رئيس التحرير
عصام كامل

شريف إسماعيل «رجل الظل».. «الخدمة المدنية» أول مسمار في نعشه.. إنجاز المشروعات المتوقفة «مهمة مستحيلة».. قدم للبرلمان برنامج حكومة تقليديا.. وقرض صندوق النقد اعتراف بفشله

 المهندس شريف إسماعيل
المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء

أيام ويكمل المهندس شريف إسماعيل عاما على تشكيل الحكومة، ظل خلاله في مرمى الانتقادات الواسعة والهجوم العنيف من النخبة والعامة، ولكن رئيس الوزراء يواجه موجات الغضب بابتسامة هادئة وصمت مريب، متحصنًا بثقة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي لا يترك مناسبة، دون الإشادة به وبقدراته الفائقة !!


قلم رصاص يمسك «إسماعيل» به أغلب الوقت.. على ورق أبيض يدون كل شيء، الأرقام في رأسه دائما حاضرة.. يحب النظام إلى أقصى درجة.. وكل تحركاته تشير إلى أنه لا تشغله المهام الجسيمة الملقاة على عاتقه عن حياته الخاصة.

يستغل شريف إسماعيل إجازات الأعياد والمواسم في السفر إلى ألمانيا لمتابعة علاجه، لاسيما أنه يعانى من اضطرابات في العمود الفقري، وأجرى جراحة في أحد المستشفيات هناك.
كما لا يستهوى شريف إسماعيل أن يقف على سلم مجلس الوزراء عقب انتهاء يومه للإدلاء بتصريحات صحفية عن أبرز القضايا التي تشغل الرأى العام لمحرري مجلس الوزراء مثلما كان الحال مع رؤساء الوزراء السابقين بعد ثورة يناير، ويفضل دائما أن يكون ذلك في قاعة المؤتمرات، وإن وجهت له سؤالا، فلن يستغرق في الإجابة عنه سوى ثوان معدودة، حتى إن أطول مؤتمر صحفى له لم يستغرق 15 دقيقة فقط !!

أهل الثقة
يعتمد شريف إسماعيل في رئاسته للحكومة على عدد من مساعديه، حينما كان يتولى حقيبة وزارة البترول، ومنهم حسن شوقى والذي يشغل الآن منصب مدير مكتب رئيس الوزراء وموضع ثقة رئيس الوزراء، إضافة إلى المستشار أحمد نبيل مستشار رئيس الوزراء للمتابعة والتخطيط وهو مهندس العمليات في مجلس الوزراء وعلى دراية تامة بكل صغيرة وكبيرة تدور في المجلس، وكذلك اللواء عمرو عبد المنعم الأمين العام لمجلس الوزراء وهو المسئول عن الأمور الإدارية برمتها في مجلس الوزراء وتحمل المكاتبات المرسلة من مجلس الوزراء لكل الوزارات والمحافظات اسمه، إضافة إلى تامر عوف مستشار رئيس الوزراء للاتصال السياسي حلقة الوصل بين نواب البرلمان ورئيس الوزراء.

شريف إسماعيل أكثر ترددا على قصر الرئاسة من سابقه إبراهيم محلب، حتى إنه وتقريبا لا يكاد يمر يوم إلا ويجمعه لقاء مع الرئيس يستعرض ما تم مناقشته من اجتماعات وحلول للمشكلات التي تحاصر الحكومة.
يعرف عن رئيس الوزراء الحالى شريف إسماعيل أنه أكثر صرامة وحدة في التعامل مع الوزراء، وشملت قائمة الوزراء الذين عنفهم بسبب تصريحاتهم التي أساءت للحكومة الدكتور أحمد زكى بدر وزير التنمية المحلية بسبب مشاداته الأخيرة مع محافظ الإسكندرية محمد عبد الظاهر خلال برنامج العاشرة مساء الذي يقدمه الإعلامي وائل الإبراشى على قناة دريم، إضافة إلى تعنيفه وزير التعليم الدكتور الهلالى الشربينى على خلفية أزمة تسريب امتحانات الثانوية العامة.

الملفات الشائكة
من أبرز الملفات الشائكة التي عجز شريف إسماعيل عن حلها أزمة نقص الدولار وانخفاض سعر الجنيه المصرى في مقابل العملة الصعبة، وهو ما تبعه إلغاء شركات الصرافة وزيادة الأسعار في السوق المصرية بشكل مبالغ فيه تسبب في إحراج وضع الحكومة والرئيس عبد الفتاح السيسي.

