رئيس التحرير
عصام كامل

معارض بعد المعاش!


في بلدنا ظواهر عجيبة!.. مسئول سابق تحول منذ أن ترك منصبه الحكومي إلى معارض للحكومة ورافض لسياسات كل حكومة.. وصحفي وإعلامي ظل طوال عمره يطبل ويزمر للحكم والحكام، وعندما غادر عمله أو منصبه وفقد مزاياه تحول أيضا إلى معارض شرس للحكم الجديد الموجود.. ويجمع ما بين هؤلاء وهؤلاء أنهم تحولوا من مشاركين في السلطة أو داعين لها إلى معارضين أشداء لها بعد التقاعد.. أي صاروا فقط معارضين بعد المعاش!


وبالطبع كما نقول دوام الحال من المحال.. والتغير هو سمة الحياة.. ولا تثريب على أن تتغير مواقف ورؤى وآراء الإنسان من مرحلة إلى أخرى، خاصة من مرحلة الشباب إلى مرحلة الشيخوخة.. فهذا أمر حدث دوما، ومازال بالطبع يحدث وسوف يستمر يحدث.

ونحن لدينا أمثلة لمن حدث لهم تحولات دراماتيكية نقلتهم من اليسار إلى اليمين مثلا.. لدينا في مصر خلال السنوات الأخيرة ما حدث للمستشار طارق البشري الذي كان ينتمي فكريا لليسار ومناهضا لليمين، خاصة اليمين الديني، ولكنه غادر مرفأ اليسار واقترب عن اليمين الديني وصار صديقا لجماعاته، ومن بينها جماعة الإخوان.. وذات التحول حدث للمرحوم الأستاذ عادل حسين أيضا الذي كان مفكرا اقتصاديا يساريا بارزا، لكنه انقلب على الفكر اليساري ليتبنى أفكار التيار السياسي الإسلامي، وعندما تولى رئاسة تحرير جريدة حزب العمل الاشتراكي قبل بتحالف الحزب مع الإخوان في الانتخابات البرلمانية، وفتح صفحاتها للتعبير عن أفكارهم.. بل إن الرجل الأقوى في جماعة الإخوان وهو المهندس خيرت الشاطر كان في شبابه عضوا في منظمة الشباب، خلال عهد عبدالناصر وكان يصنف سياسيا بأنه على يسار اليسار ذاته!

وهكذا التحول الفكري والسياسي وارد ومحتمل وظاهرة بشرية.. ولكننا نتحدث هنا عن أمر آخر مختلف عن التحول الفكري والسياسي الطبيعي.. أو نتحدث عن تحول مصنوع.. تحول ممنهج لا يقتصر على من حدث له فقط هذا التحول وإنما يشمل أيضا من ساعد وخطط لمثل هذا التحول.

بصراحة.. بعض الذين أفرطوا في التأييد بل وشاركوا أيضا في السلطة عندما يرتدون ثوب المعارضة والرفض الآن للسلطة مشكوك في أن تحولا فكريا ذاتيا حدث لهم، وإنما هم يتربحون من ذلك.. فهم مثلما وجدوا أن تأييد السلطة والمشاركة فيها من قبل يحقق لهم المكاسب والمنافع، وجدوا الآن أن معارضة الحكم بل ومناهضته يحقق لهم أيضا المكاسب والمنافع، خاصة بعد أن تعذر لهم العودة للمشاركة في السلطة أو حتى من الاقتراب منها.
وغفر الله لكم!
الجريدة الرسمية