رئيس التحرير
عصام كامل

نواب رجال الأعمال.. وليسوا نواب الشعب !!


تحدثنا قبل أن تقع الكارثة وبح صوتنا أن مجلس النواب هو الخطوة الأخيرة على خارطة الطريق بعد 30 يونيو التي يمكن أن تعبر بنا إلى مستقبل أفضل للفقراء والكادحين، وتنتصر لثورة 25 يناير التي خطفها إخوان الإرهاب أو ترتد بنا لتنتصر الثورة المضادة التي يقودها رجال أعمال نظام مبارك وبعدها نعود للمربع صفر بل وننحدر لتحت الصفر، حيث تزداد معاناة الفقراء والكادحين والمهمشين بفعل عمليات الانتقام التي سيقوم بها رجال مبارك لعقاب الشعب على ثورته عليهم تلك الثورة التي أفقدتهم هيبتهم وكرامتهم وكشفت عن سرقاتهم ونهبهم لقوت الشعب.


وحذرنا من أن حكومة محلب رجل لجنة سياسات الحزب الوطنى لا يمكن أن تضع قانون للانتخابات يخدم مصالح الشعب، ويحقق لهم آمالهم وأحلامهم في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وفى اختيار نواب يكون همهم الأول والأخير هو المواطن الفقير والكادح ومصالحه. وأكدنا على أن محلب وحكومته هي إعادة إنتاج وتدوير لنظام مبارك، وأنهم يسعون من خلال تفصيل نظام الانتخاب الحالى إلى الحفاظ على هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، وهو ما كان موجودا طوال الوقت في عصر مبارك، وبذلك يكون البرلمان أداة في يد الحكومة يقر ويصدق على ما تطرحه من مشروعات للقوانين، وبذلك تكون الكلمة العليا للرئيس وحكومته أي للسلطة التنفيذية، وتتحول نصوص الدستور إلى حبر على ورق.

ورغم كل التحذيرات تمكن محلب وحكومته من إقرار قانون للانتخابات لم يغير من قواعد اللعبة بل يكرس نفس قواعد اللعبة القديمة، حيث الآليات التي تعتمد على العصبية والقبلية والرشاوى الانتخابية وتدخل الأجهزة الأمنية، وكالعادة حسمت الانتخابات لصالح رءوس العائلات الذين كانوا يحصلون على المقاعد بالاتفاق مع الأجهزة الأمنية عبر عضويتهم في الحزب الوطنى في الريف، أما في الحضر فقد فرض المال السياسي نفسه خاصة في ظل تدهور الأحوال المعيشية للغالبية العظمى من المواطنين، وتمكن رجال أعمال نظام مبارك من حصد الغالبية العظمى من المقاعد بشكل غير مباشر، فلم يتقدموا بأنفسهم للانتخابات كما كان يحدث في الماضى بل قاموا بالدفع بصبيانهم من العاملين معهم أو الأعضاء المغمورين من الصفوف الخلفية للحزب الوطنى، حيث وضعوا تحت أيديهم الملايين لكى يقدموها رشاوى انتخابية، ونسقوا لهم مع الأجهزة الأمنية حتى يعبروا ويدخلوا للبرلمان.

وكالعادة أيضا لم تنس الأجهزة الأمنية والتنفيذية أن تترك هامشا بسيطا للمعارضة كما كان يحدث في زمن مبارك لتظهر بشكل ديمقراطى، وللأسف الشديد خدع نواب المعارضة واعتقدوا أنهم يمكنهم أن يغيروا من الوضع شيئا لكن حقيقة الأمر أنهم شاركوا في لعبة من أجل الضحك على الشعب المصري، فهم ديكور فقط والحقيقة أنهم عاجزون عن تقديم تشريع واحد للدفاع عن مصالح الفقراء والكادحين والمهمشين الذين انتخبوهم أملا في تحقيق مطالبهم المشروعة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وحتى اللحظة كل ما يقومون به هو تسجيل اعتراضاتهم على القوانين والتشريعات الجائرة التي يصدرها المجلس بموافقة الأغلبية التابعة لرجال أعمال نظام مبارك.

وخلال الفترة التي عقد فيها البرلمان لم يصدر قانون واحد لصالح الفقراء والكادحين بل يمرر فقط القوانين التي تحافظ على السياسات الرأسمالية التي تخدم مصالح رجال الأعمال الذين يقودون الثورة المضادة منذ 25 يناير وحتى الآن أملا في العودة من جديد أو على أقل تقدير الحفاظ على مكتسباتهم وثرواتهم التي تكونت بفعل السرقة والنهب الممنهج عبر قوانين قاموا هم بوضعها عندما كانوا أعضاء بالبرلمان، والآن وجدوا ضالتهم في نوابهم الجدد الذين صنعوهم على أعينهم ومرروهم بأموالهم الحرام، ليصبحوا وبحق نواب رجال الأعمال، وليسوا نواب الشعب، لذلك لابد وأن يتخذ الشعب موقف سريع وحاسم من هؤلاء النواب الذين خدعوه رغم كل تحذيراتنا، فالصبر على هذا المجلس وهؤلاء النواب لن يجنى منه الشعب غير مزيد من المعاناة والألم والحسرة، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية