وسدد الـ 77 مليونا في الحال!
وتقول الأخبار أن أحدهم سدد أمس مبلغ 77 مليون جنيه ليخرج من سراي النيابة على ذمة قضية صوامع القمح! والسؤال: كم حجم أموال الرجل إن كان يسدد على الفور وفي الحال مثل هذا المبلغ؟
لا يمكن لشخص أن ينفق ألف جنيه في لحظة واحدة إلا إن كان يمتلك على الأقل-على الأقل-مثلها مائة مرة على أقل تقدير.. فمن أين جاءت هذه الثروات؟ ولماذا لم نسمع عن كل المتهمين في قضية الصوامع من قبل في عالم البيزنس؟! حتى لا يكاد يعرف غالبية المصريين عنهم شيئا؟
الإجابة عن السؤال السابق تتطلب فتح ملف الخبز واسعا مع العودة للخلف 20 عاما على الأقل..لنحقق ولنسأل عن ثروات من حصلوا على تصاريح المخابز من قيادات الحزب الوطني وكيف حصلوا عليها..وكيف تاجروا في قوت الشعب المسكين الذي مات منه الكثيرون خناقا واختناقا في طوابير الخبز في أحداث مفجعة عمن كانوا ينتظرون العودة لأولادهم بالخبز المدعوم، فلا عادوا بالخبز ولا عادوا هم أنفسهم من الأساس!
مصر الآن تخوض أكبر معركة ضد الفساد..لأنها ببساطة شهدت في الأربعين عاما الماضية اسوأ صور الفساد في تاريخ العالم..لم يتوقف عند حدود التجارة في الطعام الفاسد ولا تلويث مياه النيل بمخلفات الصرف ولا سرقة ونهب المال العام وتسهيل الحصول عليه ولا انتشار الرشوة والمحسوبية والتجارة بحق الغلابة في الوظائف العامة ولا الاستيلاء على أراضي الدولة، والتهريب والتهرب من الجمارك والضرائب، إنما بلغ حد شراء الشهادات العلمية وسرقة دعامات القلب والتجارة في الأعضاء وسرقتها وتوريد أكياس فاسدة لتخزين الدم والتجارة في الأعراض والمخدرات!!
مصر تتعرض منذ أربعة عقود لاسوأ وأشرس حملة ضد شعبها لتغيير نمط معيشته وأخلاقه وقيمه، فضلا عن إضعافه بالمرض والفقر وكان المصريون كلما اشتكوا من وزير استبقته السلطة وتمسكت به أكثر وأكثر، وكلما مدحوا وزيرا استبعدته السلطة وربما لفقت له القضايا عقب خروجه!
هذه التركة الثقيلة على كاهل النظام الحالي لا ينبغي أن يحملها لوحده..على الجميع إعلان الحرب معه على الفساد وفي كل الاتجاهات وبكل الوسائل المتاحة..من إبلاغ الجهات المختصة إلى التصدي لصور الإهمال والفوضي..مع احتساب كل قضية فساد جديدة لمصلحته وليست عليه..امامنا وقت طويل للقضاء على كل صور الفساد خصوصا أنه ترعرع في حضن السلطة لأربعة عقود كاملة سجلتها شاشات السينما في الجوع وأهل القمة وحب في الزنزانة والغول وآخر الرجال المحترمين وحفظتها جدران المحاكم وكتبها التاريخ رغما عن كل المزورين ممن سعوا لتزيين أسوأ فترات من تاريخ مصر..ولا يزالون يحاولون!