رئيس التحرير
عصام كامل

حكومة الجزر المعزولة خسرت «حرب الفراولة»


أثبتت الأزمات المتتالية التي نعانيها أن حكومة شريف إسماعيل عبارة عن "جزر معزولة" لا يربطها شيء ولا تعرف العمل الجماعي.

رغبة الوزير في إدارة وزارته وفق إستراتيجية تتسق مع طبيعتها، لا تعني الانعزال عن باقي الوزارات وعدم التعاون مع زملائه في خدمة الشعب وتحقيق المصلحة العامة للبلد، وهذه تحديدا مسئولية رئيس الوزراء الذي يعمل معه الجميع وينفذون تعليماته.


الواقع المؤسف في الساحة المصرية أثبت أن رئيس الوزراء شريف إسماعيل لا خطط لديه ولا رؤية، ولا يعرف حتى ماهية فرق العمل وسبل إدارتها في مواجهة الأزمات، وصولا إلى حلول جذرية تنهي المشكلة. أما ما يحدث على الأرض فيكشف أن إسماعيل لا يتابع ولا يحاسب ويترك "القرعة ترعى" في وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة والنتيجة فساد ونهب وغلاء فاحش وتراجع على جميع الأصعدة وفقدان السيطرة على كل شيء.

"عندما أصيب 89 شخصا بالتهاب الكبد الوبائي الوبائي A في سبع ولايات أمريكية، أقر بعضهم بتناوله عصائر من محال تروبيكال سموثي التي تبيع فراولة مصرية، بين عشرات الأصناف التي لديها، ولأن المحال تدرك أن رد فعلنا لن يرقى لمستوى الاتهام، قالت على الفور إن الفيروس سببه الفراولة المصرية المجمدة".. ولو كان لدينا حكومة أهل للمسئولية لأدركت أن ما يحدث جزء من حرب اقتصادية تقودها أمريكا بعد فشلها في مؤامرات السنوات الخمس الماضية، لكن كما عادة حكومة شريف إسماعيل اكتفت وزارة الزراعة بإصدار بيان يثبت سلامة المنتجات المصرية أرسلته إلى الجهات المعنية في أمريكا، وكذلك فعل المجلس التصديري للحاصلات الزراعية وانتهى الأمر، ولم يفطن شريف إسماعيل لما يحاك في الخفاء!!

استغلت أمريكا رد الفعل الحكومي المتهاون بشأن سمعة وسلامة المنتجات والصادرات المصرية، لتشن "حرب الفراولة" في العالم كله بإصدار بيانات إعلامية مغلوطة لم تجد آذانا صاغية في مصر، فامتدت الحرب لتشمل جميع المنتجات الغذائية المصرية اعتمادا على تقرير أصدرته هيئة الغذاء والدواء الأمريكية "f.d.a"، ذكرت فيه أن الشعب المصري يتناول منتجات غير مطابقة للمواصفات تسبب الأمراض، وأوصت في نهايته بحظر استيراد مئات المنتجات المصرية.

طبعا لم تكلف حكومة "الجزر المعزولة" نفسها لتشكيل فريق عمل من الوزارات المعنية لترجمة وتفنيد ما جاء في التقرير والرد عليه بحقائق ووثائق لإنقاذ سمعة المنتجات المصرية والحفاظ على أحد مصادر العملة الأجنبية.. وبالمقابل تلقف "الإخوان" والعملاء وأعداء مصر التقرير واشتغلوا عليه إعلاميا بطريقة بسيطة أتت ثمارها سريعا!!.

تم إرسال رسالة خطيرة على "واتس آب" إلى كم كبير من الأشخاص في دول الخليج يحذر من المنتجات المصرية ويوصي بإعادة توجيه الرسالة حتى تعم الفائدة، ولمزيد من المصداقية اختتمت الرسالة برابط لموقع تقرير هيئة الغذاء الأمريكية. الرسالة بعنوان "بقايا براز بشري وحيوانات نافقة في المواد الغذائية المصرية"!!.

وتضمنت الرسالة "أصدرت أمريكا تقريرا غذائيا في 360 صفحة يحذر من المنتجات المصرية، وأولها الفراولة التي يتم ريها بمياه المجاري ما يصيب بمرض الكبد الوبائي A، وأن الخضراوات المجمدة (الملوخية والسبانخ والبامية والبازلاء والفول الأخضر والخرشوف)، يتم غسلها بمياه قذرة تحتوي على بقايا براز بشري. لذا قررت أمريكا منع استيراد الفراولة وأي منتجات مصرية تم ريها بمياه المجاري، وكذلك منع استيراد الجبن الرومي والأبيض بعد أن أثبت الفحص احتواءها على مادة الفورمالين المستخدمة في حفظ جثث الموتي، بالإضافة إلى أملاح قذرة تستخرج من ملاحات بها بقايا حيوانات نافقة. كما أشار التقرير إلى استخدام الجير الأبيض في تبييض الأرز المصري المستورد مما يصيب متناوليه بالتسمم والسرطان، وأخيرًا العصائر المصرية التي تحتوي على ألوان ومكسبات طعم محرم استخدامها دوليًا لتسببها في الفشل الكلوي وضغط الدم.. لذا يجب الامتناع عن تناول تلك المنتجات لتجنب الأمراض".

واختتمت الرسالة "كل تلك الأمراض في المنتجات المصرية المصدرة إلى أمريكا وهي الأعلى جودة، فما بالك بالمنتجات المحلية التي يجري تداولها في مصر أو تصدر إلى دول الخليج ودوّل أخرى".


انتشار الرسالة جعل وسائل الإعلام الخليجية تثير القضية، وبناء عليه جرى إعادة النظر في جميع الواردات المصرية وإخضاعها للفحص أكثر من مرة وطلب شهادة منشأ لكل منها وإجراءات أخرى يطول شرحها، ومع هذا تظل حكومة شريف إسماعيل في "غيبوبة"!!
الجريدة الرسمية