رئيس التحرير
عصام كامل

الفساد


لاشك أن قضية فساد القمح هي من القضايا التي تثبت صدق توجهات الدولة نحو القضاء على كل فاسد، وعدم التستر على أي محاوله للاستيلاء على المال العام، وأن تعليمات الرئيس لكل الجهات أن تفصح عن حالات الفساد هي رغبة أكيدة في الإصلاح، وتحسب للدولة كعمل إيجابي من جهة، ولهيئة الرقابة الإدارية من جهة أخرى؛ لضبط المفسدين الذين يستحلون أموال الناس بالإثم وهم يعلمون.


مئات ملايين تم الاستيلاء عليها من أموال الناس، وللأسف نصيب كل فرد يتعدى أيضا الملايين التي يظن بالباطل أنها ستؤمن مستقبله ومستقبل أولاده إلى يوم القيامة، وهو لا يعلم أنه قد تنتهي به الحياة اليوم، فيسأل أمام الله عما اكتسبه من حرام، ولكنه حتى لم يستمتع بما جنى منه، إنما استمتع به الورثة وقد ينسون حتى الدعاء له بل قد ينسونه أيضا مع مشكلات الحياة.

الفساد أصله قد يكون النشأة من المدرسة في الصغر، حيث اعتاد بعض الأهالي على تعليم أولادهم أن من يملك المال هو فاسد أو لص، لأن الأهالي كانوا يؤمنون بالفلسفة الاشتراكية التي تساوى بين الناس في العمل والموارد، ومع تغير الظروف واتجاه الدولة إلى الفلسفة الرأسمالية لم تتغير اتجاهات الأهالي المتأصلة الذين لم يجدوا اهتماما من الدولة في أمور كثيرة، على اعتبار اقتناعهم أن الدولة مسئولة عن كل شيء يخصهم في خلق الوظائف، مما نتج عنه فقد ولاء البعض للوطن من جهة، وإدراك صورة غير سليمة تجاه الأغنياء الذين ينظر إليهم على أنهم حققوا أموالهم من الفساد، أو الاستيلاء عليها من أصحاب القرار، وهذا ترك عند البعض من الجيل الحالي نظرة غير سوية لرجال الأعمال الذين آمنوا بالسوق الحر، وعملوا واجتهدوا وحققوا أرباحا من الحلال، ويساهمون في زيادة الدخل القومي للدولة سواء من التصدير للخارج أو تحقيق العائد المطلوب من العملة الصعبة.

علينا أولا أن نؤمن أن وجود حالة فساد تم التصريح عنها لا تعنى فساد المصريين، وتعمم على أفعال البعض ممن استحلوا أموال الخلق على أنفسهم بالباطل، إنما الخير موجود وسيظل موجودا وأن الناس كما منهم الصالح منهم غير الصالح، ولعل التعميم على الناس جميعا له الآثار السلبية التي تترك الأثر لدى كل مواطن أن من يطول شيئا يأخذه ويجر،ى فذلك حلال وهذا بالطبع سلوك يعطى السلبية ضد المجتمع.

مصر عظيمة وستظل عظيمة بأولادها، ولن يضير مصر وجود البعض غير الصالح، فالمجتمعات هكذا، والمهم أن كل من يستحل على نفسه المال العام لن يجد من يتستر عليه أبدا.. مصر الغد أفضل بإذن الله.

الجريدة الرسمية