رئيس التحرير
عصام كامل

بأى عين ؟


يوم الجمعة الماضى؛ ذهبت لبعض الوقت إلى المظاهرة التى تجمعت عند دار القضاء العالى.. بعدها توجه المتظاهرون إلى ميدان التحرير، كان فى انتظارهم بعض البلطجية ممن سبق لهم الاعتداء على المعتصمين بالميدان فى اليومين السابقين.


هذه المرة خرج هؤلاء من مول البستان يحملون بنادق الخرطوش وصوبوها نحو المتظاهرين الذين لم يكونوا يتوجهون إليهم ولا     يعرفون أنهم هناك ولا يعرفونهم من الأصل.. قليل من الوقت، واستطاع الشباب المتظاهرون مطاردة هؤلاء البلطجية حتى اختفوا، ثم توجه الجميع إلى الميدان، كانت الساعة حوالى السابعة مساءً.

وكان علىّ زيارة أحد أصدقاء العمر، الكاتب الكبير سعيد الكفراوى ، الذى أجرى عملية جراحية يوم الخميس السابق على جمعة رد الاعتبار.. ولقرب بيته من الأحداث ترك البيت وأسرته إلى بيت ابنه بعيدا، توخيا لعدم استنشاق الغاز بعد العملية، وبعيدا عن أى مشاجرات قد تحدث حول بيتهم أو فى مدخل البيت نفسه، وفى زيارتى لصديقى الكاتب الكبير بعد أسبوع من الموقعة، وجدت رسالة تم توزيعها على البيوت فى المقطم من قبل الإخوان المسلمين.

هكذا تعلن الرسالة.. لا تذكر مثلا حزب الحرية والعدالة ولا كلمة جماعة قبل الإخوان المسلمين، الرسالة صفحة كبيرة تخاطب السادة والسيدات أهل المقطم الكرام.. وتبدأ الرسالة كالآتى:

"يعلم الله عز وجل، مدى أسفنا وحزننا لما أصابكم يوم الجمعة الماضى من إرهاب وعدوان وتهديد وترويع من فئة من البلطجية المأجورين، الذين لا يحترمون أى قيمة إنسانية أو دينية أو خلقية أو قانونية، ولا يقدّرون لأبسط قواعد حقوق الإنسان أى قدر أو مكانة".. لذلك فنحن نقدم إليكم بالغ أسفنا عما جرى رغم ما نالنا من جراح ومرارة وآلام واعتداءات وحشية شهدها القاصى والدانى وعرضتها كثير من المواقع على صفحات الإنترنت، وظهرت بعض صور الجرائم البشعة على صفحات بعض الصحف، والتى استخدمت فيها كل وسائل القتل والإصابة والحرق بكل الأسلحة.. لقد سكنا جواركم فى المقطم ليكون مركزنا مقرا إداريا ومكانا ننشر منه دعوتنا بالحكمة والموعظة الحسنة....، وهكذا حتى القول.." حدث ماحدث يوم الجمعة الماضى من استئجار للبلطجية يقودهم عدد من السياسيين وأحدثوا من الإجرام والرعب ما أحدثوه، ورغم أننا كنا ضحايا هذا الإجرام، التزمنا بضبط النفس والتعالى على الآلام والجروح وعدم الانجرار إلى الرد بالعنف على العنف حتى لا تتفاقم الأمور ولا تزيد الخسائر التى تلحق بالوطن".

وهكذا تطول الرسالة وتكرر نفس الكلام، ولا تذكر أبدا ما يعرفه الجميع أن جمعة رد الكرامة كانت ردا على الأحد الأسبق عليها، حين تم اعتداء الإخوان وشبابهم على الصحفيين والنساء جهارا أمام كل وكالات الأنباء التى اعتبروها كلها كاذبة مادامت تعرض الحقيقة، والأكثر من ذلك أنه فى جمعة رد الاعتبار كانت اعتداءات الإخوان أكثر وحشية، وتعذيب الشباب فى مسجد بلال بن رباح الذى أصدرت إدارته بيانا بذلك، لكن الإخوان لا يعترفون إلا بما يريدون، بالكذب الصريح.

وبعد فاصل من هذا الكذب فى مؤتمر عقدوه وفواصل منه فى قناة 25 والجزيرة، لم يكتفوا بذلك، بل وزعوا الخطابات على البيوت، دقوا الأبواب أو وضعوها فى صندوق البريد، يقولون لمن رأوا الأحداث رؤى العين، وكيف حيل بين الثوار والوصول إلى مقر الجماعة، فظلوا فى ميدان النافورة.. وكيف حاصروهم فى الطريق صاعدين المقطم بالحجارة، وكيف استعدوا للثوار من الليلة لسابقة باستجلاب الناس من الريف فى الأوتوبيسات واستجلاب كسر الرخام والانتظار على الأسطح لضرب الشباب الذى ذهب يعبر عن غضبه لما جرى من اعتداء على الصحفيين والنساء.

كيف بالله وبأى عين يتم توزيع هذا المنشور الذى يبدو اعتذارا، لكن عما فعله الآخرون وليس الإخوان؟!، للأسف الشديد يعرف الإخوان المسلمون أن هذا المنشور الزائف صار نكتة، وأن أهل المقطم يجمعون التوقيعات التى تعبر عن عدم رغبتهم فى بقاء مقر الإخوان هناك، هذه القدرة على التزييف من أين جاء بها هؤلاء الذين يسمون أنفسهم مسلمين؟!.. لله الأمر من قبل ومن بعد.

ibrahimabdelmeguid@hotmail.com
الجريدة الرسمية