رئيس التحرير
عصام كامل

محمد السلاموني يكتب كلمة المسرح المصري في ذكرى «بني سويف»

فيتو

قدم الكاتب الكبير محمد أبو العلا السلاموني كلمة المسرح المصري والثقافة الجماهيرية على وجه الخصوص هذا العام في الذكرى الحادية عشرة لحريق قاعة المسرح ببني سويف، والتي راح ضحيتها أكثر من 50 ناقدا ومخرجا وفنانا مسرحيا وجمهور حضور مسرحية «من منا» لنادي مسرح الفيوم، وهو جزء من تقليد اعتمده وزير الثقافة الأسبق عماد أبو غازي بأن تفتح المسارح وتقدم العروض بالمجان للجمهور ويسبق ذلك إلقاء كلمة يوم المسرح المصري.


وتأتي الكلمة على النحو التالي: «كما تستشهد كتيبة من كتائب الجيش المحارب في ميدان القتال، وفي شجاعة الفرسان، استشهدت في مثل هذا اليوم، منذ إحدى عشر عاما كتيبة من كتائب المسرح المصري، وهي تؤدي دورها الثقافي والتنويري على خشبة المسرح المصري في إحدى مدن الصعيد.. مدينة بني سويف.. ولا عجب أن يكون استشهادها في صعيد مصر الذي طالما نادي المنادون بضرورة الاهتمام به سياسيا واقتصاديا وثقافيا وها هي ذات طليعة من طلائع جيش المسرحيين الشرفاء، تقود حملة التنوير، وتقدم المثل والقدوة، لكافة قطاعات المجتمع، لنقل الفكر والثقافة والفنونإلى هذه المناطق المحرومة لسنوات وربما قرون، وتدفع الثمن غاليا من أرواحها الطاهرة.

إن ما حدث في مسرح بني سويف، من إحدى عشر عاما لم يكن مستبعدا من قبل هذه الكتيبة الفدائية، ذلك أن الجيش المحارب الذي يضع نصب عينيه أداء المهام الجسام المقدسة، لا ينظر إلى الصعاب التي تواجهه مهما كانت شدتها، بل إن تفكيره يكون موجهها نحو تخطي هذه الصعوبات، والتغلب عليها بكل السبل وبأي ثمن حتى لو دفع حياته ثمنا لها.

هكذا تفعل كتائب المسرح الإقليمي المناضل، إنها أشبه ما تكون بكتائب المقاومة الشعبية التي تحارب في أقسى الظروف، وبأقل الإمكانات، وبأضعف الأسلحة، وكل ما تملكه هذه الروح المعنوية العالية، التي تتخطى المصاعب وتتجاوز المعوقات، في سبيل تحقيق أهدافها المقدسة.

تذكروا هذه الروح الوثابة التي وقفت ضد دعاوى الإرهاب، بتحريم وتكفير المسرح في الصعيد، وحاولت أن تقف ضد كتيبة من فرق المسرح الإقليمي في التسعينيات من القرن الماضي، أثناء عنفوان الإرهاب وسطوته، وارتفعت صيحة المسرحيين في الأقاليم، يستغيثون ويطلبون المدد، حينئذ ينتفض المسرحيون المصريون ويسرعون لتلبية هذه الاستغاثة، وعلى رأسهم الفنان عادل إمام وفرقته، ويعرض مسرحيته في عقر دار المتطرفين وسط جماهيره المتعطشة للفن المسرحي، وماحديا الإرهاب الأسود وزبانيته، وهكذا حافظ المسرح الإقليمي بصموده وشجاعته على جذوة المسرح، لتظل متقدة في صعيد مصر لا تنطفيء أبدا.

لقد كنا نعجب حين نسمع أو نرى فنانا يموت وهو يؤدي دوره على خشبة المسرح، فما بالنا وكتيبة بأكملها تؤدي دورها وتستشهد كما يستشهد الأبطال في ساحة القتال».
الجريدة الرسمية