رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة عماد.. منظومة «خذوه فغلوه»


حفظ رئيس الحكومة شريف إسماعيل بعض العبارات دأب على تكرارها في كل اجتماع، منها مثلا "إن مصر آمنة ومستقرة، وتخطو بخطى ثابتة على الطريق الصحيح رغم الظروف والتحديات، وإن الحكومة حريصة على مواجهة المشكلات وإيجاد حلول جذرية لها بعيدًا عن سياسة المسكنات، خاصة أننا لا نملك رفاهية الوقت حتى لا تتفاقم المشكلات. كما أن إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي تنفذها الحكومة يقابلها شبكة ضمان اجتماعي لمساندة محدودي الدخل حتى لا يتأثر أي مواطن بهذه الإجراءات".


وهذا ما ذكره إسماعيل لمجموعة من القيادات وشباب الباحثين بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء خلال اجتماعه معهم، بعد أن أعاده مرارا وتكرارا في اجتماعات عدة دون أن نرى شيئا ملموسا منه!!.

عدوى شعارات "الشو الإعلامي" انتقلت من إسماعيل إلى وزرائه، وبدلا من أن يعترف وزير الصحة د.أحمد عماد بأنه تسبب في أزمة "ألبان الأطفال" دون داع، راح يوزع الاتهامات ويهدد هذا وذاك!!.

يقول عماد عن تعرض الجيش إلى حملة إعلامية "هناك مخطط لإسقاط القوات المسلحة، وكل ما أشيع عن الجيش في هذه الأزمة كذب"، طبعا الجيش لا يحتاج إلى دفاع عماد عنه لأن العميد محمد سمير أصدر بيانا أهاب فيه "بالمواطنين عدم الانسياق وراء الشائعات"، مؤكدا "أن القوات المسلحة تقوم بضرب الاحتكار الجشع لدى التجار والشركات العاملة في مجال عبوات الألبان من منطلق شعورها باحتياجات المواطن البسيط أسوة بما تقوم به من توفير للسلع الأساسية من لحوم ودواجن وغيرها".

وبصرف النظر عن تدخل الجيش للمساعدة في حل أزمة "ألبان الأطفال" التي افتعلها وزير الصحة، وتلقفها كارهو المؤسسة العسكرية من إخوان وعملاء، فقد تجاهلوا جميعا أن الجيش لم يأت ببدعة وغالبية جيوش العالم الكبيرة تستثمر في الكثير من المجالات وتساهم في الصناعة والتجارة والبيع والشراء لتمويل صفقات التسليح باهظة التكاليف، ومن لا يعرف فليسأل محمد البرادعي وباسم يوسف وعصام حجي ووائل غنيم عن استثمارات ومصانع وتجارة الجيش الأمريكي، وكذلك الجيش الإيطالي والتركي وغيرهم.

أثار وزير الصحة نقطة مهمة أخرى حين أكد أن "من تظاهروا في الشركة المصرية لتجارة الأدوية كان بسبب تفريغ مركز أغا خان من ألبان الأطفال، وأن الألبان المدعمة كانت تشتريها محال الحلويات والكافيهات ولا تذهب للمستحقين، وأن الحملة الشرسة المثارة غرضها ضرب منظومة توزيع ألبان الأطفال، ويقودها المستفيدون من تجارة الألبان من مستوردين ومحال حلويات وصيدليات".

إن كان وزير الصحة لديه معلومات حقيقية عن أن الألبان المدعمة تباع لمحال الحلويات والكافيهات ولا تذهب للمستحقين فهذه جريمة، واكتفاء الوزير أحمد عماد بتفريغ مركز أغا خان من الألبان وعدم إحالة المسئولين عن بيع الألبان المدعمة لمحال الحلويات إلى النيابة يعتبر "تستر" على الجريمة ومشاركة في الفساد، وعليه يجب محاسبة وزير الصحة على تصريحاته الخطيرة، هذا أولا..

ثم عندما يتحدث الوزير عماد عن "حملة شرسة لضرب المنظومة" فهو يقصد بكلامه التجار، لكننا نتحدث عن المستفيدين من المنظومة أي أمهات الأطفال الرضع، كيف يعرفن أن هناك منظومة جديدة لتوزيع الألبان المدعمة بعد سنوات طويلة اقتصر خلالها الصرف على مركز أغاخان بالشركة المصرية؟!

أراد الوزير إيصال الألبان المدعمة إلى المستحقين فقط، وقطع الطريق على التلاعب والمتاجرة، لكنه أساء التطبيق وتعامل بطريقة "خذوه فغلوه"، منع الصرف من مركز أغا خان، ووجه الأمهات والآباء إلى المراكز الصحية بشكل مفاجئ دون إعلان أو تمهيد أو حملة إعلامية لتوضيح المنظومة وآلية الصرف والفئات المستحقة. لذا تسبب التطبيق المفاجئ في أزمة تلقفتها وسائل الإعلام العالمية وضخمتها دون داع لمجرد أن الوزير قرر التنفيذ دون إعلان!!.

وبعد أيام من أزمة منظومة وزير الصحة يؤكد د.عادل طلبة رئيس الشركة المصرية لتجارة الأدوية، "أن الاحتياطي الإستراتيجي لألبان الأطفال في مخازن الشركة يكفى لمدة خمسة أشهر مع وجود احتياطي لمدة 3 أشهر بجمارك الإسكندرية، فضلا عن أوامر التوريد الخاصة بالشركة. وأن ما حدث سببه تغيير منظومة صرف اللبن المدعم وانتقال مسئولية صرف العبوات إلى وزارة الصحة بدلًا من منافذ الشركة المصرية للأدوية لضمان وصول الدعم لمستحقيه".. بمعنى أن المشكلة في وزير الصحة وليس أزمة "ألبان أطفال"!!.
الجريدة الرسمية