رئيس التحرير
عصام كامل

الديكتاتور الذي يحكم مصر !


تعلو هذه الأيام، وبقوة نغمة أن مصر دولة بوليسية، محكومة بالقمع، وأن النظام ديكتاتوري. بل إن الرئيس نفسه أعلن في رحلته إلى نيويورك لحضور أعمال الدورة ٧١ للجمعية العامة للأمم المتحدة أنه لا يوجد ديكتاتور في مصر. بطبيعة الحال، لا يخفى على أحد أن بث وترويج هذه الرسالة السياسية الخبيثة، والإلحاح المستمر وبلاهوادة لنشرها، هو زرع عقيدة دولية وداخلية بأن الأوضاع المتعلقة بالحريات العامة والخاصة هي أسود وأسوأ من تلك التي استدعت الثورة على الرئيس الأسبق حسنى.


وحيث إن الجو العام اليوم في مصر مشحون ضد الدولة والحكومة، ليس عداء لهما قط، بل بسبب التكلفة القاصمة لعملية الإصلاح الاقتصادي، والتي تقع تبعاتها على ظهور الطبقة المتوسطى التي تتداعي الآن تحت لسعات كرابيج عملية رفع الدعم المتدرجة، أقول حيث إن الكل يغلي من غلاء الأسعار وفحش التجار وشيوع البلطجية واللصوص، فإن المخيف حقا هو أن هذه هي التربة الطينية الصالحة جدا لنمو فطر الغل والحقد والإرهاب، والعودة إلى المربع صفر.

سنسلم بما يقوله الغرب، من أن الدولة قمعية، لأنها تضيق الخناق على النشطاء! وسنسلم بقولهم أو ترويجهم بأن لدينا حاكما ديكتاتورا. وسنسلم أيضا بمجموعة السمات والصفات التي وضعها علماء وساسة الغرب للتعريف بالشخص الديكتاتور. إليكم الملامح والصفات، وسنعمل على تطبيقها على أداء الرئيس:

- وقف العمل بالدستور، والقانون.
-إلغاء السلطة التشريعية والعمل بمقتضي الأوامر والمراسيم.
- فرض أيديولوجية واحدة، أي عقيدة سياسية أو دينية مزورة أو منتسبة، أو متشحة بالدين، وقهر الشعب على الانحناء لها والتغني بها.
- توحيد وتجنيس الخطاب الإعلامي، ولا يجوز الخروج عليه تحت أي داع أو مبرر-منع أي رأي معارض بالقوة والبطش.
- تكميم وتلجيم وسائل الإعلام كافة، من صحف وتليفزيون وإذاعة.
- فرض الرقابة الصارمة على المحتوى الأدبى والفنى، بحيث لا يخرج عن أدبيات الطاغية المستبد ورؤاه.
-تسخير المواهب الفنية، من نحت ورسم وتأليف وموسيقى لتقديم أعمال تمجد وتقدس وتبرر قرارات وأوامر الحاكم الإله.


- صنع جيش من الخراف المطيعة والثيران العدوانية!
- شن الحرب بالتخويف على شعبه بالداخل، وسن الحرب بالعدوان على الجيران.
- العمل على إفقار الشعب طول الوقت ليبقى في شغل عنه، وينكفئ على نفسه بحثا عن لقمة العيش، ومحاصرته بالخطاب الإقناعي بأن الرضا هو الجنة الموعودة !
- إلغاء أية أحزاب سياسية أو جمعيات، وصب الجماهير في إطار حزب واحد تحت راية نشيد واحد وفكرة واحدة !

بالطبع، يمكن أن نضع عشرات الصفات والسمات المميزة لحكم الطغاة، من واقع التعريفات الأكاديمية، الغربية وغير الغربية، ومن واقع الرصد اليومي والتاريخي لأداء حكام ساموا شعوبهم ويلات العذاب.


والسؤال الطبيعي البديهى:
هل تنطبق السمات والصفات السالفة على أداء الرئيس؟
هل يحمل الرئيس السيسي أي صفة مما سبق؟
بالطبع وبالقطع لا.

لا نفاقا، ولن يكون منى قط، بل هو رجوع بالأشياء والمسميات إلى أصولها العلمية، ولكي لا ننساق وراء سموم الحرب التي يشنها علينا الغرب لهدم الوطن وتفتيته. هل يمنع الرئيس صحفيا من كتابة رأيه الشجاع حتى لو ضد الرئيس؟

لم يحدث، وصاحب هذا القلم المحب للرئيس كتب مرارا يحذر من عملية إعلامية منفرة لتقديس الرئيس، وصنع إله تحت التشطيب، نجا منها الرجل بفطرته المتواضعة. بل ننتقد غياب كيان إعلامي مستنير يضع سياسة إعلامية للدولة يضم عقلاء وعلماء وخبراء الإعلام، لا مجموعة منتفعين خاليين من العلم. القنوات الخاصة وفيها صحفيون وطنيون وفيها أيضا صحفيون مذيعون متشدقون متقلبون، يهاجمون بسحن كريهة وقلوب ناقمة، بدعوى أنهم وحدهم محتكرو الحكمة، وفيهم واحد مريض عقليا ووجدانيا، إن لم يجد من يعارضه، سيعارض جيناته!

نعم لدينا ديكتاتور أيها الغرب، يصلح الاقتصاد ويهزم الإرهاب، ويبنى العمارات للفقراء، ويحمي البلاد، ويطلق الحريات، ومحكوم بدستور، حدد مدته بأربع سنوات، ينتخب بعدها، أو يأتي الشعب بغيره، ونعم لدينا ديكتاتور يحترم المرأة المصرية أما وأختا وزوجة وسندا. نشكو من الغلاء ونجأر بالصراخ والشكوى، لأن دواء العلاج مر، لكننا نحب الرئيس ونسانده، ولن نتخلي عن الديكتاتور الذي يحبنا ويحمي بقوة الجيش المصري وشرطته شرف البيت المصري والوطن.
الجريدة الرسمية