وزير الاتصالات الأسبق: السيسي أكثر الرؤساء تحدثا عن العدالة الاجتماعية
قال الدكتور ماجد عثمان وزير الاتصالات الأسبق ومدير مركز "بصيرة"،خلال كلمتة بمحاضرة " مستقبل العدالة الاجتماعية في مصر": إن نظرية "تساقط عوائد النمو" التي سادت قبل ثورة 25 يناير سقطت، إذ تساقطت عوائد النمو بشكل كبير على الطبقة الغنية دون الطبقات المتوسطة والفقيرة، مشيرًا إلى أن ما حدث في عام 2013 من إقصاء للشرائح الفقيرة يتعارض مع مفهوم العدالة الاجتماعية، حيث وصفه " بأنه مصطلح "فضفاض" لا يوجد توافق على مضمونه أو معناه أو مراحل تطبيقه.
وأوضح عثمان أن العدالة الاجتماعية تعاني من عدة فجوات أهمها الفجوات الجغرافية، والثروة والدخل، والفجوات الجسمانية، وفجوات النوع الاجتماعي، والفجوة الجيلية، وأن بعض هذه الفجوات قد تكون مبررة من الناحية الأخلاقية، ما يتطلب دعم الأطراف الأقل حظًا، منوهًا إلى أن العدالة الاجتماعية لابد ألا تعتمد على المسكنات بل على تمكين ذوي القدرات الأقل الذين يمكنهم إضافة الكثير إلى الدولة.
وأضاف عثمان "الرئيس عبد الفتاح السيسي من أكثر الرؤساء تحدثا عن العدالة الاجتماعية، ولكن كيف تتحقق، العدالة الاجتماعية، تتحقق عندما يسود المجتمع فرص متكافئة للحراك الاجتماعي، يتمكن بمقتضاها أي فرد من أفراد المجتمع من الارتقاء إلى مرتبة اقتصادية أو اجتماعية أعلى بناء على معايير الجدارة، ويتلاشى التمييز ضد أي من أفراد المجتمع بسبب الثروة أو النوع الاجتماعي أو الدين أو العرق أو الطبقة أو العمر أو المهنة أو لون البشرة، وتصل العدالة الاجتماعية إلى أقصاها عندما يرتبط الحراك الاجتماعي بدرجة كاملة بالجدارة والاستحقاق، لافتًا إلى أن درجة الحراك الاجتماعي انخفضت في مصر خلال الخمسين عامًا الماضية بعد انهيار التعليم الجيد الذي كان يصل إلى أبناء الأسر الفقيرة، بجانب ارتفاع معدلات الزيادة السكانية.
وأشار وزير الاتصالات الأسبق "إلى أن برنامج الأمم المتحدة الإجمالي الخاص بالتنمية البشرية لعام 2014 أوضح أن مصر تخسر نسبة 24% من معدل التنمية البشرية الخاص بها بسبب تأثير عدم المساواة، في مقابل دول أخرى تخسر 5% فقط مثل النرويج، وأن عدم المساواة يؤثر على المكونات الثلاثة للتنمية البشرية؛ وهي التعليم والصحة والدخل بشكل متفاوت؛ حيث يؤدي عدم المساواة إلى خفض دليل التنمية البشرية بمقدار 22.8 %، لافتًا إلى أن تأثير عدم المساواة في مصر على التعليم بلغ نسبة 41% مقابل 13 % للصحة و14% للدخل، في دليل التنمية البشرية الفرعي، وأن 36% من المواطنين غير راضين عن مستوى التعليم في مصر و33% غير راضين عن نوعية الرعاية الصحية.
وأوضح أن دليل التنمية البشرية لمصر بلغ 69 % عام 2014، واحتلت مصر الترتيب 108 بين187 دولة، وهو دليل مركب يقيس متوسط الإنجازات في ثلاثة أبعاد أساسية للتنمية البشرية؛ هي: الحياة المديدة والصحية، والمعرفة، والمستوى المعيشي اللائق، وأن دليل التنمية البشرية المعدل بعامل عدم المساواة في الأبعاد الثلاث الأساسية، يقل عن دليل التنمية البشرية كلما زادت حدة عدم المساواة، وفي عام 2014 بلغت قيمة هذا المؤشر في مصر 52.4 %، أي بانخفاض قدره 24 % عن دليل التنمية البشرية الأصلي.
وأكد أن مستقبل العدالة الاجتماعية في مصر لا يتحقق إلا بتفعيل الحراك الاجتماعي الذي يتسم بالحيوية ويعتمد على الجدارة والتمكين المعرفي، والحماية الاجتماعية والاقتصادية للفئات المستضعفة والمعرضة للخطر، والتمكين القانوني والسياسي للفئات الأضعف في المجتمع، وتخفيف حدة التفاوت في الثروات والدخول، والقضاء على الأعراف الاجتماعية والثقافية التي ترسخ التمييز.
كما شدد على أنه لا يمكن اختزال العدالة الاجتماعية في مفهوم العدالة الاقتصادية، وأن القيم السائدة تكرس الطبقية لذا فإن الجانب الثقافي شديد الأهمية دون إغفال العدالة القانونية والسياسية، وأن غياب العدالة مرتبط بالتنمية غير المتوازنة جغرافيا، وأن النوع الاجتماعي يعكس غياب واضح للعدالة بين الجنسين، وأن أوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة تشير إلى حرمان يمكن الحد منه بشكل كبير، وأنه لا يمكن تحقيق أي إنجاز في مجال العدالة الاجتماعية دون محاربة حقيقة للفساد، وأن المدخل الفاعل لتحقيق تقدم في ملف العدالة يتمثل في التمكين المعرفي الذي يمكن من خلاله استعادة الحراك الاجتماعي.
جاء ذلك خلال مؤتمر "مستقبل المجتمعات العربية.. المتغيرات والتحديات"، والذي تنظمه وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية في الفترة من 5-8 سبتمبر الجاري، ويشارك في المؤتمر أكثر من 50 خبيرًا وباحثًا عربيًا وأجنبيًا.