رئيس التحرير
عصام كامل

رسائل السيسي للعالم من نيويورك.. شعب مصر حقق الاستقرار وحمى الدولة.. المطالبة بوقف فوري للحرب في سوريا واستئناف المفاوضات.. الدعوة لاتفاق ليبيا ووحدة اليمن.. وسلام عادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين

فيتو

ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، بيان مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال مشاركته في فعاليات الدورة 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك مساء اليوم الثلاثاء.


تطورات الأوضاع

واستعرض السيسي، خلال بيانه، مجمل تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر، فضلًا عن المواقف المصرية إزاء القضايا الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط.

الإصلاح الاقتصادي

وقال السيسي إن مصر تمضي بثبات في تنفيذ خطة طموحة للإصلاح الاقتصادي، كما استطعنا الحفاظ على استقرارنا في منطقة تموج بالأزمات.

وأضاف أن الدستور المصري كفل المساواة في الحقوق على أساس المواطنة، الأمر الذي سمح للمرأة للفوز بعدد غير مسبوق من مقاعد مجلس النواب، ووسَّع تمثيل الشباب في المجلس.

الشعب الإسرائيلي
ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسي نداءً عاجلًا إلى الشعب الإسرائيلي والقيادة الإسرائيلية لأهمية إيجاد حل للقضية الفلسطينية.

واستهل الرئيس كلمته مهنئًا بيتر تومسون بتولي رئاسة الأمم المتحدة قائلًا: "أهنئكم على تولي رئاسة الجمعية العامة في دورتها الحادية والسبعين، متمنيًا لكم التوفيق في إدارتها، كما أُعرب عن التقدير للسيد موجينز ليكتوفت، رئيس الدورة السابقة، على جهوده وإسهاماته".

الدورة الحالية
وتابع: "تنعقد الدورة الحالية للجمعية العامة بعد أن أطلقنا مرحلة جديدة لتحقيق التنمية المستدامة بأبعادها البيئية والاقتصادية والاجتماعية، باعتمادنا لأجندة التنمية 2030، ووثيقة أديس أبابا لتمويل التنمية العام الماضي، ومما لا شك فيه أن تطلع الشعوب، خاصة النامية، لمستوى حياة لائق ونمو مضطرد لهو المسئولية الرئيسية التي نتحملها كقادة وضعت الشعوب ثقتها فينا، وحملتنا هذه المسئولية وفاء للمبادئ الإنسانية التي تقود مساعينا، ولكن التحديات والإمكانات المتاحة للدول النامية تحول دون الوفاء بمستوى الطموح الوارد في أجندة التنمية، حيث تفتقر الدول النامية لفرص كافية لتحقيق التنمية المستدامة، إذ تحتاج إلى مناخ دولي مناسب، يتمثل في نصيب أكبر من التجارة الدولية وآليات للتمويل ونقل للتكنولوجيا، وتدفق للاستثمارات ومعالجة المديونية، بالإضافة إلى ضرورة إيجاد المناخ المواتي للتنمية وطنيًا".

التنمية المستدامة
وقال: "تطالب مصر بدعم دور الدولة لضمان التوازن بين أبعاد التنمية المستدامة، خاصة فيما يتصل بفاعلية شبكات الحماية الاجتماعية، وتعزيز الملكية الوطنية للتنمية، كما تنبه مصر لأهمية تسخير المنظومة المالية العالمية من أجل نظام اقتصادي عالمي عادل، يوفر فرصًا متكافئة للتنمية، ويساعد على تقليل الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية، حيث تعد الأمم المتحدة المحفل المناسب لتناول هذه المسائل، وانطلاقًا من ذلك كانت مصر ضمن أول 22 دولة تتقدم بمراجعة طوعية لخططها التنموية في يوليو الماضي".

تغير المناخ
وأضاف: "لقد توصلنا العام الماضي لاتفاق قائم على مبادئ اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، وباعتباري منسق مجموعة الرؤساء الأفارقة لتغير المناخ، أؤكد التزام أفريقيا بمواجهة تغير المناخ وفقًا لقدراتها، وتطلعها لتفعيل آليات التنفيذ للاتفاق الخاصة بنقل التكنولوجيا والتمويل المستدام، ولذا أنشأت مصر المسار الخاص بمبادرة الطاقة المتجددة، وطرحتها في إطار رئاستها للجنة القادة الأفارقة المعنية بتغير المناخ، وتنفيذًا لقرارات الاتحاد الأفريقي ذات الصلة. وتؤكد مصر على أهميتها لتوجيه الدعم لأفريقيا، وعلى أن مواجهة تغير المناخ يجب أن تراعي الإنصاف والحق في التنمية، والالتزام بمبادئ القانون الدولي وأهمها عدم الإضرار، وتعزيز التعاون، ومشاركة مختلف الدول في المشروعات المطروحة، وفقًا للقواعد المنظمة لمؤسسات التمويل الدولية وعلى رأسها البنك الدولي".