المصادر أكدت أن حكومة شريف إسماعيل تخبطت سياسيا وماليا ونقديا، بشكل أسهم في تعميق الأزمة المالية، كما لفتت النظر إلى أن تعدد الإجراءات الاقتصادية دون رابط وثيق لخطة إصلاح اقتصادي مكتملة الخطوات والأهداف أسهم أيضا في عدم توافق الأوضاع المالية في الموازنة العامة للدولة.

وأوضحت المصادر أن البيانات الصادرة عن الحكومة تؤكد تردي الأوضاع المعيشية بشكل لا يتناسب مع ما قطعته على نفسها من وعود في برنامجها الذي تقدمته به لمجلس النواب وحصلت من خلاله على الثقة، كما أن سعي الحكومة لإقرار قوانين ضريبية جديدة على المواطن خلال الفترة المقبلة دون أن توضح للشعب رؤيتها للخروج من الأزمة الاقتصادية سيسهم في تآكل شعبية الرئيس السيسي.

كما اعتبرت المصادر أن لجوء الحكومة إلى قرض صندوق النقد الدولي، يمكن التعامل معه كونه بمثابة اعتراف بفشلها في القدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية والترويج للسياحة، لاسيما مع إنفاق مبالغ طائلة على تجديد المطارات المصرية وشراء أجهزة دقيقة لتأمين هذه المطارات، كما أن الحكومة الحالية تعاملت مع أموال صندوق النقد الدولى تماما بنفس آليات التعامل مع المساعدات الخليجية وهو ما يعنى أنها لن تحقق الاستفادة المرجوة وسيتم إنفاق معظمها على المرتبات والمعاشات والخدمات دون استغلالها في المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتشغيل الشباب المصرى الباحث عن فرصة عمل.

عدم وجود رؤية كاملة للإصلاح، وغياب الوضوح لرجل الشارع، والنتائج الحالية غير المرضية، وفقا لتوقعات عدة من الممكن أن تكتب نهاية صعبة لحكومة شريف إسماعيل قريبا، فهناك بحث يتم الآن عن الشخصية التي تصلح لتولى الأمور الفترة المقبلة بعد أن باتت حكومة شريف إسماعيل سيئة السمعة في الشارع بفضل قرارات الإصلاح الأخيرة التي رفعت من معاناة الشعب المصري.. كما أن برنامج الحكومة تقليدى ولا يتحمل أن تدار الأمور مثلما تدار الآن، والحكومة بحاجة إلى تطبيق برنامج إصلاحى شامل يضمن حل مشكلات القطاعات الاقتصادية المولدة للعملة الصعبة.

اختيار صعب
كما أن الحكومة ستمر باختبار صعب أيضا عقب موافقة مجلس النواب على قانون الخدمة المدنية، والذي سيتسبب في اندلاع مزيد من الاحتجاجات العمالية ضد الحكومة وقد يؤدى أيضا إلى تعطيل العمل بالمصالح الحكومية، إضافة إلى تسريح الآلاف من العاملين بالدولة، لاسيما العاملين بالعقود الموسمية التي تجدد سنويا وتقليص مرتباتهم بشكل كبير، والواضح من القانون أن الحكومة ترغب في التخلص من الأعباء المالية الكبيرة الملقاة على عاتقها دون النظر في الأضرار الناتجة عن هذه القوانين وهو ما يزيد فرص عدم بقائها في المسئولية.

المشروعات المتوقفة هي الأخرى تعد أحد أبرز الملفات المهمة التي تهدد حكومة شريف إسماعيل، لاسيما أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يؤكد ضرورة إنجاز هذه المشروعات لتوفير فرص العمل للشباب في الوقت الذي يبقى فيه عدم توفير التمويل اللازم سببا في تأخر إنجاز هذه المشروعات حتى الآن في ظل عدم إيجاد الحكومة مصادر للتمويل واعتمادها بشكل أساسى على القروض والمنح الخارجية لاسيما منح الخليج.

