اللي مارَبِّيتهوش الأيام.. يرَبِّيه صندوق النقد!
{الصدمة}
*أيها السادة.. دعوني أبدأ باعتراف صادم إلى حد كبير.. إذ يطيب لي أن أعرب عن سعادتي البالغة لإنهاء الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.. واقرأ ما يلي ربما تتفهم موقفي.
{ياشاكر!}
*رَفَعَ معالي الباشمهندس محمد شاكر، وزير الكهرباء، بالكرسي وأطاح به في الكلوب فقلبها سَوَادًا، وتخبط المواطنون في الظلام وهم يضربون أخماسا في أسداس لاحتساب القيمة الجديدة لشرائح الكهرباء بعد إعلانه عن زيادتها، بنسب تتراوح بين 33% و47%.
الباشمهندس شاكر كان سَبَّاقا للعكننة على خلق الله.. ذلك أنه استبق الإعلان الرسمي عن آثار تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي، التي أصابت الجميع بالتوهان والخبلان المصحوب غالبًا بالإسهال.. وكأنني أسمع الموسيقى المصاحبة للتصريح المؤلم، كونشيرتو بالظلام إحنا ابتدينا بالظلام ياظلام.. فيما يبدو أنها طارت قبل أن تدخل الأيام الكُحْلي.
قسما بالله لا أمتلك جهاز تكييف ولا سخان حمام ولا أي أجهــزة من شأنها إصابة عداد الكهرباء بجنـون الدوران ورفع قيمة الاستهلاك.. لذا ربما أكون المواطن الوحيد الذي يعرب عن سعادته لرفع أسعار الكهرباء لأنها ستضرب جيوبَ قومٍ بالغي الثراء والافتراء.. سَمُّوها حقدا طبقيا، سَمُّوها غِلا بشريا، سموها كلام واحد بصُرْم من الأغنياء، سموها كما شئتم.. لكن دعوني أسوق لكم السبب فربما يجد هوى لديكم.
السبب يا سادة أن السواد الأعظم من مقتني الأجهزة الكهربائية غالية الثمن والتي تلتهم قدرًا هائلا من الكهرباء هم لا مؤاخذة شوية حرامية ومرتشين ومن أصحاب الرزق الشمال، ودعني أصيبك بالقهر عندما أقول لك إنهم يسرقون التيار بالاتفاق مع موظفين حرامية أيضًا بالكهرباء.. هل وضح الآن لماذا أعلن عن فرحتي بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي؟!
{عادي جدًا}
موجة ارتفاع الأسعار قادمة قادمة ولا فائدة من الهري الذي صار كما لو كان حرثا في ماء.. وكما يقول المصريون ما باليد حيلة أو العين بصيرة والإيد قصيرة.. نحن شعب إذا إصابته مصيبة قال إنا لله وإنا إليه راجعون، واستند بخَدَّه على قبضة يده، ليدع الأيام تفعل ما تشاء.
ولأنني دائمًا ما أذهب إلى رأي يحدف شمال إلى حد كبير.. أكرر الإعلان عن سعادتي بالاتفاق مع صندوق النقد انطلاقا من نظرية ضربوا الأعور على عينه قال خربانة خربانة، فربما تذهب آثار شروطه بعيدًا عن قفايا وأقفية كثيرين من شريحتي.. ذلك أن عندي قناعة بأن المصري عنده الدنيا تولع، لكن دون المساس بشوية الفول وقرص الطعمية وحجر المعسل واللقمة الحِرْشَة برنجان على بطاطساية على شوية ملح وفلفل أسود.
المصري يتحايل على ارتفاع الأسعار بحيل جهنمية.. لو ارتفعت أسعار الطماطم وهفت شهية أولاده للطماطم الغالية فلايجد بأسا من شراء حباية وعصرها وتفريغها في سرنجة ويضرب لكل عيل اتنين "سنتي" في العضل أو في إليته، وتمضي الحياة.. أما اللحم فربما نسي المواطن المصري اسمها بعد أن فقد شكلها وطعمها ورائحتها، ولا أنسى دعائي المأثور: اللهم أرني يومًا في شاريها وبائعها وحاملها وشاويها وسالقها وآكلها لا أستثني من هؤلاء الظلمة أحدًا.. وأزيد اللهم سلط عليهم الصندوق والبنك الدولي وسائر الدول المانحة للقروض بشروط أسود من قرن الخروب.
{نذْر عليَّ}
يا أهلا بالصندوق.. وأقول لمن يصرخون خوفًا من شروطه.. اللي مارباهوش أمه وأبوه تربيه الأيام والليالي واللي ماتربيهوش الأيام والليالي يربيه صندوق النقد.