مصر بين دولة السيسى ودولة الجماعة 21
أتفق مع أغلب الانتقادات "الموضوعية" للسياسة الداخلية فى "مصر مبارك"، إلا أن الانتقادات الموضوعية تنبع عن قليلين، رغم تواجد مشاكل كثيرة بتلك الدولة، وهو ما يجب أن يعترف به الجميع، بمن فيهم من يتعبدون فى محراب مبارك.. فالأغلبية كانت تشكو الكثير، إلا أن تناول المشاكل اليوم، يتم بأسلوب انتقامى وليس علاجى، وهو ما لا ينتج أى دروس فعلية للإصلاح الحقيقى.
هذا، رغم أن السؤال الأهم هنا: هل كانت أحداث يناير وفبراير 2011، للمضى بمصر إلى طريق أفضل، أم أنها كانت لإسقاط مصر نفسها؟!.
المُشكلة، فى تناول من يُعرَفون "بالثوار"، أنهم ينظرون إلى مصر فى سياق الـمليون وعشرة آلاف كيلومتر مربع، وليس فى سياق كونها دولة محورية فى الشرق الأوسط والعالم، إنهم ينظرون إلى الموضوع برُمته، كونهِ موضوعاً محلياً وليس إقليمياً أو دولياً له سياق تاريخى، لم يبدأ فقط فى العراق ولكن أيضاً فى فلسطين، وامتد بعد مصر إلى سوريا!!.
لقد كان الحادث الإجرامى الخاص بضرب البُرجين فى 11 سبتمبر 2001، مُشكلاً لضربة البداية فى تنفيذ مشروع "القرن الأمريكى الجديد" من قبل "المُحافظين الجدد" بإدارة بوش الابن، لتقود أمريكا العالم، وهو مشروع مُعلن أمام الكافة، وليس خفيا على أى شخص يُريد معرفة الحقيقة.
وقد تطور الموضوع ليُعبر عنه مشروع "الشرق الأوسط الجديد"، الذى بدأ الحديث عنه بالأساس، فى أواسط التسعينيات ثم فى أوراق الإعداد الأمريكى لقمة الدول الثمانى الكُبرى فى 2004، ولكنه ظهر صراحةً فى يونيو 2006 حيث أعلنت عنه كوندليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية، بتل أبيب.
فالمسألة ببساطة تكمُن فى إحداث "فوضى خلاقة"، لنشر العُنف والحروب البينية، العرقية والدينية، على مستوى الشرق الأوسط، وهو الأمر الذى يُمكن الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل من إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط بالتوافق مع أهدافهم الجيوستراتيجية، الرامية إلى إضعاف كل الدول المُحيطة بإسرائيل!.
فتلك الفوضى تخدم سيادة إسرائيل على المنطقة، وبالتالى سيطرة الولايات المتحدة عليها، ولذا نجد روسيا داعمة للنظام السورى، لأنها فى ذلك إنما تواجه هذا المشروع، لأنه يُمثل استعادة لأجواء الحرب الباردة وخطراً يُهددها فى حد ذاتها.. كما أنه يُجسد صراعاً كبيراً على موارد المنطقة بين القوى العُظمى بمُعسكراتها التقليدية، وليس كما يتعامل معها البُسطاء والثوار، على أنها مسألة "دماء" تسيل، فسقوط الأوطان أشد إيلاماً من سقوط البشر!.
وهنا، تجب الإشادة بالرئيس محمد حسنى مبارك، لأنه وقف بالمرصاد ضد هذا المشروع، لإسقاط مصر فى بحور الفوضى برفضه الامتثال للإرادة الأمريكية كما يفعل الإخوان الذين أتى بهم قادة المُعارضة والثوار إلى سدة الحكم، بعد أن ظنوا أنهم من نحّى مبارك عن السلطة!.
إلا أن المشهد اليوم يبدو فيه بوضوح، أنهم لا يستطيعون تنحية "ذُبابة" عن السلطة!.
لقد قامت تلك "النكسة المصرية" فى يناير وفبراير 2011، لتحقيق مشروع "الشرق الأوسط الكبير"، وكان وراءها الإخوان، كما أسلفت فى المقالات السابقة، والشباب المُدرب بتمويل أمريكى، فأمريكا لا تدفع المال، لأنها تُحبنا وتعشق التراب الذى نمشى عليه!.
ولم تسرق أية ثورات من أحد، حيث كان الإخوان يُخططون لهذا الأمر منذ سنوات، بل إن مدير "أكاديمية التغيير" التى دربت الشباب فى "فيينا" على إحداث تلك الفوضى، لصالح إسرائيل، هو هشام مرسى، زوج ابنة يوسف القرضاوى، المفكر الروحى للإخوان!.
إن ما سبق هى حقائق منشورة، وليست تحليلات، إلا أن الوطن، ليس وجهة نظر، كما عبر الثوار ومؤيدوهم من خلال تسهيلهم انتخاب إرهابى رئيساً لمصر!.
فمصر، مصير وحياة وعشق لكل مصرى أصيل!!.
وللحديث بقية ..
والله أكبر والعزة لبلادى..
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية.