهادة تقرير دولي متخصص، أصدرته مؤسسة سي إف بي تي الدولية غير الربحية لتوفير خدمات تعليمية في بريطانيا وحول العالم، إذ توجد 173 مدرسة خاصة، تطبق 16 منهاجًا تعليميًا دوليًا مختلفًا، بجانب مناهج وزارة التربية والتعليم.
ومن الحين والآخر، يضع مجلس أبوظبي للتعليم شروطًا جديدة وصارمة لاختيار المعلمين الجدد من المواطنين، وفي عام 2014، كانت الشروط هي الحصول على مؤهل جامعي في التخصص المطلوب، وألا يقل تقدير المعلم عن جيد، وألا يزيد عمره على 45 عامًا، كما تعطى الأفضلية للحاصلين على شهادة الآيلتس والمؤهلات العليا والرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلي ICDL.
واختيار المعلمين الجدد من الوافدين يتم وفق خمسة شروط، هي: حملهم الشهادات اللازمة في المادة التي يدرسونها (مؤهل جامعي أو أعلى في مجال تخصصه التربوي)، وأن يمتلك خبرة لا تقل عن سنتين في مجال تدريس المادة، وحمله الرخصة التي تؤهله للعمل في مجال التعليم، واجتيازه المقابلة الشخصية، كما يشترط في معلمي مواد اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم، أن يكونوا من بلدان ناطقة باللغة الإنجليزية.
وبسرعة الصاروخ، اتخذت السعودية في عام 1996 نهجًا مماثلا لجارتها الإمارات فأطلقت «المشروع الشامل لتطوير المناهج» وهو عبارة عن إعادة نظر وتقويم للمناهج الدراسية من أجل الوقوف على سلبياتها وإيجابياتها، صحيح أن المملكة تأخرت بعض الشيء في حركة تطوير المناهج، إذ جاءت فترة التجربة في العام الدراسي 2007 لتعمم تلك الفترة على جميع مدارس المملكة في السنة التالية لكنها بدأت الطريق.
وبدأت وزارة التربية والتعليم بتطوير المناهج الدراسية أولا، من حيث الكم من خلال تقليل عدد المواد التي يدرسها طلاب الصف السادس الابتدائي من 19 إلى 11 مادة، والمرحلة المتوسطة (الإعدادية) من 20 إلى 12 مادة، بينما قررت تطبيق نظام المقررات الجديد للمرحلة الثانوية في 25% فقط من المدارس لتتوسع في العام التالي في 147 مدرسة ليصبح الإجمالي 265 مدرسة.
ولمست السعودية نتائج تلك الخطة الجديدة (نظام المقررات) في انخفاض نسبة الرسوب في الثانوية العامة، ولأن الكم وحده لا يُعتبر تطويرًا حقيقيًا فعالًا، وضع الباحثون في المملكة خطة شاملة لتأهيل المعلمين والمعلمات بشكل جيد، وخطة ثانية لتأمين الاحتياجات من التجهيزات المدرسية؛ لتدخل فيما بعد مرحلة (إعداد المواد التعليمية).
وبفضل هذا التطوير، رُحم الطالب السعودي من مناهج كانت مكتظة بمعلومات يتلقاها دون مشقة في البحث عنها، ولا توفر له فرصة لتطبيق المعرفة والتجربة، أي أن المناهج القديمة كانت تضع الطالب أمام معادلة واحدة فقط عليه حلها وهى حفظ كل ما هو مكتوب في الكتب لينجح، بحسب مدير القسم المتوسط لمدارس الأقصى الأهلية في جدة "خالد بانبيلة".
الكويت أيضَا اتخذت انطلاقتها الحقيقية بتوجيهات من أمير الدولة الراحل جابر الأحمد الصباح، إذ شهد نظام التعليم نقلة نوعية واكبت أحدث الطرق والوسائل العلمية والتكنولوجية حول العالم رغم توقف العملية التعليمية عامًا بأكمله عام 1990 نتيجة للغزو العراقي.
وشهد التعليم في أغسطس عام 1991 عمليات تطويرية كبيرة بدءًا من تطوير المناهج إلى تحديث البرامج وإدخال التكنولوجيا الحديثة وإنشاء الفصول الذكية، وحرصت وزارة التعليم في الكويت وقتها على تطبيق منهج جديد يرتكز على خبرات عالمية تمت الاستعانة بها ممثلة في البنك الدولي كجهة استشارية.
ولم يغرق المعلم في بحر التطوير الواسع، إذ شهد راتبه قفزة باعتباره من أهم الحوافز لبذل المزيد من الجهود ويكون كادرًا تحفيزيًا، ومنذ ذلك الوقت لم تتوقف العملية التطويرية للتعليم في الكويت، فأعلنت وزارة التربية، أغسطس الماضي، توزيع التابلت على طلاب المرحلة الإعدادية.
«قطر» كذلك احتلت المركز الأول عربيًا والتاسع عالميًا في مؤشر جودة التعليم الأساسي الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي سنويًا العام الماضي، متقدمة بذلك على الإمارات، التي كانت تحتل هذا المركز عام 2014، ويتميز التعليم الأساسي فيها (المرحلة الابتدائية 6 سنوات، والإعدادية 3 سنوات، والثانوية 3 سنوات)، بنظام تعليمي يقوم على فكرة المدارس المستقلة، منذ عقد ونصف تقريبًا.
وبمجرد ملاحظة الأمير حمد بن خليفة آل ثاني محدودية فاعلية النظام التعليمي، اعتمد إصلاحات حكومية واسعة منذ عام 1995 وبشكل أوسع منذ عام 2001، عندما تركزت على تحسين نوعية ومحتوى التعليم في الدولة من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الجامعية.
وكلمة الدروس الخصوصية تكاد تكون غير موجودة في قاموس منظومة التعليم القطري، فهى ليست بحاجة للظهور أو الإضافة وهذا ما أدركه العالم العربي عندما أعلن المجلس الأعلى للتعليم في قطر صرف الزيادة الخاصة بالمعلمين المقيمين، التي تضمنتها لائحة الموارد البشرية للعاملين بالمدارس في 2011/2012.
وتحدد اللائحة راتب المعلم الحاصل على مؤهل جامعي، وحاصل على رخصة معلم كفء صادرة من هيئة التقييم بمبلغ 8 آلاف ريـال، والمعلم الجديد الحاصل على رخصة (مستجد) 6 آلاف ريـال، بينما يحصل النائب الأكاديمي على راتب 10 آلاف و500 ريـال، كما حددت اللائحة بدل سكن المتزوج بـ6 آلاف ريـال، والأعزب 3 آلاف ريـال، ويُشترط لصرف هذا البدل للمقيمين أن تقيم معه أسرته في الدولة ستة أشهر على الأقل في السنة وإلا صرف له البدل المخصص للعازب، كما يصرف بدل الأثاث للمتزوج 40 ألف ريـال و30 ألف ريـال للأعزب ليحصل المعلم المتزوج في نهاية المطاف على راتب 15 ألفًا و600 ريـال، فيما يحصل المعلم الأعزب على 12 ألفًا و600 ريـال.
وحتى التعليم الجامعي أثبت جدارته بحصول جامعة قطر على العديد من الجوائز والتصنيفات العالمية التي جعلت منها جامعة مرموقة على الساحة الدولية.