رئيس التحرير
عصام كامل

تزايد ظاهرة الطلاق..وتجاهل رأى الأسرة!


الطلاق أصبح يهدد الأسرة المصرية، وللأسف الظاهرة في تزايد، وهذا له أسباب كثيرة، واليوم سأتحدث عن سبب مهم كما أرى، فعادة الشباب يرون في أنفسهم أنهم قادرون على الاختيار الأنسب في كل شىء، فيرون أنهم يفهمون ويعون أكثر من الكبار، خاصة الأب والام، هذا الأمر الذي يطاردني للكتابة عن القصص والحكايات التي يدفع الشباب الثمن غاليا، ويستحيل إصلاح ما حدث.


القصة لأم لاثنين من الشباب الذين يفتخر بهم أي إنسان، عرفتها إنسانة لاتتحدث كثيرا، وصلت إلى منصب مدير عام، يحترمها الكبير قبل الصغير، فضولى الصحفى جعلنى أتسلل إليها، واستطعت الاقتراب منها لدرجة الثقة الكاملة بيننا، وروت لى قصة حياتها المملوءة بالدموع والصبر والنجاح، ويتوفر فيها كل ما تتطلبه الدراما، هي الفتاة الجميلة الجادة وأيضا حبيبة والدها، أحبت أستاذها في الثانوى وكتمت حبها ولا يعلمه سوى الله، وتمر سنين، وانتهت من دراستها الجامعية، ولم تنس حبيبها، وأخذت قرارا بعدم الاستعجال في الزواج إلا بعد العمل، ويكون الاختيار دقيقا، ولكن ذات يوم فوجئت بحبيبها القديم يقف أمامها في الشارع وهى غير مصدقة نفسها، وارتبكت، وهو لم يكن يبادلها حب أو أي مشاعر، ولكن عندما شاهدها هذه المرة، تغيرت رؤيته، وعرض عليها الزواج، فصمتت، وتقدم الحبيب للأسرة لطلب يد ابنتهم المصونة "رقية".

فوجئ الأب بالعريس يعرفه ويعرف أسرته، فأبلغ الأم والابنة بالرفض، ولكن قامت الدنيا ولم تقعد، "رقية "قررت عدم الزواج إلا من حبيب العمر والقلب، قرر الأب قررا صعبا "انشالله ماتجوزت..تعنس أحسن"..اشتغلت "رقية" وأصبحت تتحرك وطبيعى البنات في سنها، نصحوها بالحبيب الأول، وبناء على تمسكها الشديد، وإلحاح أهل العريس لأنه سيسافر إعارة وفرصة تسافر معاه!

تصمت "رقية" وهى تحكى والدموع في عينيها وتقول: لا استطيع نسيان توسلات أبى بعدم الزواج من هذا الشخص، الذي أكد أنه لايصلح لى.. وكنت الجميلة المدللة المتفوقة! ولكنى تمسكت بحبيبى وتم تمت الخطبة، وبعد يومين سافر للإعارة ، ولم أسافر لظروف عملى الذي أصر والدى على الحفاظ عليه، وعاد بعد عامين غاب فيها عنى وعن مصر، وانا احلم وانسج حياتى مع حبيبى الأول والأخير، وسط حسد كل صاحباتى لأننى ساتزوج حبيبى وهو نادرا ما يحدث في حياتنا!

منذ الليلة الأولى.. اكتشفت انها تزوجت رجلا غير طبيعى، غير متوازن نفسيا، نام وتركها بملابس الزفاف، خلال عامين فقط أنجبت طفلين، ومع قدوم الطفل الثانى انفصلا جسديا بالاتفاق وبالتراضى، لأنه لا يعنيه ولا يهتم بالعلاقة الحميمية، ولايصرف على أولاده، وخلال عامين شربت كل أنواع القهر الإنسانى، فهو يعيش بمفرده، انطوائى، لايصرف على البيت، ويأكل مما تصنعه من مرتبها، وهى لا تستطيع الشكوى أو الصراخ أو حتى الأنين، لأنه اختيارها، تحدت الجميع وتزوجته، فقد كان الحلم الرومانسى، لم تستطع أن تخبر أهلها بشىء، وتبتسم رقية بمرارة: الجميع يحسدونى لأننى اعيش في سعادة وهناء، ولا اشكو مثل بقية المتزوجات خاصة حديثا، قررت أن أعيش مع أولادى اللذين أصبحا ضابطين في القوات المسلحة، والغريب أن والدهما الذي يعيش في البيت لم يصرف عليهما مليما، بل عند زواج ابنى الكبير طلبت منه شقة ورثها عن أبيه، فرفض إلا بشرط تأجيرها بعقد محدد المدة لابنه، كان مصدر الصرف السرى على الأبناء هو شغل "الكروشية" كانت تعمل ليلا ونهارا لاستكمال الصرف على أولادها.

هل كانت الأسرة على صواب؟! تقول رقية: في الأغلب رأى الأسرة يكون صوابا، وفى الأغلب الأبناء لايدركون هذا إلا متأخرا جدا، لم يكن مقبولا أن أتمسك وأتحدى الأسرة ثم أعود بعدها بأيام، وأقول صفاتا عن زوجى صاعقة، منها البخل وإهمالى وعدم الاهتمام بى مطلقا، واكتشافى أنه غير متوازن، دفعت عمرى ثمنا لقرارى الخطأ، وعدم مجرد تفكيرى في كلام أسرتى، زواج 24 سنة، لم اعيش حياتى كأمراة سوي أيام معدوادت في العامين الأولين فقط!

القصة فيها أشياء كثيرة أصعب مما ذكرت، وهناك قصة أحداثها لاتزال جارية رفضت "سها " رأى أسرتها في العريس الشاب الغنى، وطوال عامين فترة الخطوبة كان الأب والأم يلفتان نظرها إلى عيوبه الواضحة تماما، ولكنها لا تسمع ولا ترى إلا الحبيب المنتظر، وكانت الكارثة وقوع مشكلة كبيرة أقسم الأب بعدم إتمام الزواج، انهارت "سها" ونقلت إلى المستشفى، ورضخ الأب أمام رغبة ابنته، والأن "سها" معها اثنان من الأولاد وتقف أمام زوجها في المحكمة للطلاق أو الخلع!

وثالثة ورابعة..والشباب لايسمع إلا صوت نفسه، والنتيجة أن أكبر نسبة طلاق من تحت 35 سنة، وأكبر نسبة ممن لايكملون عاما إلى خمس سنوات..والطلاق أصبح يتزايد ومن أهم أسبابه أن الشباب لايسمع إلا صوته، بالإضافة إلى عدم الوعى بالمسئوليات التي تقع عليه بعد الزواج، ليس مطلوبا أن نحيا غصبا مثلما فعلت "رقية" ولا تطلق مثل "سها وعمرها 31 سنة، وكلاهما لم يدرك خبرة الأسرة التي لا يمكن أن تقدر بمال، والأهم من هذا  أن الأسرة هي الوحيدة التي تتمنى للأبناء الحياة الافضل والسعادة.

الجريدة الرسمية