رئيس التحرير
عصام كامل

إعلان البشير عدم ترشحه للرئاسة مجددًا يربك الحسابات بالسودان.. الحزب الحاكم فى مأزق لعدم وجود البديل.. وسليمان: تصريح الرئيس "سياسى".. والمحكمة الدستورية هى الفيصل فى الطعون المقدمة من الأحزاب

الرئيس السودانى عمر
الرئيس السودانى عمر البشير

أثار إعلان الرئيس السودانى عمر البشير مؤخرًا بعدم الترشح لدورة رئاسية جديدة، جدلًا واسعًا على المستويين السياسى داخل حزبه "المؤتمر الوطني"، والدستورى داخل البرلمان.


فعلى المستوى السياسي، قال عضو المكتب القيادى لحزب (المؤتمر الوطني) الدكتور قطبى المهدي، إن حزبه (فى ورطة) للخروج من المأزق لأنه لم يكن مستعدًا لإيجاد البديل.

وكشف المهدى فى حديث لصحيفة (الرأى العام) الصادرة اليوم الأحد، أن الحزب فى اجتماعات مستمرة منذ إعلان الرئيس فى محاولة للخروج من (هذه الورطة)، لكن الوقت تأخر بعض الشىء لإيجاد مخرج بالنسبة للحزب.

وأعرب القيادى بالحزب الحاكم عن اعتقاده بأن البلاد تمر بظرف استثنائى والحزب فشل فى تجهيز شخصيات قيادية تستلم من البشير، وبالتالى يجب ألا يكون هناك موقف مبدئى من عدم ترشيح البشير حتى ولو برغبته، مضيفًا أن البشير شخص استثنائى يناسب المرحلة الاستثنائية التى تمر بها البلاد.

ووضع المهدى ثلاثة احتمالات لتجاوز هذا الموقف، موضحا أنه (فى كل الأحوال إما أن يأتوا بشخص من جيل البشير فنكون كررنا نفس التجربة، أو إذا كان من جيل جديد فلابد أن نتحمل مخاطرة ترشيح شخص غير مؤهل، والاحتمال الثالث أن يأتوا بمرشحين آخرين ربما ليست لديهم القدرة والسند الشعبى والتجربة كما البشير).

وعبر عن اعتقاده بأن الشخص القادم لن يستطيع أن يعالج المشكلات الراهنة مثل البشير، وقال إن الاشكال ليس فى أن يتخلى عن الرئاسة لأن نائبه من الطبيعى أن يخلفه، بل الإشكال فى أنه لن يترشح.

وأضاف القيادى بالحزب الحاكم، أن ترشيح نائب الرئيس عن الحزب واحد من الخيارات، ولكنه أوضح أنه إذا ترشح نائبه سيطرح سؤال: لماذ ذهب البشير، ونائبه تحمل معه ذات المسئولية بذات التجربة ؟.

من جهته، كشف رئيس لجنة التشريع والعدل بالبرلمان السودانى الفاضل حاج سليمان عن جدل دستورى حول قانونية ترشح البشير لدورة جديدة من عدمه فى ظل وجود تفسيرين مختلفين بهذا الخصوص، مشيرًا إلى أن المحكمة الدستورية هى الفيصل فى ذلك حال تمسك حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم بترشيح البشير، وأن من حق الأحزاب السياسية وقتها الدفع بطعن دستوري.

وأوضح الفاضل فى حديث لصحيفة (المجهر) أن الوقائع الحالية لا تتطلب فصل المحكمة الدستورية ما لم يتقدم البشير للترشح نظرًا لأن ما يخرج من تصريحات لا يعدو كونه حديثًا سياسيًا - على حد قوله .

وأشار إلى وجود تفسيرين فى الدستور فيما يتعلق بالدورات الرئاسية، فالنص فى المادة 57 جاء قاطعًا بأن أجل ولاية الرئيس تستمر 5 سنوات فقط منذ توليه منصبه عام 2005 وحتى 2010 ويجوز انتخابه لولاية ثانية حتى 2015 ، بينما المادة (24) / 4 تحتمل تفسيرين الأول منهما أن أى إجراءات اتخذت أو أى أجهزة أنشئت بموجب دستور 2005 يعنى أن فترة الرئيس تنتهى فى 2010 وأعيد انتخابه فى ذات العام وتنتهى فى 2015.

أما التفسير الثانى للمادة (24) / 4، فقد تحدث عن أن الفترة السابقة انتقالية وبعدها تأتى انتخابات 2010 ويتم ترشيح الرئيس لدورة أولى تبدأ من 2010 إلى 2015، ومن ثم فليس هناك ما يمنع البشير عن الترشح لدورة تنتهى فى 2020.

وأضاف الفاضل أن حديثه كرئيس للجنة التشريع بالبرلمان لا يشكل فتوى دستورية ملزمة لأية جهة، وأن الإفادات مجرد قراءات فى نصوص الدستور التى عالجت وضعية الرئيس.

وفى ذات الشأن، أوضح رئيس الكتلة البرلمانية لنواب حزب (المؤتمر الوطني) الحاكم الدكتور غازى صلاح الدين العتبانى أن ما نسب إليه من تصريحات فى بعض وسائل الإعلام حول إعادة ترشيح رئيس الجمهورية عمر البشير كان تأويلًا لنص دستورى وليس حول أهلية ترشيح الرئيس .

وقال العتبانى فى بيان نشرته الصحف اليوم الأحد، إن ما "ذكرته بعض وسائل الإعلام حول تعذر ترشيح الرئيس وفق الدستور الراهن ليس رأيًا متعلقًا بأهلية الرئيس ولا بجدوى ترشيحه، وإنما هو تأويل لنص محكم فى الدستور الانتقالى لسنة 2005" .

وأضاف "المادة 57 من الدستور الانتقالى تقول: "يكون أجل ولاية رئيس الجمهورية خمس سنوات تبدأ من يوم توليه لمنصبه ويجوز إعادة انتخابه لولاية ثانية فحسب".

وأشار صلاح الدين إلى أن هذا "النص لا يأبه للكيفية التى تأهل بها الرئيس للرئاسة أهى بالانتخاب، أم بالتراضي، أم بقوة اتفاقية السلام، بل يشير فقط إلى ابتداء ولاية الرئيس ولا يذكر أى شيء عن انتخابه إلا عند الحديث عن التجديد لولاية ثانية".

ومضى بيان العتبانى للقول إنه، "إذا أجمع الناس على أن أمور البلاد لا تستقيم إلا بالتجديد للرئيس لحكمة يرونها فعليهم عندئذ تعديل الدستور، أو إصدار دستور جديد يسمح بتجديد غير مقيد للولاية"، وأضاف "لكن هذه قضية سياسية ذات تشاعيب يضيق المجال عن الخوض فيها".

الجريدة الرسمية