اقتراحات لـ«التقشف» بعيدًا عن «معدوم الدخل»!
هل الحكومة جادة في معالجة الأزمات التي تواجهها، والتغلب على سد العجز في الموازنة، والعمل على زيادة الاحتياطي النقدي؛ بعيدًا عن المنح والمساعدات العربية، والاقتراض من صندوق النقد الدولي، في ظل ارتفاع نسبة الدين المحلى والخارجى إلى 97% من الناتج المحلي الإجمالي؟
بعيدًا عن المقترحات الذي ذكرتها في مقال سابق، وبعيدًا عن إجراءات «التقشف» التي أعلنت عنها الحكومة، هناك إجراءات أخرى أراها «ضرورية جدًا» في هذه المرحلة «الخانقة»، ومن الممكن أن تساهم في حل هذه الأزمات؛ بعيدًا عن تحميل الفقراء، و«معدومي الدخل» أعباءً إضافية.
بعض هذه الإجراءات قابل للتنفيذ الفوري، والبعض الآخر يمكن تطبيقه على عدة مراحل؛ شريطة توافر الإرادة السياسية، والرغبة الحقيقية في الخروج من عنق الزجاجة.
أول هذه الإجراءات- دون ترتيب- الحفاظ على الموارد الطبيعية للبلاد، ومنع هدرها، وترشيد الإنفاق الحكومي والشعبي، من خلال ضوابط صارمة.
ثانيًا: «تقليص عدد الوزارات». فمصر التي يبلغ عدد سكانها نحو «90 مليون نسمة» لديها «34 وزارة» حاليًا، كل وزارة لها مخصصاتها، وموظفيها، والعاملون فيها، رغم الأزمة المالية الطاحنة التي تمر بها البلاد.. في حين أن دولة «متقدمة» مثل اليابان- التي يتجاوز عدد سكانها «127 مليون نسمة»- لديها «19 وزارة»!
أيضًا، الصين- التي يتجاوز عدد سكانها «1.5 مليار نسمة»- تعتمد على «24 وزيرًا فقط».. كما أن الولايات المتحدة الأمريكية- التي يتجاوز عدد سكانها «320 مليون نسمة»- تعتمد على «14 وزارة».. بينما قلصت روسيا الاتحادية عدد وزرائها إلى «22 وزيرًا فقط»، رغم أن عدد سكانها تجاوز الـ«144 مليون نسمة».
ثالثًا: «تقليص عدد أعضاء مجلس النواب». فالبرلمان المصري- الذي تقترب ميزانيته من المليار جنيه «997 مليونًا»- يكاد يكون الأكثر عددا بين دول العالم أجمع بـ«596 نائبًا».. بينما يبلغ عدد أعضاء «الكونجرس» الأمريكي «435 عضوًا».. وعدد أعضاء البرلمان الروسي «450 عضوًا».. وعدد أعضاء البرلمان البرازيلي- التي يتجاوز عدد سكانها «202 مليون نسمة»- «513 عضوًا».. بينما يبلغ عدد أعضاء مجلس النواب الهندي «543 عضوًا»، رغم أن تعداد سكان الهند «مليار و248 مليون نسمة»!
رابعًا: تقليص المخصصات والامتيازات التي يحصل عليها الوزراء، وكبار المسئولين، والموظفين في المؤسسات والهيئات الحكومية.. فليس من المنطقي أن يحقق البترول مثلًا «خسائر سنوية»، ورغم ذلك يُمنح العاملون في هذا القطاع «أرباحًا، ومكافآت، وحوافز»!
خامسًا: تقليل الدعم المخصص لـ«الصحف القومية»، التي تحقق خسائر فادحة، مع إعادة هيكلتها، ودمج بعضها.. وكذلك تقليص الدعم المخصص للتليفزيون المصري، وإعادة هيكلته هو الآخر؛ خاصة في ظل العزوف الشعبي عن كل ما هو «حكومي»؛ عزوف عن قراءة الجرائد الحكومية؛ عزوف عن مشاهدة قنوات ماسبيرو؛ حتى العزوف عن «التصييف» على الشواطئ الحكومية!
سادسًا: التنقية «الفورية» للبطاقات التموينية من غير المستحقين للدعم. فليس من المعقول أن يحصل «المليونيرات»، وأصحاب الرواتب «الفلكية»، على السلع التموينية مثل المواطن «اللي مش لاقي ياكل».. وهناك نماذج صارخة على ذلك!
سابعًا: تقليص عدد العاملين في السفارات والقنصليات في الخارج؛ خاصة تلك التي لا تخدم المصريين، ولا تتابع أوضاعهم.
ثامنًا: تقليل نفقات الوزراء والمسئولين. فيجب البدء فورًا بسيارة واحدة، أو سيارتين لكل وزير، وتقليل أفراد الحراسة، وتقليص عدد «المستشارين»، وترشيد استهلاك الطاقة في المكاتب المكيفة، والحد من استهلاك المياه المعدنية، والوجبات الفاخرة.. إلخ.
تاسعًا: التخلص من «كراكيب الحكومة». فلنا أن نتخيل أن بَيْع «قطع غيار السيارات المتهالكة، والأجهزة المعيبة، والخردة» المتراكمة في مخازن مؤسسات الدولة، من 1995 إلى 2010، من الممكن أن يُدخل إلى خزينة الدولة أكثر من «32 مليار جنيه»، بحسب تقرير سابق للجهاز المركزي للمحاسبات.
وهناك أفكار أخرى يمكن الأخذ بها، وتطبيقها؛ مادامت تؤدي نفس الغرض.. فنحن الآن في أمس حاجة إلى «التقشف» أكثر من أي وقت مضى؛ للخروج من أزمتنا الاقتصادية.