فجوة عدم المساواة
وقال: "بعدما أضحى العالم قرية كونية بفعل الآثار الإيجابية لثورة تكنولوجيا الاتصالات وحرية تدفق رءوس الأموال والاستثمارات والتجارة الدولية، ما زلنا نرصد وجهًا آخر للعولمة بما أفرزته من بعض التحديات الاجتماعية والاقتصادية، حيث ارتبط بها زيادة الفقر واتساع فجوة عدم المساواة واهتزاز العقد الاجتماعي بالعديد من الدول النامية، وقد وضع تضافر تلك العوامل ضغوطًا على تماسك الكيان المؤسسي لتلك الدول، ولعل تلك التحديات والضغوط تمثل أكبر حافز للمجتمع الدولي ليعمل بجدية على توفير أفضل السبل للمؤسسات في كل دولة للاضطلاع بواجباتها والوفاء باحتياجات وطموحات شعوبها.

التحديات
وتابع الرئيس: "وفي وسط تلك التحديات التي يموج بها النظام الدولي، استطاع شعب مصر أن يفرض إرادته لتحقيق الاستقرار وحماية الدولة ومؤسساتها، بل وتحصين المجتمع من التشرذم والانزلاق نحو الفوضى؛ فأقر دستورًا جديدًا يحمي الحقوق والحريات التي شملها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث كفل الدستور المساواة في الحقوق على أساس المواطنة، ورسخ الحماية للفئات التي تحتاج رعاية، الأمر الذي سمح للمرأة بالفوز بعدد غير مسبوق من مقاعد مجلس النواب، ووسع تمثيل الشباب في المجلس، وبدأ مجلس النواب بالفعل في ممارسة سلطته التشريعية ومراقبة السلطة التنفيذية، وعلى الصعيد الاقتصادي تمضي مصر بثبات في تنفيذ خطة طموحة للإصلاح الاقتصادي تراعي البعد الاجتماعي ومتطلبات الحياة الكريمة للشعب المصري، كما تنفذ مشروعات قومية عملاقة لتوسيع شبكة الطرق وإنشاء محطات الطاقة الكهربائية والمتجددة وتطوير البنية التحتية والقدرات التصنيعية وتوسيع الرقعة الزراعية".

الشرق الأوسط
وأضاف: "ما زالت منطقة الشرق الأوسط تموج بصراعات دامية، إلا أن مصر استطاعت أن تحافظ على استقرارها وسط محيط إقليمي شديد الاضطراب، وذلك بفضل ثبات مؤسساتها ووعي الشعب المصري بموروثه الحضاري العميق، وهو أمر يتعين على المجتمع الدولي إدراكه ودعمه لما في صالح المنطقة والعالم بأسره، لتستمر مصر كما كانت دومًا ركيزة أساسية لاستقرار الشرق الأوسط، أخذًا في الاعتبار أنها لا تألو جهدًا في الاضطلاع بدورها الطبيعي في العمل مع الأطراف الإقليمية والدولية لاستعادة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط".

النزاعات الدامية
وتطرق الرئيس في كلمته إلى النزاعات الدامية بين الدول وقال: "على رأس النزاعات الدامية في المنطقة، يستمر الوضع الأليم الذي تعيشه سوريا على مدى السنوات الماضية، والذي تسبب في مقتل مئات الآلاف وتحويل الملايين إلى نازحين ولاجئين داخل أوطانهم وبالدول المجاورة، ومن بينهم نصف مليون سوري استقبلتهم مصر كأشقاء، يلقون معاملة المصريين فيما يتعلق بالرعاية الصحية والتعليم والسكن. إن نزيف الدم في سوريا وغياب الأفق السياسي أمر لم يعد مقبولًا استمراره، فالمطلوب واضح، وقف فوري وشامل لكل الأعمال العدائية في جميع أنحاء سوريا، يمهد لحل سياسي يحقن الدماء ويحفظ وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية ومؤسسات دولتها، ويحقق طموحات السوريين، ويمنع استمرار الفوضى التي لم تؤدِّ إلا لتفشي الإرهاب. وفي هذا السياق، فإننا نرحب باتفاق وقف العدائيات الذي تم التوصل إليه بجهد مشكور من جانب روسيا والولايات المتحدة، ونتطلع لسرعة التحرك الدولي الجاد لاستئناف المفاوضات في أقرب وقت للتوصل لتسوية شاملة للأزمة.

