مخطط الفتنة بين مصر وروسيا !
علاقة قديمة وممتدة.. صنعت تحالفًا كبيرًا ومهمًا ومؤثرًا ضد الهيمنة الغربية على العالم في الخمسينيات والستينيات.. فالعالم الرأسمالي يعيش على استغلال الدول الأخرى والفقير منها تحديدًا.. هذه العلاقة بين مصر وروسيا استهدفت دائمًا حتى دمرت نهائيًا في السبعينيات وشعر الروس بجرح كبير.. فلم يُقتل عربي أو مصري واحد برصاصة روسية.. وكل مصانعنا الثقيلة ومعها السد العالي بنيت جميعها بالتعاون مع الروس.. وانتصارنا في أكتوبر 73 تم بسلاح روسي.. ولم يكونوا يستحقون ما جرى معهم إلى حد المشاركة مع أمريكا في حربهم في أفغانستان مع كل متطرفي العالم الإسلامي..
تحسنت العلاقات قليلا في الثمانينيات فلا هي عادت لمستوى الستينيات ولا هي بقيت بسوء السبعينيات.. وفجأة.. وفي لحظة البحث عن توازن في العلاقات الدولية بعد 30 يونيو قفزت العلاقات إلى مستوى غير مسبوق بلغ حد التنسيق شبه الكامل في عديد القضايا.. وهذا المستوى وهذه العلاقات أصبحت مستهدفة في صميمها وفي شكلها.. ومن هنا كانت حادثة الطائرة وتوظيفها.. وقبل ذلك ومعه لم تعجب بعض القرارات روسيا لكنها لم تحتج ولكنها أصبحت حذرة خصوصًا أن درس السبعينيات لم يزل هاجسًا في العلاقة بذكرياته المريرة.. ومع مجهودات كبيرة بدأ ملف محطة الضبعة يتحرك ومعه تلطيف حادث الطائرة حتى قطعنا خطوات مهمة في الملف الملتهب..
وأثناء ذلك لا تتوقف لجان الشر الإلكترونية من مهاجمة الروس بصفحات مصرية عادية.. ومن خلفهم البسطاء وحسنو النيات يشككون في مواقف روسيا ويتهمونها بالتآمر على سوريا وغيرها من الاتهامات.. وأخيرًا.. يصدر وزير الزراعة قرارًا بمنع استيراد القمح الروسي دون تحديد بديل ودون دراسة تداعيات ذلك على 8 ملايين فلاح مصري توقفت صادراتهم مساء أمس.. ورغم تباين الأنباء حول ذلك القرار فإن أغلب الظن أنه صدر.. وهنا نتساءل: هل هناك حكومة في مصر بالمعنى العلمي أو وكالة من غير بواب يتخذ فيها كل وزير ما يحلو له ؟
وهل كل الوزرات أصبحت أيضًا وكالات بغير بواب يفعل كل وزير ما يحلو له في وزارته أم أن هناك مراحل لدراسة القرارات قبل اتخاذها؟ كيف سمح البعض بإنجاح الفتنة مع روسيا بهذه السهولة ؟ وكيف سمح البعض بإجهاض جهود كبيرة بذلت في هذا الشأن؟ إن عدة أجهزة مخابرات دولية فشلت في ذلك ونحن نقدمه على طبق من ذهب متبرعين به طائعين !
ميخائيل بوجادنوف خفف أمس من حدة الأمر.. فمسئولو روسيا يتحملون المسئولية وقال إن بلاده تسعى -تسعى وليس تتطلع- لعودة السياحة الروسية إلى مصر قبل نهاية العام.. ومصر قدمت كل ما لديها لتأمين السياح الروس.. أما في حكومتنا فلا حس ولا خبر حتى كتابة هذه السطور لتخفيف أي شيء ولا لإصلاح أي شيء! وحتى لو أردتم إنهاء عقود القمح مع روسيا وهو قرار خطير.. فليكن ذلك بالحوار المشترك والبحث مع الروس أنفسهم عن بديل ومناقشة ذلك عبر جلسات ومفاوضات مشتركة.. وليس بقرارات عصبية متعجلة قد -قد- ندفع ثمنها غاليًا !!