وفديناه بذبح عظيم
في هذه الأيام المباركات، نتذكر قصة فداء الله لسيدنا إسماعيل عليه السلام، التي ستبقي خالدة أبد الدهر، بعد أن رأي أبونا إبراهيم في المنام أنه سيذبح ابنه فلذة كبده، بعد أن أمره الله بذلك، وهي الرؤيا التي لوكانت في زماننا هذا لاهتزت لها كل الكرة الأرضية ما بين اتهامات بالوحشية، والرجعية، ومطالبات بعدم انصياع الابن لرؤيا الأب، واتهامات للأب بالجنون، والقسوة، وهي اتهامات في صورتها المنطقية تعد صادقة وصحيحة إلا أن أوامر اللهِ ونواهيه قد لا يدركها المنطق.
ومن ثم يحار المرء في مغزي هذه القصة العظيمة التي أظهر فيها كل من الأب والابن الطاعة والخضوع لله سبحانه وتعالي بعد أن استسلم الابن لأمر والده وامتثل له بالذبح، بينما امتثل الأب لأوامر الله تعالي بالتخلص من ثمرة فؤاده بالطريقة التي أُمر بها، وجاء الفداء من الله بذبح عظيم، وهكذا كل من امتثل ويمتثل لأوامر الله فإن الله لا محالة ناصره ومعينه، بعد أن أسلم أمره وقياده لله تعالي..
وقد فعل ذلك كل الأنبياء والرسل والصالحين فقد كذبوا وعذبوا، وأوذوا في سبيل الله، وابتلي كل منهم بابتلاء مختلف، فصبروا على ما حل بهم ابتغاء مرضاة الله وامتثالا لأوامره فجاءهم النصر من الله تعالي، إما بإهلاك أعدائهم، كما حدث لسيدنا موسى مع فرعون وكما حدث مع سيدنا عيسى إذ نجاه الله برفعه إليه وإما بالنصر والتمكين كما حدث لسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم مع كفار قريش، وهكذا هي عادة السماء مع أهل الأرض، بلاء فجهاد وصبر ثم تمكين وتثبيت ونصر من الله القوى العزيز.
كل عام أنتم بخير