رئيس التحرير
عصام كامل

الشعراوى..والزكاة تغنى الفقراء عن لحم الأضاحى!


كل سنة ومصر والإنسانية بخير وسلام وأمان، وذلك بمناسبة عيد الأضحى المبارك أعاده الله على الإنسانية بالخير، الحقيقة يأتى عيد الأضحى كل عام ومعه كثير من القضايا الجدلية التي يختلف فيها الفقهاء بعضهم البعض، وأحيانا بين الفقهاء وغيرهم من المثقفين أو المبدعين، تثير الجدل ولا تحسم، من الموضوعات التي تثار كل عام حول الأضحية، وكيف يمكن أن نتعامل معها بشكل وبأسلوب القرن الواحد والعشرين.


ونذكر هناك عددا من قصص الخلاف التي تثار أحيانا، الذبيح تعلمنا منذ طفولتنا أنه سيدنا إسماعيل عليه السلام وهو ابن أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام، ولكن سألنى رجل أعمال يحاول أن يكون مثقفا ذات يوم: من تعتقد من هو الذبيح الذي افتداه الله ؟! أجبت بتلقائية وبحسم سيدنا إسماعيل! فرد قائلا: سيدنا إسحاق وليس إسماعيل مثلما يردد فقهاء الإسلام..هكذا قرأت في التوراة!

الحقيقة كانت إجابتى بان الأمر لايفرق معى أن يكون سيدنا إسماعيل أو سيدنا إسحاق كلاهما ابني أبي الأنبياء سيدنا إبراهيم، والمهم عندى القصة ومضمونها والحكمة التي نستخلصها من الحادثة! إلى أن التقيت بالعالم د. محمود بركات الذي قدم عددا من الكتب البحثية المهمة خاصة عن المزاعم اليهودية والمعروفة بالإسرائيليات، والتي تهدف إلى نشر أفكار تشوه الإسلام وتجعله في صورة المتناقض، وسألته فيما قيل عن أن الذبيح هو سيدنا إسحاق وليس سيدنا إسماعيل عليهم جميعا السلام، أجاب:هذا ليس فقط ما يردده اليهود بل وصل بهم الحال أنهم نشروا أفكارهم بخبث حتى وقع عالم في حجم الإمام الطبرى بالزعم بما قالوا إن الذبيح هو إسحاق وليس إسماعيل..!

وأضاف د.محمود بركات: القضية أخطر من هذا بكثير، وهي إعادة قراءة ما ورثناه لفقهاء لهم احترامهم وتقديرهم، ولكن ترك الأمور وتقديس ما تركه القدامى سيزيد الفجوة بين حقيقة الدين وما نمارسه ونردده ويصدقه العامة وكأنه من السماء، وهو ليس كذلك، القراءة لابد أن تكون علمية وبعيدا عن العوام، في غرف مغلقة ومايتم الاتفاق عليه يعلن ويلتزم به الجميع!

الذي جعلنى أكتب عن عيد الأضحى إعلان متداول عن إحدى الجمعيات الأهلية التي تعلن عن قيامها بذبح الاضحية، وأعلنت أنها توصل اللحمة إلى 2 مليون أسرة !! الرقم رهيب ويحتاج مراجعة كيف تصل إلى 2 مليون أسرة؟ ولابد من المحاسبة لو أن الأمر غير صحيح، الأستاذ رضا شاهين يعلق على هذا قائلا: هناك جمعيات يقودها آفاقون ولصوص، والغرض من الإعلان الضغط نفسيا على المواطن من أجل استنزاف مزيد من التبرعات وايهام جهات التمويل بأنهم ماضون قدما في إعانة الفقراء وغوث الملهوفين.. أي أنها أولا وأخيرا متاجرة بدماء المحتاجين!

وهناك من شكك في الرقم ، لأن 2 مليون أسرة في حد أدنى أربعة أفراد، أي ثمانية ملايين مواطن، وهذا أمر مستحيل، وماذا بعد؟! هل الذبح سنة؟ نعم سنة! السنة يمكن تطبيقها ويمكن لا؟ نعم! هل هناك من أفتى بأن الأضحية في العيد تعلق أو يتم توجيهها إلى أمر آخر!؟ نعم..كثيرون، ومن هنا لماذا لا نفكر تفكيرا فيه من المبادرة والإبداع للاستفادة من سنة سيدنا رسول وتوجيهها لحل مشاكلنا الأخرى التي الأصل فيها المال!؟ هذا التفكير لابد أن يكون نابعا من اقتناع في المجتمع، وتؤيده الرؤية الدينية.

في هذا المقام أتذكر قضية الزكاة خاصة وأنها مملوءة بالعشوائية في بلدنا، وذلك نظرا لعدم الرقابة عليها وتعدد مصادر جمعها، وكان الشيخ الإمام محمد متولى الشعراوى له رؤية تخالف آراء كثيرين من الفقهاء، يقول الشعراوى:لا أتفق مع من أباح التبرع بالزكاة للصرف في مشاريع حتى ولو بناء مساجد، الزكاة مخصصة للفقراء وبالتالى لايمكن أخذ حق الفقراء وصرفه في أي مجال آخر!

هذا الرأى للأسف لايؤيده الكثيرون ويفتون بإمكانية صرف الزكاة في المشاريع وغيرها من القضايا التي تريد الدولة استخدام عائد الزكاة فيها، ولكن لو أننا نفذنا رأى الشيخ الشعراوى وصرفنا الزكاة على الفقراء، ما احتجنا إلى ضرورة الذبح، واللحمة لا يراها ولايقدر عليها الفقراء، مع العلم الفقراء ليس لهم سوى الثلث فقط من الذبيحة والثلثان للأهل والأصدقاء وأصحاب الأضحية، لابد من مراجعة علمية عقلية لا تخرج عن الإطار الدينى في كيفية الاستفادة من المليارات  التي تصرف عيد الأضحى بدعوى الذبح من أجل الفقراء، مع العلم أن قصة سيدنا إسماعيل عليه السلام ليس من أهدافها فداء الفقراء.

علينا أن نتعلم الدين الإسلامي الصحيح بحق، الذي يدعو إلى إعمال العقل وليس دين برهامى والإخوان وشركائهم... وكل سنة والإنسانية كلها بخير..!

الجريدة الرسمية