رئيس التحرير
عصام كامل

يسرا سلامة تكتب: «مصر.. إلى أين»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

يعيش المجتمع المصري هذه الأيام وسط ظاهرة غريبة عليه، تفشت بشكلٍ كبير قد تؤدي إلى كارثة إذا لم ننتبه لها في المستقبل القريب، فانتشار السرقة والخطف، بين جموع الشعب المصري في الفترة الأخيرة، جعل منها ظاهرة لافتة للنظر، يجب العمل على الحد من ظهورها سريعًا قبل فوات الأوان.


بدايةً، كان الخطف مقصورًا في السابق على الأطفال الصغار أو الرُضع؛ بغرض التسول بهم، أمَّا اليوم أصبح الخطف لا يُفرق بين الصغير والكبير، كلاهما مُعرض للخطف، في أي وقت ومكان، دون النظر لاعتبار هل من يتم خطفه من أسرة فقيرة، متوسطة الحال، أم كبيرة، فنجد ابنة الأستاذ الجامعي، يُعلن عن خطفها من أمام مكان تدريبها، كما نجد ابن الموظف البسيط يُخطف كذلك أمام أعين والده، إذا ما غاب عنه لثوانٍ معدودة.

وبات الغرض الواضح منه؛ الدخول في عالم تجارة الأعضاء غير عابئين من يقومون بمثل هذا الفعل البغيض، بفكرة أنهم يأخذون روحًا مُقابل الحصول على أجر زهيد من عضو جسدي بها؛ فمال العالم كله لن يُعوض ظِفرًا واحدًا من هؤلاء الشباب الذين يُخطفون يوميًا من أماكن مُختلفة، هادئة كانت أم صاخبة، فالخاطف ما عاد يُفكر في ازدحام المكان من عدمه، فالمال أغراه على التجرأ والإقدام على عمله المشبوه، بغض النظر عن ما إذا كان سيتم كشف أمره أم لا.

وبالنسبة للسرقات التي تتم هي الأخرى في وضح النهار، بطريقة استفزازية، ودائمة، بل والشخوص التي تقوم بهذا الفعل الشائن يكادوا يكونون معروفين وسط منطقة ما، إلا أنَّ لا أحد يقوم بالإبلاغ عنهم أبدًا، فتكون النتيجة استمرارهم في عملهم وتفننهم في تدبير مُخططات عِدة؛ من أجل القيام بسرقاتهم والنصب على ضحاياهم، فتارةً يوهمون ضحيتهم أنهم بحاجة لمن يَعبر بهم الطريق، وتارةً أخرى يوهمونهم أنهم مرضى وبحاجة لمن يعتني بهم وسط الطريق حتى تنتهي أزمتهم، ودائمًا ما يُلازم اللص شخص آخر ليقوم هو بالعمل، بعد أنْ تبلع الضحية الطُعم.

الظاهرتان إذا ما استمرتا على هذا المنوال، ستؤديان إلى كارثة أخلاقية كبيرة على المجتمع بأسره، فالتراحم الذي أوصانا به ديننا الحنيف لن يَعد موجودًا بعد اليوم، فالجميع سينتابه حالة من القلق والرعب على أولاده، وعلى أسرته كلها، وإذا ما رأى مريضًا حقًا في الطريق، أو طاعنًا في السن، لن يَقرب منه، وسيتوجس خِيفة، وبهذا سيفقد المجتمع عُنصرًا مُهما ألا وهو الأمان، وسيصبح الولوج إلى الشارع بمثابة هم كبير على عاتق كل رب أسرة، إذا ما أراد ابنه الخروج لأى سبب، عافانا الله وإياكم من كل همٍّ وسوء، وكفى أولادنا جميعًا شر مصائب الدهر.
الجريدة الرسمية