النزاع العربي الإسرائيلي
وأضاف: "وفي نفس السياق الإقليمي المضطرب ما زال الصراع العربي الإسرائيلي جوهر عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وهو ما يتطلب تكاتف جهود دول المنطقة والمجتمع الدولي للتوصل لحل نهائي وشامل للصراع. وإذ تبذل مصر مساعيها الحثيثة لتحريك العملية السلمية، وصولًا لتسوية نهائية وسلام دائم وعادل قائم على حل الدولتين، فإنها ترحب بالمساعي القائمة على رغبة حقيقية في تحسين الأوضاع في الأراضي الفلسطينية في ظل ما يعانيه الفلسطينيون من وضع يجب معالجته والتركيز على إنهاء الاحتلال واستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه من خلال اتفاق سلام وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، يضمن للفلسطينيين حقهم في دولتهم، ويحقق لإسرائيل أمنها وسط علاقات طبيعية في محيطها الإقليمي.

نداء السلام
وقال: "وتؤكد مصر أن يد السلام ما زالت ممدودة عبر مبادرة السلام العربية، وتشدد على ضرورة العمل على اتخاذ خطوات بناءة لإنهاء الاستيطان الإسرائيلي وبدء مفاوضات الوضع النهائي، مع التوقف عن الأعمال التي تضر بالتراث العربي في القدس الشريف".

وأكمل: "اسمحوا لي من خلال هذا المنبر الذي يمثل صوت العالم أن أتوجه بنداء إلى الشعب الإسرائيلي والقيادة الإسرائيلية حول أهمية إيجاد حل لهذه القضية، لدينا فرصة حقيقية لكتابة صفحة مضيئة في تاريخ المنطقة للتحرك في اتجاه السلام.. التجربة المصرية تجربة رائعة ومتفردة، ويمكن تكرارها مرة أخرى لحل القضية الفلسطينية وإنشاء دولة فلسطينية بجانب دولة إسرائيلية.. تحقق الأمن والأمان للفلسطينيين، وتحقق الأمن والأمان الاسرائيليين.. تحقق الاستقرار والازدهار للفلسطينيين، وتحقق مزيدًا من الاستقرار والازدهار للإسرائيليين.
ليبيا

 الهدوء في ليبيا
وعن الأوضاع في ليبيا قال السيسي: "وعلى تماس مباشر مع الأمن القومي المصري، تعيش ليبيا وضعًا دقيقًا وأزمة سياسية عميقة، فرغم أننا حققنا تقدمًا العام الماضي بتوقيع اتفاق الصخيرات، فإن تنفيذه ما زال متعثرًا، وتقوم مصر بدور نشط لجمع الفرقاء الليبيين ودعم تنفيذ الاتفاق كسبيل لاستعادة وحدة وسلطة الدولة الليبية على أراضيها، والعمل من خلال مؤسساتها الشرعية، من مجلس رئاسي وحكومة وحدة وطنية ومجلس نواب وجيش وطني. كما تستضيف مصر اجتماعات للأشقاء الليبيين لتسهيل تنفيذ اتفاق الصخيرات، وتشكيل حكومة وحدة وطنية ممثلة لكل الليبيين، ومصادقة مجلس النواب عليها، لتتفرغ لإعادة الإعمار، ويتفرغ الجيش الليبي لمواجهة الإرهاب، كما ينبغي سرعة رفع حظر السلاح المفروض على تسليح الجيش الليبي، ولا مكان للإرهاب وللميليشيات في ليبيا، فقد آن الأوان أن تُستعاد مؤسسات الدولة الليبية.

