ده «كت» مش «تي شيرت» يا غبي !
أن تكون جاهلًا ليس عيبًا، كلنا جهلاء في الكثير من الأمور، لكن أن تكون جاهلًا بشيء، متجاهلًا معرفته متكبرًا على من يرشدك إليه هنا تكمن المشكلة الحقيقية.
خلال الأسبوع الماضي كنت في إحدى القرى السياحية بالإسماعيلية، مكان هادئ بعيد عن زحام القاهرة بل وبعيد عن زحام الأسماعيلية الهادئة بطبعها.
يتوسط الفندق الذي كنت أقيم فيه حمام سباحة يبدأ عمله منذ التاسعة صباحًا حتى التاسعة مساءً، على مدخلة لافتة تشير إلى قواعد النزول لحمام السباحة أهمها ارتداء المايوه ومنع ارتداء أي شيء يغطي الجزء الأعلى من الجسم بالنسبة للرجال.
القواعد معروفة ومتبعة في كل حمامات السباحة، لكن رجلًا لم يقرأ تلك التعليمات ولم يكن يعرف فنزل إلى الحمام بـ«كت» وبمجرد أن نزل اقترب منه عامل الحمام بكل هدوء «يا فندم ممنوع تنزل البسين بأي تي شيرت أو أي حاجة من فوق»، انتهى العامل من كلامه وانسحب خطوات إلى الوراء في أدب جم يفرضه عليه لقمة العيش.
لم أر في هذا السلوك أمر يعيب، بل لولا أنني كنت أتابع الأمر من قرب لما أمكن لأحد سماع ما قاله العامل قبل أن يصيح الرجل «إنت مستنيني لما أنزل، ويعني إيه منزلش غير عريان، أقلع النضارة بالمرة، إنتوا هتتشرطوا علينا».
بنفس الهدوء والأدب رد العامل أن تلك هي تعليمات الإدارة التي لا يستطيع مخالفاتها، وأنه لم يقصد أبدًا التسبب في ضيق أي نزيل «العفو يا فندم أنا بس بقول لحضرتك التعليمات ودي تعليمات في كل حتة».
يبدو أن النزيل لم يكن من النوع الجاهل، بل هو الصلف والتكبر فصاح «مش هقلعها»، وهنا تراجع العامل وذهب حيث يجلس حين تأكد أنه أمام نوع يهوى الصوت العالي ولا يتواني في السب والقذف إذا استمر الحديث.
«ثم يا غبي ده كت مش تي شيرت» كلمات أطلقها الرجل، ولم يسمعها غيري فالعامل كما ذكرت ذهب بعيدًا أما أنا فجلست أتابع تلك الكلمات وهذا الرجل، لماذا رفض التعليمات، هل هناك إهانة، الأمر بسيط فقط يخلع هذا الـ«كت» ويستمتع بيومه دون أي تكدير، هل لم يقبل أن ينصحه عامل رغم أن «كلنا ولاد تسعة».
خلال العامين الماضيين نشر العاملون بالفنادق السياحية الكثير من الصور التي تظهر المصريين وهم ينتهكون الفنادق السياحية، ويتعاملون معها بما يخالف القانون والشرع حتى إن بعض أصحاب الفنادق أغلقوا فنادقهم «بلاها سياحة داخلية».
على الجانب الآخر ظهر بعض المدافعين عن هؤلاء البسطاء من منطلق أنهم لا يعرفون كيفية التعامل ومن ثم لا لوم عليهم، لكن في حالة هذا الرجل – والذي في نظري يمثل كل من ظهرت صورهم وهم يشوهون الفنادق– قد عرف كل شيء لكنه أصر على ألا يتبع الأوامر، هو يشعر بداخله أن هذا الفندق ملكيته العامة أول الكلمات التي نطق بها «أطلع أجيب الشنط»، ذهبت إلى العامل الذي عرف مراقبتي للأمر، لم أملك سوى قول «ملعون أبوك يا فقر حاوجني...» فضحك كثيرًا ورد «إمتى الزهر يلعب» !