رئيس التحرير
عصام كامل

«الإدارية العليا» تؤسس مبدأ قضائيا بإلزام الدولة والبرلمان بالرقابة على الحسابات والصناديق الخاصة.. المحكمة تطالب بإصدار تشريعات لدمج الإيرادات في الموازنة العامة..وتحظر مكافأة موظفي المالية

المحكمة الإدارية
المحكمة الإدارية



أصدرت المحكمة الإدارية العليا مبدأ قضائيا بإلزام الجهات الإدارية والبرلمان بأعمال الدور القانوني لهما حفاظا على أموال الدولة وأعمال الرقابة على الحسابات والصناديق الخاصة ومحاربة الفساد ترسيخا لقاعدة سيادة القانون.


وناشدت المحكمة الجهة الإدارية "الحكومة" باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بتطبيق المادة 187 من القانون المدنى لاسترداد جميع المكافآت، والالتزام عند الصرف من الصناديق والحسابات الخاصة بالأغراض المنشأة من أجلها، وإلا ترتبت مسئوليتهم عن تسهيل الاستيلاء على المال العام. 

تشريعات برلمانية
وناشدت المحكمة مجلس النواب أن يصدر التشريعات التي من شأنها أن تدخل كافة إيرادات الدولة ومصروفاتها دون استثناء في الموازنة العامة للدولة لتفعيل رقابة البرلمان والأجهزة الرقابية بالدولة عليها، ومحاسبة المخالفين، وذلك كله تطبيقا للمواد المستحدثة في الدستور القائم الصادر في عام 2014 برقم 124، 173، و217، وترسيخا لقاعدة سيادة القانون وخضوع الدولة له. 

حظر تقاضى مبالغ بحجة المكافآت
وقالت المحكمة: إن المشرع حظر حظرًا تامًا على ممثلى وزارة المالية لدى وحدات الجهاز الإدارى للدولة ووحدات الإدارة المحلية وغيرها من الجهات التي يوجد بها تمثيل لوزارة المالية تقاضى أي مبالغ من هذه الجهات كمكافآت تشجيعية أو تعويض عن جهود عادية أو حوافز أو أي مبالغ نقدية أو مزايا عينية تحت أي مسمى، وأناط بوزير المالية وضع القواعد التي تكفل إثابتهم وتعويضهم عن الأعمال والجهود التي يؤدونها لدى هذه الجهات على النحو الذي قرره القانون، وذلك نظرًا لما يؤديه ممثلو وزارة المالية لدى هذه الجهات من دور رقابى على تصرفاتها من الناحية المالية وحرصًا على نزاهة عملهم وبعدًا بهم عن الشبهات وكفالة استقلالهم وعدم تأثرهم بقيادات هذه الجهات.
كما تضمَّن قرار وزير المالية في المادة الثالثة منه حظرًا مؤداه عدم جواز مشاركة ممثلى وزارة المالية بهذه الصفة في عضوية مجالس الإدارات أو الجمعيات العمومية أو الاشتراك في لجان أو القيام بأي أعمال خارج نطاق وظائفهم إلا بموافقة وزير المالية أو من يفوضه. 

أيلولة جميع الإيرادات للدولة
وأضافت المحكمة أنه تطبيقا لمبدأ وحدة الموازنة العامة للدولة وعموميتها وعدم تخصيص الإيرادات، يتعين أن تؤول كل إيرادات الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص للخزانة العامة للدولة - عدا التبرعات والهبات والمكون الدولى منها الذي نشأ بناء على اتفاقية دولية – إذ أن الصناديق والحسابات الخاصة تتبع الجهات الإدارية بالدولة والتي تحصل على مخصصات من الموازنة العامة.
وأوضحت أن الدقة والأمانة المتطلبتين من الموظف العام تقتضيان منه أن يبذل أقصى درجات الحرص على أن يكون أداؤه عملا صادرًا عن يقظة وتبصر، بحيث يتحرى في كل إجراء يقوم به ما يجب أن يكون عليه الرجل الحريص من حذر وتحرز وتبصر، فإذا ما ثبت في حق الموظف أنه قد أدى عمله باستخفاف أو غفلة أو لا مبالاة، كان خارجًا بذلك عن واجب أداء العمل بدقة وأمانة، ومن ثم يكون مرتكبًا مخالفة تأديبية تستوجب المساءلة، ولو كان الموظف حسن النية سليم الطوية، لأن الخطأ التأديبي المتمثل في مخالفة واجب أداء العمل بدقة وأمانة لا يتطلب عنصر العمد، وإنما هو يتحقق بمجرد إغفال أداء الواجب الوظيفي على الوجه المطلوب.
وتابعت المحكمة: إنه من المبادئ الأساسية المستقرة في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن يتعين أن تقوم المسئولية التأديبية على أساس ثابت على سبيل القطع والجزم واليقين لوقوع الفعل المخالف للقانون أو للقواعد المرعية في السلوك السليم، بما يمس النظام الإداري أو يخل بحسن سير وانتظام المرفق العام، مع ثبوت نسبة هذا الفعل بذات الدرجة إلى من يتم توقيع الجزاء التأديبي قِبله، ولا يسوغ أن تبنى المسئولية التأديبية، مثلها في ذلك مثل المسئولية الجنائية على الشك والظن والاحتمال والتخمين، بل يتعين أن تستند إلى أدلة كافية وقاطعة في توفير اليقين، سواء من حيث وقوع الفعل المؤثم تأديبيًا أو نسبته إلى من يجري عقابه تأديبيا.

وأشارت إلى أن المستقر عليه أن العبرة في الإثبات في المواد التأديبية ــ شأنها شأن المواد الجنائية ــ هي باقتناع القاضي واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه، فله الأخذ بأي دليل يطمئن إليه إلا إذا قيده المشرع بدليل معين، ولما كانت الشهادة تعتبر من أهم الأدلة إثباتا أو نفيا، فإن للمحكمة في سبيل الوصول للحقيقة أن تأخذ أيضا بما تطمئن إليه من أقوال الشهود، وأن تطرح ما عداها مما لا تطمئن إليه منها، بحسبان أن الشهادة في الأصل هي تقرير الشخص بما قد يكون قد رآه بعينه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه، أي أنها حصيلة معلومات قد حصل عليها بنفسه، وهي مما يحتمل الصدق أو الكذب، وأن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي تؤدَّى فيها شهادته مرجعه إلى محكمة الموضوع، فلها أن تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه وبمراعاة أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة بما يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، ومن ثم فإنه لا تثريب عليها إن هي استندت في حكمها إلى الأخذ بأقوال الشهود دون أن تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو الدعوى متى اطمأنت إليها، ولو عَدَل عنها، متى كان من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وأن في اطمئنانها إلى هذه الأقوال ما يفيد أنها قد طرحت ما أُبدي أمامها من دفاع قُصِد به التشكيك.
الجريدة الرسمية