ليلة سقوط أمريكا في الصين !
قالوا قديما إن شيئين لا يمكن للإنسان أن يحددهما بدقة الأولى اللحظة الفاصلة الحقيقية التي يتحول فيها الإنسان من اليقظة إلى النعاس.. والثاني التوقيت الحقيقي أيضا لسقوط الإمبراطوريات العظمى.. ولكن ربما شاء القدر أن تتسبب الصين في أن يشاهد العالم لحظة مهمة من لحظات سقوط إحدى الإمبراطوريات وعلى أراضيها!
ولا يمكن لعاقل أن يتخيل أن ما جرى في استقبال الرئيس الأمريكي أوباما في الصين تم صدفة أو أن الصين-مثلا- فوجئت بوصول طائرة أوباما أو أنها لا تمتلك -مثلا أيضا- مصعدا بحجم الطائرة الأمريكية.. فلا الصين بهذه السذاجة ولا بهذا التخلف وقد أبهرت العالم بالدقة والانضباط فالحدث تحول إلى قصة سياسية في كل أخبار وسائل الإعلام الأمريكية وفيها هبوط أوباما من سلم "الحقائب" الخلفي حتى نلمح الشماتة علنا في "روسيا اليوم" وكان عنوان أحد متابعاتها هو "أوباما يعلق على استقباله الباهت في الصين"! وفيه تفاصيل عن مشادة حدثت بين مسئول صيني ومسئولين أمريكيين قال لهم فيها في نهاية الأمر "هذا مطارنا.. وهذه بلادنا!" بينما حمل عنوانا آخر "الصين تستقبل أوباما خارج حدود البروتوكول"! تناول فيه عدم وجود سجادة استقبال ولا استقبال رسمي أصلا إنما فوضي في فوضي واستهتار في استهتار!
حتى لحظة كتابة هذه السطور في مساء الأحد فلم يصدر بيان رسمي صيني واحد يعتذر لأوباما ولم يتسرب خبر واحد عن أي تحقيق في الأمر أو أي إحالة لأي مسئول صيني للمحاكمة أو للمساءلى بتهمة التقصير أو عدم أداء المهام المكلف بها أو بتهمة إهانة رئيس دولة أجنبية.. وهنا نتساءل بشكل مباشر ماذا جرى؟ هل هناك أزمة مكتومة أمريكية صينية؟ هل هناك أزمة تخص تايوان أو هونج كونج أو كوريا الشمالية وهي ملفات الخلاف الأساسية بين الصين والولايات المتحدة؟
لا نعرف بأمانة شديدة التفاصيل لكن ما نعرفه هو مرور عام تقريبا على انعقاد القمة المشتركة لدول منظمتي "شنغهاي" وال "بريكس" وتضم الأولى ستة دول بزعامة الصين وروسيا ومعهم عدد من دول الاتحاد السوفييتي القديم بينما تضم الثانية روسيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا وعقدوا قمة مشتركة العام الماضي وتسعي دولها إلى التخلص من الهيمنة الأمريكية على العالم وتؤسس لما يشبه حلفا كبيرا يوازن بين العالم كله من جانب وأمريكا ونظامها الاقتصادي الظالم وحلف الناتو من جانب آخر.
(سيكون لمصر شأن في منظمة شنغهاي قريبا)..
وربما ترسل الصين بما جري وهي زعيمة المنظمة الأولى رسالة إلى العالم وفي حضور كل وكالات أنباء وصحف وفضائيات الكون تقول فيها باختصار: "آن الاوان إعلان انتهاء عصر القطب الأوحد"!
وربما سقوط القطب الأوحد نفسه !!