تحليل العلاقات الدولية
أتوقف عند القمة المصرية الهندية، والتي تتناول العلاقات الثنائية بين الدولتين وسبل تحقيق التعاون من زيادة التبادل التجارى وآفاق تعزيز الاستثمارات الهندية في مصر بل ومساهمة الشركات الهندية في المشروعات القومية الكبرى، بالإضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها في اعتقادى الأوضاع في الشرق الأوسط، وفى المقابل أتوقف أيضًا عند بعض التعليقات السلبية على الزيارة قبل إنجازها والتي من شأنها هدم أي شىء إيجابى.
بل أتامل ما يحدث في بعض الدول الآن وخاصة في المنطقة العربية وأنظر بصورة خاصة إلى العراق وسوريا فأجد حضارة قد قتلت ودمرت، ومن أسباب القتل ليس المجاعة أو الوباء أو الأزمات الاقتصادية وإنما قتلتها السياسة الخارجية والعلاقات الدولية وأقصد هنا إنه من المستطاع مكافحة الفقر والجوع والوباء أو الصحة ولكن من غير المستطاع مكافحة العلاقات الدولية المتكتلة، وأطرح السؤال هل كانت هذه الدول لها قوة من الاستقلالية والتسليح وفى نفس الوقت قوة من العلاقات الدولية ؟
وفى الحقيقة أن هذه الدول والتي تَفَتَّتت كانت تملك السيطرة على معظم الأحداث الداخلية (أي داخل حدود الدولة) إلا أنها كانت لا تملك القدرة على السيطرة على بعض الأحداث فيما وراء حدودها، ولذلك نجد العراق الآن ذات الحضارة العريقة في الماضى حضارة قتلت وماتت، ومن ثم فالعلاقات الدولية الناجحة أمر لابد منه، وهو ما تقوم به مصر الآن من علاقات دولية وإقليمية يمثل حراكًا سياسيًّا تاريخيًّا، وخاصة بعد أن فقدت مصر في السنوات السابقة علاقاتها بكثير من الدول بسبب عدم الاستقرار الداخلى بداية من 25 يناير وحتى 30 يونيو، وما كادت أن تستعيد علاقاتها مرة أخرى بصورة كبيرة على الصعيد الإقليمى والدولى بدأت تنظر إلى قضية السلام في المنطقة وقضية مكافحة الإرهاب بل تجاوزت مصر التحدى الأكبر في إقامة علاقات على المستوى الدولى والإقليمى بخطوات ثابتة على منهجية وطنية لبناء علاقات إستراتيجية مع دول مثل روسيا والصين ودول أوروبية، وغيرها من الدول والآن إقامة علاقات مع الهند في مجالات متعددة ولا سيما أن هناك متشابهات بين الحضارتين الهندية والمصرية من حيث إنهما ضاربتان بعمق في التاريخ من حيث الثقافة والتاريخ والجغرافيا والعادات والتقاليد.
اللحظة التاريخية تفرض نفسها وليس في إمكاننا تصحيح العالم ولكن بإمكاننا التكيف معه بما يحفظ هوية الدولة المصرية سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادى أو الثقافى، أن الناس في جميع الدول يشتركون في الطبيعة البشرية وفى الحاجات البشرية والآمال البشرية ولكنهم حتى الآن الدول متفاوتة في اللغة والثقافة والإيدلوجية وسياسيات الحكومات بل والدين.
فالعلاقات الدولية لا يمكن تجاهلها ولها أهمية كبيرة ولكنها أيضًا على درجة كبيرة من التعقيد بحيث لا يمكن فهمها لأصحاب النظرة البسيطة ولذلك عندما نتحدث على علاقاتنا الدولية نجد بعض الأقلام وبعد تعليقات فيس بوك تهاجم هذه التحركات إما عن وعى أو عن جهل، والجانبان يشكلان خطورة على الرأى العام.
فإذا استخدمت العلاقات الدولية استخدامًا جيدًا مع الاحتفاظ باستقلالية البلاد تتحقق القوة والقوة في أبسط تعريف لها في علم الفلسفة السياسية والذي ادرسه لطلابى في المرحلة الجامعية"هي القدرة على الانتصار في الصراع وفى التغلب على العقبات" ومجالات القوة إما بشرية أو مادية أو مكانية.
ومن هنا نجد دور العلاقات الدولية وأهمية دور الدبلوماسية فالدول تستطيع أن تتفاوض وأن تساوم وأن تقيم علاقات مختلفة عن طريق المسالك الدبلوماسية من خلال السفراء والوزراء وكبار الدبلوماسين من أهل الخبرة.
ويوضع في الاعتبار لتحليل العلاقات الدولية بين دولة وأخرى أو بين حكومة وأخرى آليات من بينها أدوات التفكير وبعض المفاهيم السياسية للاتفاق أو الاختلاف أو التفاوض بالإضافة إلى مفاهيم القوة والدولة والممثلين في السياسة الدولية، ويوضع في الاعتبار مجموعات المصالح وقوة جماعات الصفوة ومعيار هام ألا وهو كيف تتحكم أي دولة في نفسها وكيف تصنع السياسة الخارجية مع الأخذ في الاعتبار في ذلك السياق كيف تنشأ الصراعات بين الدول.
والواقع أن إشكالية العلاقات الدولية تفتح آفاقًا جديدة للإندماج أو التعاون أو التفاوض في مجموعة من المشروعات السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية فنحن نعيش في عصر من الكوكبية ولا يستطيع أحد الانعزال وإنما المطلوب الانفتاح مع استقلال القرار الوطنى وهو ما تفعله مصر الآن.