وحدة اليمن
وتابع: " وفي اليمن، لا تدخر مصر جهدًا لدعم وحدة اليمن وسلامته الإقليمية وعودة حكومته الشرعية. إننا نؤيد جهد المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، وندعم خطته لحل الأزمة، والتي وافقت عليها الحكومة الشرعية تغليبًا للمصلحة الوطنية، ونؤكد على ضرورة استئناف المفاوضات وأن يعلن سائر الأطراف التزامهم بخطة المبعوث الأممي للتوصل لتسوية شاملة في اليمن وفقًا لقرارات مجلس الأمن، وعلى رأسها القرار رقم 2216، وستستمر مصر في دعم جهود التسوية وتقديم العون الإنساني للأشقاء اليمنيين، فضلًا عن دورنا الأساسي في تأمين وضمان حرية الملاحة في باب المندب والبحر الأحمر.

الأزمات العربية
وقال: "إن أغلب الأزمات العربية انعكاس لحالة من الصراع الدولي، ولا يسعني إلا أن أؤكد رفض مصر للتدخل الأجنبي في الشئون العربية، وأشدد على الالتزام بحسن الجوار، مؤكدًا على تضامن مصر مع الدول العربية في مواجهة أي تدخلات خارجية في ضوء ارتباط الأمن القومي العربي بما فيه أمن الخليج العربي بأمن مصر، وأؤكد أيضًا ضرورة التصدي لمساعي إشعال الفتن الطائفية في العالم العربي".

مسئولية مصر
وأضاف: "بنفس الالتزام، تتحمل مصر مسئوليتها تجاه أمن واستقرار القارة الأفريقية، حيث تتولى حاليًا رئاسة مجلس السلم والأمن الأفريقي، وتحرص على تعميق التعاون بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بما يتواكب مع تنامي التهديدات العابرة للحدود، بما فيها الإرهاب والجريمة المنظمة، وذلك لإحداث نقلة في التعامل مع النزاعات وفقًا لمبدأ «القيادة والملكية الوطنية» لإنجاح جهود بناء السلام. وقد حرصت مصر عبر عضويتيها بمجلسي السلم والأمن الأفريقي ومجلس الأمن الدولي على التنسيق بينهما، وهو ما انعكس بالإيجاب على القضايا الأفريقية في مجلس الأمن، والتي وضعتها مصر على رأس أولوياتها خلال رئاستها للمجلس.

وتابع: "وسعت مصر لدعم بنية السلم والأمن الأفريقية، خاصة تفعيل القوة الأفريقية الجاهزة، وكثفت مصر مشاركتها في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام بالقارة، حيث استعادت موقعها ضمن أكبر عشر دول مساهمة في تلك البعثات، وتدعو مصر لتبني منظور شامل في مكافحة الإرهاب، من خلال مقاربة لا تقتصر على البعد الأمني وإنما تشمل الجانب الفكري. ومن هذا المنطلق ستستضيف مصر مركز مكافحة الإرهاب التابع لتجمع الساحل والصحراء، كذلك تؤكد مصر أهمية دراسة أي مصادر مستجدة للتوتر، أخذًا في الاعتبار ظاهرة التصحر وشح المياه، والحاجات التنموية المتصلة بإدارة المياه العابرة للحدود.

أفريقيا
وقال: "وعلى صعيد الأوضاع في قارتنا الأفريقية، تؤكد مصر على أهمية توفير الدعم للحكومة الصومالية من أجل اتمام الاستحقاقات الانتخابية خلال العام الحالي، وفي بوروندي، تسعى مصر إلى إيجاد حلول لتلك الأزمة السياسية من خلال مجلس السلم والأمن الأفريقي، وبدرجة أكبر من خلال مجلس الأمن، حيث تعمل على التعامل مع الأزمة بالشكل المناسب لتهدئة الأوضاع السياسية، وتمكين جميع الأطراف البوروندية من تعزيز الحوار السياسي السلمي بعيدًا عن استخدام العنف.

جنوب السودان
وتابع: "كذلك سعت مصر منذ اندلاع الأزمة في جنوب السودان للمشاركة في الأطر الإقليمية للتعامل معها، حيث انخرطت مصر مع طرفي الصراع والأطراف الإقليمية والدولية لتحقيق السلام، وتسعى مصر حاليًا من خلال رئاستها لمجلس السلم والأمن الأفريقي، إلى إسهام المجلس بدور أوسع في ذلك، وتعزيز التعاون مع الآلية المشتركة للمراقبة والتقييم. وتطالب مصر بالعمل في إطار حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية لجنوب السودان بشكل يعيد الاستقرار إلى جوبا، أما بالنسبة لجمهورية السودان، فإن مصر تُقدر جهود الحكومة السودانية التي أسفرت عن التوقيع على خارطة الطريق التي طرحتها الآلية الأفريقية رفيعة المستوى في أبريل الماضي.

ظاهرة الإرهاب
وأضاف السيسي: "لقد أضحت ظاهرة الإرهاب بما تمثله من اعتداء على الحق في الحياة خطرًا دامغًا على السلم والأمن الدوليين، في ظل تهديد الإرهاب لكيان الدولة لصالح إيديولوجيات متطرفة تتخذ الدين ستارًا للقيام بأعمال وحشية والعبث بمقدرات الشعوب، الأمر الذي يستلزم تعاونًا دوليًا وإقليميًا كثيفًا. ولقد حرصت مصر دومًا على التأكيد على أن التصدي للإرهاب لن يحقق غايته إلا عبر التعامل مع جذور الإرهاب، والمواجهة الحازمة للتنظيمات الإرهابية، والعمل على التصدي للإيديولوجيات المتطرفة المؤسسة للإرهاب ومروجيها. وأبرز هنا مبادرة مصر خلال رئاستها لمجلس الأمن في مايو الماضي لبلورة آلية دولية لمجابهة الإيديولوجيات المغذية للإرهاب.. وتدعو مصر لاتخاذ المجتمع الدولي كل التدابير للحيلولة دون استغلال الإرهاب للتقدم المعلوماتي والتكنولوجي الذي ساهم في إضفاء أبعادٍ خطيرة على ظاهرة الإرهاب والتطرف الفكري جعلها أكثر تفشيًا في عالم اليوم، الأمر الذي يستوجب العمل من أجل وقف بث القنوات والمواقع الإلكترونية التي تُحرض على العنف والتطرف.

مفترق طرق
وقال: "يمر العالم بمفترق طرق؛ فلم تعد تهديدات السلم والأمن الدوليين تقليدية، بل أصبحت تمس ثوابت الحضارة الإنسانية، وكذلك لم تعد التحديات الإنسانية والبيئية والاقتصادية والتنموية والصحية منحصرة بالحدود الدولية، بل أصبحت عالمية، لا يستقيم معها الوصاية الفكرية، واحتكار العلم والمعرفة.. وأشير هنا إلى أن ميثاق منظمة التربية والثقافة والعلوم «اليونسكو» تضمَّن أن «الحروب تتولد في عقول البشر»، وأنه في تلك العقول «يجب أن تُبنى حصون السلام».. وأؤكد أمامكم من هذا المنبر، أن آفة هذا الزمان هو الإرهاب الذي تبثه دعاوى التطرف والعنف في عقول البشر، ومن ثم فإن علينا أن نغرس في تلك العقول قيم التعايش وقبول الآخر".

الثقافة والتنمية
وقال: "ولما كانت الثقافة انعكاسًا لمنظومة القيم التي يحيا بها الإنسان، فعلينا أن نسخر الثقافة والقدرات التكنولوجية والمعرفية لصالح التنمية وتحقيق السلام، لذلك فإنني أدعو الأمم المتحدة إلى إيلاء اهتمام أكبر للتعامل مع الجوانب الثقافية المتعلقة بالتنمية وتحقيق السلام، والقضاء على الفكر الهدام، بما في ذلك النفاذ للمعرفة ونقل التكنولوجيا والتصدي للإيديولوجيا المتطرفة، وذلك بالمشاركة الكاملة لمنظمة «اليونسكو» التي تقدر مصر الأهمية المضاعفة التي يكتسبها دور هذه المنظمة في عالم اليوم، وضرورة العمل على تعظيم الاستفادة منها للمساهمة في تحقيق واقع أفضل وأكثر أمنًا واستقرارًا وتفاهمًا يتسع للجميع.

واختتم: "على البشرية أن تستعيد جوهر إنسانيتها، فتتشارك في العلم والمعرفة والتكنولوجيا دون احتكار، وتتحد في مواجهة التهديدات، وكما كانت مصر دومًا مثالًا لتراكم الحضارات، فإنها تجدد أمامكم اليوم التزامها بالإسهام المتواصل في تعزيز التعايش داخل الأسرة الدولية، والوصول إلى عالم أكثر أمنًا ورخاءً لأجيالنا القادمة".
الجريدة الرسمية