حنفي وبكري والقانون..على المحك !
مثل أشياء كثيرة تحدث في هذا الوطن بلا سابق إنذار.. ومثل قضايا كثيرة يثيرها البعض فتشغل الرأي العام لأيام وأسابيع ثم يخبو وهجها وكأنها لم تكن، وكلما سكنت المياه بعض الوقت يسقط فيها مجددا حجر يحركها، ويقلب مياهها من جديد، وتبقي المياه كما هي لا تتغير، ولا تتبدل!
لن أكون سعيدا إذا ثبت أن خالد حنفي وزير التموين متهما، لأن ذلك يعني أننا نحرث مياه البحر لنزرعها خضراوات وفواكه، بعد ثورة كبيرة وعظيمة، كان أبرز ما يميزها هو رغبة هذا الشعب في التغيير إلى الأحسن والأفضل وقدرته على فعل ذلك، ولن أكون سعيدا إذا ثبت أن مصطفى بكري متجنيا أو صاحب غرض أو معلوماته غير دقيقة، وأن الهدف هو تصفية حسابات بينهما أو معركة نيابة عن آخرين، لأن بكري نائب برلمان ولديه من الأدوات والوسائل التي تمكنه من محاسبة المسئول ورقابته تحت قبة مجلس النواب بعيدا عن شاشات الإعلام والتراشق والتلاسن الذي يحط من قدر البرلمان والحكومة، ولكن يبدو أن هذه الثقافة لن تنتهي قريبا حتى يستفيق الناخبون وهم يمارسون حقهم في اختيار العناصر التي تحقق المعادلة الصحيحة بين حسابات الوطن ومسئولياته وبين الشهرة الشخصية والشو الإعلامي !
لكن المؤكد أنني سأكون تعيسا إذا تحول القانون إلى مجرد نصوص في كتاب مركون على الرف، لا يسمن ولا يغني من جوع، أو إذا أصبح القانون عاجزا عن تفعيل مواده في مواجهة وزير في الحكومة أو نائب في البرلمان مهما علا شأناهما كما يفعل في مواجهة البسطاء وصغار الموظفين والغلابة في أبسط المخالفات والتجاوزات.
خالد حنفي وزير التموين يقيم في أحد فنادق الخمس نجوم لمدة تزيد علي الثلاثين شهرا منذ بدأ عمله كوزير في الحكومة.. هل هذا الخبر جديد أو مفاجئ أو سر حربي ؟ بالقطع لا.. لأن الوزير تلاحقه دائما الصحافة والإعلام والكاميرات ليلا ونهارا وتحسب عليه أنفاسه!.. هل كانت الحكومة لا تعلم أين يقيم الوزير، وكيف يقيم؟.. أظن أن هذه معلومات بديهية والسؤال فيها فيه سذاجة كبيرة!.. هل كانت الأجهزة الرقابية لا تعلم من يدفع حساب الإقامة للوزير في الفندق؟ إذا كانت لا تعلم فتلك مصيبة، وإذا كانت تعلم أن في إقامته بالفندق مخالفة وسكتت فالمصيبة أعظم !
خالد حنفي ومصطفى بكري خرجا على الرأي العام وقالا كلاما لا يمكن تكذيبه أو إثباته بشأن من يدفع تكاليف الإقامة.. الأول ينفي والثاني يؤكد.. الاثنان وضعا الرأي العام طرفا لأنهما يخاطبانه.. الوزير يريد أن يبرئ ساحته من الاتهام، والنائب يريد إثبات اتهامه لأنه نائب عن الأمة وحريص على أموال الشعب.. حدث هذا وما زال على الشاشات وصفحات الصحف.
وبما أن الرأي العام صار طرفا وسرت فيه حالة الجدل والبلبلة وطرح الأسئلة الصعبة التي تضع الجميع أمام مسئولياتهم.. لماذا سكت بكري كل هذه الفترة وفجرها الآن وهو نائب وصحفي وإعلامي ولديه صحيفة وصحفيون ومعلومات ومن المؤكد أن المعلومة ليست جديدة عليه؟، هل هناك من دفع بكري لإثارة هذه المسألة لحساب آخرين؟ هل حان التخلص من حنفي وبقيت الطريقة التي يخرج بها من الوزارة؟ إذا خرج حنفي من الوزارة بالإقالة أو الاستقالة أو باتهام جنائي.. ما موقف الحكومة باعتبار أن كل أعمالها تضامنية؟.. أسئلة كثيرة وجدل أكثر لن ينتهي الآن خصوصا وأن هناك ملفا كبيرا سيطال مسئولين وموظفين كبار في وزارة التموين لم يحسم بعد.
حنفي وبكري والقانون على المحك أمام الرأي العام.. إما أن يثق في دولة القانون أو لا يثق فيها، والمخطئ منهما يستحق العقاب أمام الرأي العام كله.