رئيس التحرير
عصام كامل

مصر بين دولة السيسى ودولة الجماعة 22


نحيا اليوم فى عصر المعلومات، رغم أن الكثيرين منا لا يقرأون. وينتظر البعض حروباً تقليدية، تُمطر الشرق الأوسط بالقنابل والصواريخ. إلا أنهم لو لاحظوا ما يجرى فى مصر اليوم، لاكتشفوا أننا فى حرب حول مصير وهوية البلاد بالفعل. فما نحياه هو حرب بأسلوب غير تقليدي، وقد تم الإعداد لها منذ فترة طويلة للغاية.


فالحرب تهدف إلى إجبار طرف ما على فعل أمر لا يريد فعله لو تُرك حُراً، وهى أيضاً تؤدى إلى الدمار. والسؤال هو: ما الذى نحياه على مدى العامين الماضيين غير ذلك؟!

وأسلوب الحرب التى نحياها، هى استغلال الرأى العام فى المُطالبة بأمور لا يمكن تحقيقها فى مصر، كما أظهرت الأيام، بل إن هناك مُطالبات أيضاً، بتدمير الدولة عن عمد أو غير عمد. وقد قال أعضاء "الاشتراكيون الثوريون" علناً بأن هدفهم هو إسقاط الدولة، وهم من يهتفون حتى اليوم "بسقوط الجيش" على سبيل المثال، وهو عمل لا يخدم إلا إسرائيل بالطبع، وهى خيانة علنية لمصر، لا يُسمح بها فى الدول المُصدرة لتلك الحركات، فما بالك بمصر المُحاطة بتهديدات الآن من كل جانب!!

فعندما أدركت الولايات المتحدة أن تكلفة غزو العراق باهظة، وجدت أن هدم الدول من داخلها أقل كُلفة، فكان الاعتماد على فصائل داخل الشعوب، لإضعافها بخلق عدو داخلي، أقل ثقافة أو يريد الوثوب على السلطة، لضرب اللُحمة الوطنية والسُلطة المركزية وتفكيك المجتمعات، من خلال استخدام أفكار غريبة عنها، من حيث البُعد التاريخى والتكوين الطبيعي. وكأن الأمر هو إصرار على أن يحيا التمساح الاستوائى فى القُطب الشمالى والدُب القطبى فى المناطق الاستوائية!!

فلكى تُطبق النُظم السياسية المستوردة من أماكن نشوء مختلفة، تحتاج إلى نفس الظروف وتاريخ النشأة والثقافة التى نشأت فيها. ولا يُمكن مُقارنة الأحداث المُماثلة فى شرق أوروبا بما حدث فى مصر أو الدول التى حولنا، لأن السياق التاريخى مُختلف كُلياً، كما أن تكوين المُجتمعات هناك مُغاير تماماً.

ولذا فان تطبيق الديمقراطية فى دولنا، سيؤدى إلى أحداث أكثر دراماتيكية، مما هو حادث من تعدى المُتأسلمين على تلك الديمقراطية اليوم، لأنهم يؤمنون بالفكر الأُحادي، بل يرون أنهم هم من يدافع عن الله وليس الله هو المُدافع عنهم، وكأنهم وكلاء لله على الأرض، فكيف لهؤلاء أن يفهموا معنى الديمقراطية من الأساس ليُطبقوه أو يلتزموا به؟!

بل كيف لمن يريد أن يهدم الدولة من اشتراكيين ثوريين أن يفهموا الديمقراطية، وهم يريدون هدم الكيان الضام للمصريين من أساسه؟! فهم يؤمنون فقط بوجهة نظرهم ولا تهمهم مُجمل آراء المختلفين عنهم.

وكلاهما، سواء المتأسلمين أو الاشتراكيين الثوريين، يتحججان بالديمقراطية، لتنفيذ ما يريدان، بينما ينكرانها حينما تكون ضد رغباتهما!!

فكيف يستقيم الأمر بديمقراطية الاتجاه الواحد؟! وكيف للبعض أن يهتف بهتافات مضادة لرؤية الأغلبية القصوى من الشعب، مثل ما هو مُضاد للجيش، وفى النهاية يريدون تطبيق الديمقراطية؟! فكل هذا مُضاد لفكرة حكم الشعب، ويُعبر بوضوح عن ديكتاتورية أبشع من كل ما تعرضت له مصر، وكأن الشارع فجر ما هو أسوأ من الماضى كله!!

إلا أن كل هذا، معروف تماماً للأمريكيين، ومُحدثى الفوضى من أتباع الإخوان، ولذا، فإنهم يعملون بكل ما أوتوا لخدمة سيدهم فى الخارج بإضعاف مصر لصالح "مشروع الشرق الأوسط الجديد" وتمكين إسرائيل من الهيمنة على الشرق الأوسط، لصالح الهيمنة الأمريكية على العالم كله، على مدى العقود القادمة، لندخل فى "استعباد" لم تشهده مصر طيلة تاريخها وليس تقدماً أو نقلة نوعية للأفضل!!
وللحديث بقية ..

والله أكبر والعزة لبلادي،
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية

الجريدة الرسمية