كما يمثل عدم استطاعة الحكومة تشغيل المصانع المتوقفة أيضا حجر عثرة في طريق استكمالها في ظل الأزمات الكثيرة المتلاحقة التي تهدد استمرارها، بسبب عدم توفيق أوضاع هذه المصانع مع الدولة حتى الآن.
في المقابل أوضحت تقارير رقابية أيضا أن عددا كبيرا من وزراء حكومة شريف إسماعيل أنفق مبالغ طائلة على تجديد مكاتبه، وتغيير أثاث مكتبه، دون داع، متجاهلين الأزمة المالية التي تمر بها البلاد في الوقت الحالى، وغير منصتين لدعوة الرئيس لتخفيض الإنفاق الحكومى والاعتماد على المنتج المحلي، لتقليل التفريط في العملة الصعبة التي تجد الحكومة صعوبة في توفيرها لاستيراد السلع الأساسية.. كما أظهرت التقارير الرقابية أيضًا ضعفا في الخدمات الصحية المقدمة والتعليم.

رئيس وزراء مواز
وفيما يتعلق بالنزول للشارع أغفلت غالبية العناصر الوزارية في حكومة شريف إسماعيل هذا الشق تماما، وتفرغ رئيس الحكومة للعمل في مكتبه بمجلس الوزراء على حساب النزول للشارع، بحجة أن النزول للشارع ليس من مهام رئيس الوزراء، على النقيض مع نظيره السابق إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية، والذي يتولى هذه المسئولية في الوقت الحالي، حيث يقوم بزيارة وتفقد وافتتاح عدد من المشروعات، بما دفع البعض ليقول إن هناك « رئيس وزراء موازٍ»، وهو ما أسهم في قلة شعبيته في الشارع والادعاء بأنه لا يعمل.

ومن أبرز الملفات التي فشلت الحكومة فيها ما يتعلق بتأمين امتحانات الثانوية العامة، وهو ما أسهم في تسريب هذه الامتحانات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما دفع الحكومة لإعادة الامتحان في بعض المواد مما سبب حرجا بالغا لمؤسسة الرئاسة والحكومة التي وصفها الشارع بـ«العاجزة»، كما يأتى أيضا متابعة مشروعات المؤتمر الاقتصادى الذي أنفقت حكومة إبراهيم محلب السابقة الملايين لإقامته وهو ما أسهم في هروب كثير من الاستثمارات التي كانت ستنعش الاقتصاد المصرى المنهار بدلا من البحث عن القروض هنا وهناك في صندوق النقد الدولى والبنك الدولى ودول الخليج.

وكما كان فساد وزير الزراعة واستصلاح الأراضى السابق صلاح هلال سببا مباشرا في الإطاحة بحكومة محلب التي اضطرت لتقديم استقالتها للرئيس لتهدئة الشارع، تتوقع مصادر حكومية رفيعة المستوى أن الحال مماثل مع وزارة شريف إسماعيل، بعدما كشف تقريرا للجنة تقصى الحقائق المشكلة من مجلس النواب للتحقيق في فساد موسم توريد القمح، في جرائم كثيرة ارتكبها وزير التموين المستقيل الدكتور خالد حنفي، وهو ما سيؤدى إلى الغليان من هذه الحكومة في القريب العاجل وربما تطال ملفات الفساد المفتوحة وزراء آخرين سيكونون مسمارا في نعش شريف إسماعيل وسببا مباشرا في الإطاحة به والبحث عن بديل آخر يتولى المهام في الفترة المقبلة.

شريف إسماعيل حمل الشعب المصرى ما لا يطيـق جملة واحدة، فلجأ إلى زيادة شرائح الكهرباء بصورة لا تتناسب مع رواتب المصريين، إضافة إلى زيادة أسعار الغاز والمياه والسلع، وهو ما جعل هناك حالة من العداء بين الحكومة والشارع أثرت بشكل كبير جدا على شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي، ما دفع مجلس النواب إلى التحرك بفاعلية كبيرة للتفكير في سحب الثقة من هذه الحكومة التي باتت تشكل خطرا حقيقيا على مصر في المستقبل القريب، لاسيما بعد أن أصبح القاصى والدانى يرى أنها حكومة ضد الرئيس، وضد الشعب، وضد الحياة، وضد الغلابة وأنها تنال من شعبية الرئيس السيسي بما تصطنعه من أزمات ومشكلات لا تنتهى بدلا من البحث عن حلول لتيسير حياة المصريين.


" نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية