رئيس التحرير
عصام كامل

لا تقتلوا محمد سعد فإنه لم يطغَ


منذ الوهلة الأولى لتصوير فيلم "تحت الترابيزة" للنجم الموهوب "محمد سعد"، سنت الأقلام لذبح العمل، حتى قبل طرحه بالسينما، ولا أعلم ما السبب في هذه الحرب الشرسة اتجاه هذا الرجل، الذي ما زال يحاول أن يقدم عملا كوميديا.


نعم فمحمد سعد أخطأ الاختيار وباءت محاولاته الأخيرة بالفشل، إلا أن ذلك لا يعطي الحق لكل الأقلام أن تنقض عليه وتضربه ضربة رجل واحد، ليتفرق دمه بين الجميع، فعلى الرغم من تفلسف الكثير في انتقاد فيلم "تحت الترابيزة"، وانتقاد محمد سعد نفسه، إلا أنه لم يقم أحد من هؤلاء الكتاب بتوجيه النصيحة لسعد أو تحديد نقاط ضعفه، إلا من رحم ربي، واكتفوا بتوجيه السهام السامة لجسد فريستهم، التي تقطر دما من كل مناطق جسدها، دون رحمة منهم، وأصبح انتقاد محمد سعد والتقليل من شأن أعماله، نوعا من أنواع التباهي والفخر لدى البعض، وإظهار قوة كلمتهم.

لا أنكر أن هناك من كان حياديا في نقده للفيلم، إلا أن السواد الأعظم كان للمتفلسفين، الذين وجدوا الفيلم أرضا خصبة لممارسة هوايتهم في كتابة بعض الجمل الهجومية التي تحقق أعلى القراءات، دون أن يعلم أصحاب هذه الكلمات أنهم يقضوا على نجم وفنان موهوب بكل ما تحمله الكلمة، فأنا لا أعرف محمد سعد شخصيا، ولم ألتق به إلا مرات قليلة، إلا أنني أعرفه تمام المعرفة من خلال أعماله التي قدمها في السينما والتليفزيون والمسرح على مدى مشوار فني تجاوز عمره الثلاثين عاما.

عرفت محمد سعد من خلال الشخصيات التي قدمها وتركت علامة وبصمة لا ينكرها أحد في السينما، فهو من النجوم القلائل الذين يجيدون صناعة "الكاركترات" الفنية مثل اللمبي وبوحة وأطاطا وحناوي وكتكوت وغيرها.

سعد من الفنانين القلائل الذين أخذ منهم الفن أكثر مما أعطاهم، ومن يريد أن يعرف ذلك فليراجع مشواره في المسرح من خلال مشاركته في مسرحية "شرم برم" عام 1986 وأختم بالعشرة عام 1994 والدبابير وقصة الحي الغربي وغيرها.

أبدو مدافعا عن سعد لكن دفاعي ليس من منطلق إنصافه إنسانيا أو فنيا، وإنما رأفة ورحمة بحاله، وأيضا من أجل إعطائه فرصة أخرى، لعلها تعيده إلى ما كان عليه من قبل، وينافس بأعماله على المركز الأول في قائمة الإيرادات مثلما كان يفعل، فلا أحد يختلف معي على موهبة سعد وقدرته على تقمص الشخصيات والابتكار، إلا أنه يفتقد المرشد والعقل المدبر الذي يديره ويستغل هذه الموهبة. 

لذلك أعيش على أمل أن يجد محمد سعد ضالته ويستعين بفريق عمل جيد يقدم معه أعمالا تعوضه عما مضي، وأقول لكل من يهاجم سعد لا تقتلوه فإنه لم يطغ وإنما أخطأ مثله مثل باقي البشر.
الجريدة الرسمية