لعن الله من أشعلها!
لست راغبا في التطرق إلى ما جرى من سوء تفاهم، بين بعض شيوخ الأزهر ووزير الثقافة، وإنما توقفت أمام عبارات وردت على لسان قيادة أزهرية، عجزت عن تفسيرها.
سوء الفهم بدأ عقب نشر الصحف لما جرى في مؤتمر دعت إليه الهيئة القبطية الإنجيلية «منتدى حوار الثقافات»، ونسب للوزير أنه حمل الأزهر مسئولية نشر العنف، وقد نفى الوزير تلك الفرية، وأشار إلى أن رأيه حول مؤسسة الأزهر يتضمنه كتابه «الأزهر الشيخ.. والمشيخة»!!
حذر النمنم في بيان صحفي من الإصرار على إحداث الوقيعة بين الأزهر، ووزارة الثقافة، التي لن تخدم إلا الإرهابيين والمتشددين.
وكان من المفترض أن يتوقف شيوخ الأزهر، عن توجيه الاتهامات للوزير دون الاطلاع على نص مداخلته في المؤتمر، وأن يتفهموا موقف الرجل الذي قدم شرحا وافيا له في تصريحات رسمية، تؤكد احترامه الكامل للأزهر.. وأن ما نقل عنه غير صحيح بالمرة، لكن الحملة لم تتوقف، ومحاولات جر المؤسسة العريقة إلى معارك وهمية، كانت في غني عنها، لأن معركتها الحقيقية تتمثل في التصدي للأفكار المتشددة التي تفرخ الإرهاب، وأن تعد أجيالا تنتظم حاليا فيما يقرب من ألف معهد أزهري، وتمكينهم من امتلاك ناصية العلوم الفقهية الصحيحة، بالإضافة إلى ملاحقة التطور العلمي في مناهج الجامعات العالمية، والحقيقة أن المفكر حلمي النمنم ليس أول من طالب بتنقية مناهج الأزهر، وإنما بدأت المطالبة من داخل المؤسسة الأزهرية، وتشكلت العديد من اللجان لتنقيح المناهج، كما حمل رئيس الدولة علماء الأزهر مسئولية تجديد الفكر الديني.. أمام الله والشعب.
وتلك المطالبات لا تعني التحامل على الأزهر، كما أن الدفاع عما تتضمنه بعض الكتب المقررة على التلاميذ من آراء فقهية قد تفسر على أنها تبرر العنف، لا يتوافق مع ما تعلنه المؤسسة من أنها جادة في تطوير المناهج الأزهرية.. وحذف ما ورد بها من حشو لإحداث نهضة حقيقية في التعليم الديني حتى يواكب العصر.
أما العبارات التي وردت على لسان الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة كبار علماء الأزهر، فقد عجزت عن أن أجد لها تفسيرا مقنعا.
وفي إطار هجومه غير المبرر على الوزير قال مهنا: أنا أتحدي الوزير أن يتحدث عن شخصيات ومؤسسات غير إسلامية مثل بابا الفاتيكان، والكنيسة الأرثوذكسية في مصر، مثلما يتحدث عن الأزهر.
ولست أدري ما دخل الكنائس في هذه الواقعة المنسوبة إلى وزير الثقافة، ولماذا يسعي الشيخ إلى توسيع دائرة الخلاف لتشمل الأقباط علما بأنه ليس لهم شأن بالخلاف المزعوم بين الأزهر ووزارة الثقافة.
وأخشي ما أخشاه أن تكون تلك المقاربة، ناتجة عن أن مشاركة الوزير كانت في مؤتمر دعت إليه الهيئة القبطية الإنجيلية «منتدى حوار الثقافات» وألا يكون للشيخ الفاضل علم بأن مؤسسة الأزهر شريك أساسي في المنتدي، وتكلف رسميا عددا من العلماء للمشاركة في أعمال المؤتمرات التي يقيمها المنتدي، وأن وكيل الأزهر السابق الشيخ محمود عاشور وغيره من رموز التسامح الديني لا يتخلفون أبدا عن المشاركة في كل المؤتمرات.. وكانوا من المؤسسين للمنتدي الذي لم يتوقف منذ سنوات، عن غرس قيمة الحوار في المجتمع المصري، والتأكيد على احترام الآخر المختلف فكريا ودينيا، وغرس قيمة المواطنة بين المصريين.
وربما لا يعلم فضيلة الشيخ المحترم ما قام به مؤسس الهيئة الإنجيلية ورئيس الطائفة المرحوم القس صموئيل حبيب، عندما اشتد الهجوم على الإسلام في الدول الغربية، والادعاء بأنه دين يدعو للعنف، مما دفع القس عاشق الوطن إلى اصطحاب فضيلة المفتي وقتها الدكتور طنطاوي الذي أصبح شيخا للأزهر بعد ذلك، ليقدم الإسلام الصحيح أمام العالم.. ويشير إلى تسامحه ووسطيته، وقد أقام القس عشرات الندوات في دول مختلفة، ودعا إليها بحكم وضعه الدولي العديد من الرموز السياسية للحوار مع المفتي المتفتح، ما كان له أبعد الأثر في تغيير نظرة الغرب إلى الإسلام.. وإلي مصر.
ويواصل القس أندريه زكي الرئيس الحالي للطائفة، توضيح المواقف المصرية في كل الزيارات التي يقوم بها لدول العالم، وكان آخرها الرد على العديد من أعضاء الكونجرس في زيارته لأمريكا، ومطالبتهم بالاتفاق على معايير واحدة، للتعامل مع الدول الأخري خاصة فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، حيث يصمت الكونجرس عن تجاوزات الأصدقاء.. ويضخم في ممارسات الآخرين.
معلومات قد تنقص شيخنا الفاضل.