نص مرافعة هشام جنينة أمام المحكمة: نائبان عامان سابقان حصلا على مزايا أثناء توليهما المنصب.. ضباط بجهة سيادية تملكوا أراضي بالمخالفة..لوبي الفساد حاربني.. وأستعير وصف السيسي بأن مصر أصبحت شبه الدولة
حصلت "فيتو" على نص المرافعة الكاملة للمستشار هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، أمام الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري، بمجلس الدولة، برئاسة المستشار عبد المجيد المقنن، نائب رئيس مجلس الدولة، أمس الاثنين، والتي يطالب خلالها بوقف تنفيذ القرار رقم ١٣٢ لسنة ٢٠١٦، ويتضمن إعفاءه من منصب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات.
صالح المظلومين
وقال المستشار هشام جنينة في نص مرافعته: "إن ما تعرضت له كان هو طريق الحق الذي كنت أنشده عندما كنت بالأمس القريب أجلس على منصتكم الموقرة زميلا لكم في السلك القضائي العادل، وكنت أنشد الحق بحثًا عنه لصالح المظلومين في هذا البلد، وعندما أسند إليّ رئاسة الجهاز المركزي للمحاسبات لم أسعَ إلى هذا المنصب، ولم أسعَ في حياتي إلى تولي أي مناصب سواء في سلك القضاء أو عندما تركت منصة القضاء العالية لأشغل موقعا لا يقل أهمية وشأنا عن رسالة الحق والعدل التي تحملوها، وما أعظمها من رسالة".
شبه دولة
وأضاف: "عندما تبوأت رئاسة الجهاز المركزي للمحاسبات وعندما التقيت عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية كان هدفي الأول ألا أحيد عن الحق والقانون الذي تربيت عليهما على منصة القضاء، بمعنى أن يكون الكل سواسية أمام القانون لا فرق عندي بين ضعيف وقوي، وبين غني وفقير، وهذا هو كان حالي بعملي القضائي، وهو أيضًا هدفي وتشرفت منه بالعمل في السلك القضائي، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن عندما اقترب الجهاز المركزي لتفعيل دوره الرقابي الحقيقي، وأستعير تعبير الرئيس عبد الفتاح السيسي عندما كرر في أكثر من مناسبة وقال "إن مصر شبه دولة"، فهو محق في هذا القول، ومصر أصبحت شبه دولة عندما أصبحت مؤسساتها شبه مؤسسات، وهي مؤسسات ديكورية لا تؤدي واجبها على الوجه الذي رسمه القانون والدستور، وعلى النحو الذي يحقق المبتغى من هذه المؤسسات".
لوبي الفساد
وتابع جنينة: "عندما أردت أن أفعل دور الجهاز، حيث إن كثيرًا من المواطنين لا يعلمون رسالة الجهاز ودوره الحقيقي في حماية المال العام؛ لأن الهدف كان تغييب هذا الدور وإخفاءه لا لشيء إلا لصالح لوبي الفساد، وما أقدمت عليه هو الدخول في الخطوط الحمراء التي يعتبرها الجميع لا يجوز الاقتراب منها، وهي ما يطلق عليها الأجهزة السيادية، ولكني في أكثر من مناسبة قلتها داخل وخارج الجهاز لا سيادة إلا للشعب وفقًا للقانون والدستور، وهذه بدعة ابتدعها بعض أصحاب المصالح وبعض الرجال النافذين في الدولة ليضفوا على أنفسهم الحماية التي لا يستطيع معها القانون أن يصل إليهم، فأنا ضد هذه التسمية قولا واحدا؛ لأن السيادة الوحيدة المنصوص عليها في الدستور هي للشعب ولا يجوز لأي مؤسسة أو جهة أو جهاز يسمى الـ"سيادي" أو غير الــ"سيادي" أن يعلو على الشعب".
وقاطعه القاضي وطلب منه ذكر أسماء تلك الجهات.
ورد جنينة قائلًا: "بالفعل أعددنا تقارير تضمنت تخصيص أراضٍ بالمخالفة للقانون لشركات تابعة لجهة سيادية من وزارة السكان في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في المدن الجديدة وفي الأحزمة الخضراء في تلك المدن الجديدة، ومنحتها لضباط مباحث أمن الدولة في القاهرة والجيزة، وأرسل الجهاز تلك التقارير إلى الجهات المعنية، وتم الإعلان عنها خلال مؤتمر عقدته بالجهاز، وقلت فيه "إن هناك من الجهات التي تعتبر نفسها جهات سيادية"، وللأسف الشديد ويحزنني أن أقول "إن هناك نائبين عامين سابقين حصلا على مزايا أثناء توليهما منصب النائب العام بالمخالفة للقانون وعلى أراضٍ وعقارات بأقل من القيمة الحقيقية للتكلفة".
وأكد أن أقواله لله وللتاريخ، وهذا ثابت في تقارير الجهاز الذي حيل بينه وبين الوصول بها إلى البرلمان لمناقشتها، مؤكدًا أنه أرسلها للبرلمان.
وسأله القاضي عن موعد إرسال تلك التقارير إلى البرلمان.
رد "جنينة" قائلا: أرسلت في يناير 2016 تقارير رصدت مخالفات جسيمة ومهمة، وما حدث معي أن قرار الإعفاء تم قبل أن يطرح الأمر برمته على نواب الشعب حتى يدلوا بدلوهم.. فأنا لا أتحمل المسئولية بمفردي، فهناك مؤسسات في الدولة يجب أن تؤدي دورها وواجبها".
وأضاف أن عزل رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات من منصبه قبل أن تصل تقاريره إلى البرلمان لمناقشتها بـ 3 أو 4 أشهر، أمر غير معتاد، مشيرًا إلى أن جهاز المحاسبات في دولة البرازيل رصد بعض المخالفة المالية التي ارتكبتها رئيسة الوزراء في البرازيل، وكان من نتيجته أن شكلت لجنة في البرلمان وتم التحقيق معها، والبرلمان انتهى في مجلس النواب والشيوخ لعزلها من منصبها.
واختتم هشام جنينة مرافعته بسرعة الفصل في الشق المستعجل من الدعوى، وقررت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري، بمجلس الدولة حجز الدعوى للحكم بجلسة ٢٥ أكتوبر المقبل.