رئيس التحرير
عصام كامل

متى يواجه السيسي دواعش الداخل؟!


الدواعش هم رمز هذا الزمان.. جماعة معادية للإنسانية لا تعرف إلا الدم والبحث عن الملذات، وعلى الرغم من تدثرهم زورا وبهتانا برداء الدين الإسلامي، حيث أطلقوا على أنفسهم مسمي الدولة الإسلامية في العراق والشام، ومن هنا أشتق المصطلح، فهو اختصار للحروف الأولى من (دولة الإسلام في العراق والشام)، والمصطلح أصبح يطلق مجازا على نطاق واسع داخل مجتمعاتنا، بل وحول العالم كرمز للخسة والنذالة وانعدام القيم والأخلاق، وانتهاك الحرمات وحقوق الإنسان بل وسفك الدماء والإرهاب، وتدمير الحضارات الراسخة في التاريخ، والقضاء على التراث الإنسانى الحضارى، والسعى لتدمير الأوطان، وتنفيذ مخططات تقسيم وتفتيت مجتمعاتنا العربية، لصالح المشروع الأمريكى– الصهيونى، الذي يبتكر يوميا آليات جديدة لتدميرنا والإبقاء على تخلفنا..


وأخيرا تفتق ذهن الجالسين في واشنطن وتل أبيب عن اختراع آلية جديدة لتدمير مجتمعاتنا من الداخل، وهى داعش وهى التطور الطبيعي لقوى الإسلام السياسي، التي أخذت أشكالا متنوعة بدأت بجماعة الإخوان المسلمين ثم السلفيين ثم الجماعات الجهادية ثم تنظيم القاعدة وأخيرا تنظيم داعش.

إذن المقصود هنا بدواعش الداخل هم أعداء الوطن الذين يعملون لصالح المشروع الأمريكى– الصهيونى، والذين يريدون تمزيق المجتمع المصرى، ونشر الكراهية والبغض بين أبنائه، والذين يقومون بأفعال ويتبنون سياسات معادية للغالبية العظمى من شعب مصر، ويدفعون الفقراء والكادحين إلى الكفر بالوطن الذين تجهض أحلامهم البسيطة والمشروعة فوق ترابه، وعلى الرغم من ثورتهم مرتين من أجل تحقيق العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية في أدنى درجاتها، إلا أن نتائج ثوراتهم تأتى بالعكس، فتزداد آلامهم ومعاناتهم أكثر فأكثر، لدرجة أصبح فيها الموت أحد أحلامهم للتخلص من واقعهم الذي يئسوا من إصلاحه وتغييره.

أعتقد أن الصورة قد أصبحت جلية الآن؛ فدواعش الداخل يمكن حصرهم في رموز فساد نظام مبارك الذين مازالوا يسيطرون على مقدرات البلاد، فعلى الرغم من خروجهم من المشهد السياسي ظاهريا وجلوسهم فوق مقاعدهم الوثيرة بقصورهم التي شيدوها على جثث المواطنين الذين سرقوهم ونهبوهم ونهبوا ثروات بلادهم، إلا أنهم قد نجحوا في الدفع بصبيانهم، وينفذون تعليماتهم باستمرار السرقة والنهب لثروات الشعب، والضغط أكثر وأكثر على الفقراء والكادحين، ومعهم الشرائح الطبقية الوسطى التي كانت فيما مضي مستورة، لكنها تعاقب الآن على خروجها ومشاركتها في الثورة ضدهم..

لذلك لا عجب عندما تشهد العديد من حالات الانتحار، نتيجة للفقر وعدم القدرة على العيش؛ فبعض الأسر تقوم بعمليات انتحار جماعي، لدرجة جعلت بعض المفكرين الاجتماعيين يتحدثون اليوم عن ظاهرة الفقر الانتحارى. هذا إلى جانب سقوط أبناء الطبقة الوسطى من فوق السلم الاجتماعى ليستقروا في قاع المجتمع.

والى جانب هؤلاء الدواعش هناك دواعش آخرون يتمثلون في بعض القوى المتدثرة برداء الدين، والذين تمكنوا خلال فترة حكم مبارك من التغلغل داخل كافة مؤسسات الدولة، وهم خلايا نائمة تتربص بالوطن، وقد ظهروا علانية أثناء حكم محمد مرسي وجماعته الإرهابية، وعلى الرغم من الإطاحة برموز الجماعة من المشهد السياسي والدفع بهم خلف قضبان السجون إلا أن هؤلاء الدواعش مازالوا يجلسون فوق مقاعدهم داخل مؤسسات الدولة، ويمارسون مبدأ التقية، ويسعون إلى التخريب بشكل خفي وإلى إثارة الفتنة وتقليب المواطنين على رأس السلطة السياسية، وكذلك على الجيش، والغريب حقا أن الأجهزة الأمنية تعرفهم وبالاسم، ورغم ذلك تتركهم يعيثون فسادا في الأرض، وينشرون الفتنة والبغضاء بين جموع الشعب.

وهنا يأتى السؤال إلى متى يؤجل الرئيس السيسي مواجهته مع دواعش الداخل ؟! فالدواعش الذين يتربصون بالوطن في الخارج يواجههم الجيش وبحسم، فالمعركة مستمرة معهم عبر ما يزيد على الثلاث سنوات في سيناء وعبر الحدود الشرقية كلها، وكذلك معركتنا معهم عبر الحدود الغربية مع ليبيا معروفة ومعلومة وإن كانت بعيدة عن دائرة الضوء، وأيضا عبر حدودنا الجنوبية مع السودان، نقدر دور جيشنا الوطنى في معركته مع دواعش الخارج لكن تأجيل المواجهة مع دواعش الداخل يدفع الفقراء والكادحين إلى الكفر بالوطن، ويعجل بثورة جياع فالفقير الجائع لا يملك ما يخاف عليه، لذلك يجب على الرئيس السيسي التحرك فورا لمواجهة دواعش الداخل رموز فساد نظام مبارك ورموز وأتباع الجماعات المتدثرة برداء الدين القابعين داخل مؤسسات الدولة قبل فوات الأوان، يوم لا ينفع البكاء فوق أطلال الوطن، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية